الأربعاء، 4 مارس 2009

كتاب دستور حياة المرأة
تأليف
أحمد عبد المالك الحموي



وصية سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء....

وصيةُ سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالنساءِ

كانَت في رجالِ قُرَيشٍ صَرَامَةٌ على نسائِهِم، ومنهُم مَن كانَ يَعْمَدُ إليهِنَّ بالأذَى، أما سيُّدُ الإنسانِيَّةِ والرَحمةِ سيّدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم فَمَا ضَرَبَ في حياتِهِ امرأةً ولا خَادِمَاً، وهُوَ الذي يقولُ: اتَّقُوا اللهَ في النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ ، وقالَ صل الله عليه وسلم: استوصوا بالنساءِ خيرًا فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أعوجَ وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضلعِ أعلاه فإنْ ذهبتَ تُقِيْمَهُ كسرتَه وإنْ تركتَه لم يزلْ أعوجَ فاستَوصُوا بالنساءِ خَيراً .
وكانَ كَأَغْضَبِ مَا يكونُ إذا سَمِعَ بامرأةٍ يَضْرِبُهَا زوجُهَا، فعَن عبد الله ابن زَمْعَةَ قالَ: وَعَظَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فِي النِّسَاءِ، فَقَالَ: يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُعَانِقُهَا آخِرَ النَّهَارِ....!!؟ .
وعن أمِّ المؤمنينَ عائشةُ رضيَ اللهُ عنهَا قالَت: مَا ضَرَبَ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئاًَ قَطُّ بيدِهِ ولا امرأةً ولا خَادِمَاً؛ إلاَّ أَن يُجَاهِدَ في سبيلِ اللهِ، ومَا نِيْلَ منْهُ شَيءٌ قَطُّ فَينتَقِمُ مِن صاحِبِهِ إلاَّ أَن يُنْتَهَكَ شَيٌء مِن مَحارِمَ اللهِ فَيَنْتَقِمَ .
وقد قالَ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَضْرِبُوا إماءَ اللهِ، فَجاءَ عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنْهُ إلى سيّدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: ذَئِرنَ النساءُ على أزواجِهِنَّ، فَرَخَّصَ في ضَرْبِهِنَّ، فَأطَافَ بآلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِساءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزواجَهُنَّ، فقالَ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لقد طَاْفَ بآلِ محمدٍ نساءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزواجَهُنَّ؛ ليسَ أولئِكَ بِخِيَارَكُم .
وعَن بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قالَ: قلتُ يا رسولَ اللهِ.......نساؤُنَا مَا نَأتِي منهُنَّ ومَا نَذَرُ.......؟ قالَ صلى الله عليه وسلم: ائتِ حَرْثَكَ أنَّى شِئْتَ، وأَطْعِمْهَا إذا طَعِمْتَ، واكْسُهَا إذا اكْتَسَيْتَ، ولا تُقَبِّحِ الوجهَ ولا تَضْرُبْ. وفي روايةٍ بزيادةِ: ولا تَهْجُر إلاَّ في البيتِ .
ولم يَقِفِ الإسلامُ مِن كرامَةِ المرأةِ ورِعَايتِهَا مَوْقِفَ المُكْتَفِي بِكَفِّ الأذَى عنْهَا فَحَسْب، بَل كانَ ممَّا سَنَّهُ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْفِيْهُهَا والحِرْصُ على سرورِهَا، واجْتِلابُ مَا يُفْرِحُهَا، ويَشْرَحُ صدرَهَا في حُدودِ مَا أبَاحَهُ اللهُ وفي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فعَن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا قالَت: كُنْتُ ألْعَبُ بالبناتِ عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان يَأْتِيْنِي صَوَاحِبِي، قالَت: فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَت: فَكَانَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إليَّ فَيَلْعَبْنَ معِي . وفي روايةٍ قالت : كنتُ ألعْبُ بالبنات يوماً، فربما دَخَلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعِندي الجَوارِي، فإذا دَخَلَ خَرَجْنَ وإذا خَرَجَ دَخَلْنَ، ولَهُ في أُخْرَى : أنَّ سيّدنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مِنْ غَزْوة تبوك - أو خَيْبَر - وفي سَهْوَتِها سِتْرٌ فهبَّتْ ريحٌ فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بناتٍ لعَائِشَةَ لُعَبٍ، فقالَ: مَا هذا يا عائشةُ.........؟ قالَت: بَنَاتِي، ورَأى بينَهُنَّ فَرَسَاً لَهُ جَنَاحَان مِن رِقَاعٍ، فقالَ: ومَا هذا الذي أَرَى وَسْطَهُنَّ......؟ قالت: فَرَسٌ، قالَ: ومَا هذا الذي عليهِ........؟ قالَت: جَنَاحَان، قالَ: فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَان.....!؟ قالَت: أَمَا سَمِعْتَ أنَّ لِسُليمانَ عليه السلام خَيْلاُ لهَا أجنحةٌ.......؟ فَضَحِكَ صلى الله عليه وسلم حتى رأيْتُ نَواجِذَهُ.
وعنها رضيَ اللهُ عنها قالَت: واللهِ لقد رأيتُ سيّدنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقومُ على بابِ حُجْرَتِي والحَبَشَةُ يَلعَبُونَ بالحِرابِ في المسجدِ، وسيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لأنْظُرَ إلى لَعِبِهِم بينَ أُذُنِهِ وعَاتِقِهِ، ثُمَّ يقومُ مِن أَجْلِي حتى أَكُونَ أنَا التي أَنْصَرِفُ.


حياتُهُ صلى الله عليه وسلم معَ نسائِهِ وإحسانِهِ إليهِنَّ

حياتُهُ صلى الله عليه وسلم معَ نسائِهِ وإحسانِهِ إليهِنَّ

أمَّا حياتُهُ صلى الله عليه وسلم في بيتِهِ بينَ نسائِهِ فقَد كانَت المَثَلَ الأعلى في كلِّ القِيَمِ و المبادِئِ، وهُو الذي يقولُ: خيرُكُم خيركُم لأهْلِهِ، وأنا خيركُمُ لأهْلِي .
عنِ الأسودِ بن يزيدِ النََخَعِي رضيَ اللهُ عنه قالَ: سألْتُ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا: مَا كانَ يَصْنَعُ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أهلِهِ........؟، فقالَت: كانَ يكونُ في مِهْنَةِ أهلِهِ، فإذا حَضَرَتِ الصلاةُ يتوضَأُ ويَخْرجُ إِلى الصلاةِ .
وعَن عُروةَ قالَ: سألْتُ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا: مَا كانَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعملُ في بيتِهِ......؟،قالَت: يَخْصِفُ نَعْلَهُ ويعمَلُ في بيتِهِ كمَا يَعْمَلُ الرجلُ في بيتِهِ .
وعَن أنسِ بنِ مالك رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: خَدَمْتُ سيدنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنينَ، فمَا قالَ لِي: أُفٍّ قَطُّ ، ومَا قالَ لِي لِشَيءٍ صَنَعْتُهُ؛ لِمَ صَنَعْتَهُ......؟ ولا لِشَيءٍ تَرَكْتُهُ؛ لِمَ تَرَكْتَهُ.....؟، وكانَ سيدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن أَحْسَنِ الناسِ خُلُقَاً .
وكانَ صلى الله عليه وسلم مِنَ التَبَسُّطِ ورَفْعِ الكُلْفَةِ إلى حَدٍّ؛ أَنْ يَسْتَبِقَ هُوَ وامرأتُهُ كَمَا جَاءَ عَن أمِّ المُؤمنينَ عائِشَةَ رضيَ اللهُ عنهَا أنَّها كانَت معَ سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ وهِي جاريةٌ فقالَ لأصحابِهِ تَقَدَّمُوا فَتَقَدَّمُوا، ثمَّ قالَ تَعالِ أُسابِقُكُ؛ فَسَابَقَتْهُ فَسَبَقْتُهُ على رِجْلي، فلمَّا كانَ بعدُ؛ خَرَجْتُ أيضاً معَهُ في سَفَرٍ، فقالَ لأصحابِهِ تَقَدَّمُوا ثُمَّ قالَ تَعالِ أسابِقُكِ ونَسِيْتُ الذي كانَ وقَد حَمَلْتُ اللحْمَ، فَقُلتُ وكيفَ أسابِقُكَ يا رسولَ الله......... وأنا على هذهِ الحالِ، فقالَ لَتَفْعَلِنَّ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فقالَ: هذهِ بِتِلْكَ السَبْقَةِ .
وقالَ أنسٌ رضيَ اللهُ عنهُ في حديثِهِ عَن صَفِيَّةَ رضيَ اللهُ عنها: ....فكانَ صلى الله عليه وسلم يَحْوِي لَهَا وَرَاءَهَ بِعَبَاءةٍ ، ثُمَّ يَجْلِسُ عندَ بَعيرِهِ فَيَضَعُ رَكْبَتَهُ فَتَضَعُ صفيَّةُ رضيَ اللهُ عنها رِجْلَهَا على رُكْبَتِهِ حتى تَرْكَبَ .
عن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها قالَت: أتيْتُ سيدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَزِيرَةٍ طَبَخْتُهَا لَهُ، فقُلْتُ لِسَودَةَ كُلِي، وسيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينِي وبينَهَا، فَقُلْتُ لَتَأكُلِنَّ أو لأُلَطِّخَنَّ وجهَكِ فَأَبَت، فَوَضَعْتُ يدي في الخَزِيْرَةِ فَطَلَيْتُ بها وَجْهَهَا، فَضَحِكَ سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فَوَضَعَ فَخِذَهُ لَهَا وقالَ لِسَوْدَةَ اِلطَخِي وَجْهَهَا فَلَطَّخَتْ وَجهي، فَضَحِكَ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا، فَمَرَّ عُمرُ فَنَادَى يا عبدَ اللهِ...... يا عبدَ اللهِ...... فَظَنَّ سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ سيدْخُلُ فقالَ قُوْمَا فَاغْسِلا وُجُوهَكُمَا، قالَت عائشةُ فمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمر لِهَيْبَةِ سيدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاُه .
وعَنِ النُعمانِ بن بَشير رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: جاءَ أبو بكر رضي الله عنهُ يستأذِنُ على سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها وهِي رَافِعَةٌ صوتَهَا على سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فقالَ: يا ابنةَ أمِّ رُومانَ.......وتَنَاوَلَها أبُوهَا رضيَ الله عنهُ.......أَتَرْفَعِينَ صوتَكِ على سيّدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم......!؟، قالَ: فَحَالَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَهُ وبينَهَا، فلمَّا خَرَجَ أبو بَكر رضيَ اللهُ عنهُ جَعَلَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ لهَا يَتَرضَّاهَا: ألا تَرَيْنَ أنِّي قَد حُلْتُ بينَ الرجلِ وبينَكِ.........؟، قالَ: ثمَّ جاءَ أبو بَكر رضي الله عنهُ فَاستَأْذَنَ عليهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قالَ: فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فقالَ أبو بَكر رضي الله عنهُ: يا رسولَ اللهِ........أَشْرِكَانِي في سِلمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي في حَربِكُمَا .
وعَن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: مَا رأيْتُ أَحَداً كانَ أَرْحَمَ بالعِيالِ مِن سيدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .
وقالَ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَكْمَلَ المؤمنينَ إيمَانَاً أَحْسَنُهُم أَخْلاقَاً، وخِيَارُكُم خِيَارُكُم لِنِسَائِكُم .




مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند المسيحيين القدامى

مَكانَةُ المرأةِ عندَ المَسيحيِّينَ القدامى

لَقَد أَوْعَزَ رِجالُ الدِيْنِ المَسيحِيِّ الأوائِلِ انْتِشَارَ الفَواحِشِ والمُنْكَرَاتِ، ومَا آلَ إليهِ المُجْتَمَعُ مِن انْحِلالٍ أخْلاقِيٍّ شَنِيْعٍ إلى المرأةِ؛ إِذْ اعتَبَرُوهَا مَسؤولةً عَن هذا كُلِّهِ لأنَّها كانَت تَخْرُجُ إلى المُجتَمَعاتِ، وتَتَمَتَّعُ بمَا تَشَاءُ مِن الرجالِ كَمَا تَشَاءُ، فَقَرَّرُوا أنَّ الزواجَ دَنَسٌ يَجِبُ الابتِعَادُ عنْهُ، وأنَّ الأعْزَبَ عندَ اللهِ أَكْرَمُ مِنَ المُتَزوِّجِ، وأَعْلَنُوا أنَّها بابُ الشيطانِ، وأنَّها يَجِبُ أَنْ تَسْتَحِيي مِن جَمَالِها؛ لأنَّهُ سِلاحُ إبليسَ للفِتْنَةِ والإغْرَاءِ. وقالَ القِديسُ سوستام: إنَّها شَرٌّ لابُدَّ مِنْهُ، وآفَةٌ مَرْغُوبٌ فيهَا، وخَطَرٌ على الأسرةِ والبيتِ، ومَحْبُوبَةٌ فَتَّاكَةٌ، ومُصِيْبَةٌ مَطْلِيَّةٌ مُمَوَّهَةٌ .
في رُومَا اجتَمَعَ مُجَمَّعٌ كبيرٌ وبَحَثَ في شُؤونِ المرأةِ فَقَرَّرَ أنَّهَا كائِنٌ لا نَفْسَ لَهُ، وأنَّهَا لَن تَرِثَ الحياةَ الأُخْرَوِيَّةَ لِهذِهِ العِلَّةِ، وأنَّها رِجْسٌ يَجِبُ أَنْ لا تَأْكُلَ اللَحْمَ، وأَنْ لا تَضْحَكَ بَل وأَنْ لا تَتَكَلَّمَ، وعليها أَنْ تُمْضِيَ أوقاتِهَا في الصلاةِ والعِبادَةِ والخِدْمَةِ، وعلى الرجالِ أَنْ يَمْنَعُوهَا الكَلامَ، هذا غَيْرَ العُقُوبَاتِ البَدَنِيَّةِ التي كانَت تُعَرَّضُ لهَا المرأةُ باعتِبَارِ أنَّهَا أداةٌ للإغْوَاءِ يَسْتَخدِمُهَا الشيطانُ لإفْسَادِ القُلوبِ .
وفي فَرنسا سنةَ 586م اجْتَمَعَ مُجَمَّعُ مَاكُون للبَحْثِ في المسائلِ التاليةِ:
• هَلِ المرأةُ مُجَرَّدُ جِسْمٍ لا رُوْحَ فيهِ أَمْ لَهَا رُوْحٌ....؟
• أَتُعَدُّ إنْسَانَاً أَمْ غيرَ إنسانٍ.......؟
وقَبْلَ هذا المُجَمَّعِ طُرِحَت هذهِ التَساؤُلاتِ:
• هَل هِيَ أَهْلٌ لأَنْ تَتَلَقَّى الدِيْنَ.......؟
• وهَل تَصِحُّ مِنْهَا العِبَادَةُ............؟
• وهَل يُتَاحُ لَهَا أَنْ تَدْخُلَ الجنَّةَ في الآخِرَةِ........؟
وقَرَّرَ المُجَمَّعُ: أنَّ المرأةَ إنسانٌ ولكنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِخِدْمَةِ الرجلِ، وتَخْلُو رُوْحُهَا مِنَ الرُوحِ النَاجِيَةِ مِن عَذَابِ جَهنَّم مَا عَدا أمِّ المَسِيْحِ .
واستَمَرَّ احتِقَارُ الغَربِيِّينَ للمرأةِ وحِرمَانُهُم لِحُقُوقِهَا طِيْلَةَ القُرونِ الوُسْطَى، حتى إنَّ عَهْدَ الفُروسِيَّةِ الذي كانَ يُظَنُّ فيهِ أَنَّ المرأةَ احتَلَّتْ شيئَاً مِنَ المَكَانَةِ الاجتِمَاعيَّةِ، فَقَد ظَلَّتْ تُعْتَبَرُ قَاصِرَةً لا حَقَّ لَهَا في التَصَرُّفِ في أموَالِهَا دُوْنَ إذْنِ زَوْجِهَا .
ولمَّا قَامَتِ الثَورَةُ الفَرنسيَّةِ في نِهَايَةِ القَرْنِ الثَامِنِ عَشَر، وأَعْلَنَت تَحْرِيْرَ الإنسانِ مِنَ العُبُوديَّةِ والمَهَانَةِ، لَم تَشْمَلْ بِحُنُوِّهَا المرأةَ، بَل أَعْلَنَ نَابليون بُونَابرت في اجتِمَاعِ مَجْلِسِ الدَولَةِ الذي اجتَمَعَ لِتَشْكِيلِ دُستورِ الثَورةِ وقَوانِيْنِهَا الجَديدةِ رأيَهُ في المرأةِ قَائِلاً: إنَّ الطبيعةَ قَد جَعَلَت مِن نِسائِنَا عَبيدَاً لَنَا.
وبِمُوجَبِ هذا الإعْلانِ صَدَرَ القَانُونُ الفَرنِسيِّ، أستَاذُ القَوانِينِ الحَدِيثَةِ؛ لِيَدْفَعَ المرأةَ إلى الهَواَنِ في أكثَرَ مِن مَوْضِعٍ، فَمَثَلاً:
جَاءَتِ المَادَّةُ 213 مِنَ القَانُونِ الفَرنِسيِّ لِتَفْرِضَ على المرأةِ مَا أَوْضَحَهُ واستَقَرَّ عليهِ القَضَاءُ مِنَ الالتِزَامَاتِ التي تَنُصُّ على الآتِي:
• ليسَ للمرأةِ أَنْ تَتَصَرَّفَ في أيِّ شَيءٍ، ولَو كانَ مِنْ مَالِهَا الذي كانَت تَمْلِكُهُ قَبْلَ الزَواجِ؛ إلاَّ بإذْنِ زَوْجِهَا.
• ليسَ لَهَا جِنْسِيَّةٌ بَعْدَ الزَواجِ إلاَّ جِنْسِيَّةُ زَوْجِهَا.
• فَوْرَ الزَواجِ تَفْقِدُ اسمَ أُسْرَتِهَا لِتَحْمِلَ اسمَ زَوْجِهَا.
كَمَا تَنُصُّ المادَّةُ 214 مِن هذَا القَانُونِ؛ على قَانُونِ بيتِ الطَاعَةِ، وإلْزَامِ الزَوْجَةِ بِقُوَّةِ الشَرِطَةِ العَيْشَ في بيتِ الزَوْجيَّةِ الذي يُحَدِّدُهُ الزَوْجُ، وقَد طبَّقَتْهُ بعضُ البِلادِ العَربيَّةِ التي أَخَذَت بالقَانُونِ الفَرنسِيِّ، ونَسَبَهُ الكَثيرُ إلى الإسلامِ، والإسلامُ مِنْهُ بَرِيءٌ، فالإسلامُ لا يُجْبِرُ المرأةَ أَنْ تَعِيْشَ معَ زَوْجٍ تَكْرَهُهُ أو تَكْرَهُ العَيْشَ مَعَهُ.
وتَنُصُّ المادَّةُ 215 مِنَ القَانُونِ الفَرنسيِّ على أنَّهُ ليسَ للمرأةِ المُتَزوِّجَةِ الحَقُّ في إجْرَاءٍ قَضَائِيٍّ إلاَّ بإذْنِ زَوْجِهَا، وتَسْتَثْنِي المادةُ 216 مِن هذا الإذْنِ حالَتَيْنِ: أَنْ تَكونَ مَطْلُوبَةً في أَمْرٍ مِن الأمُورِ الجِنَائِيَّةِ، أو أَوَامِرِ الشُرطَةِ.
وجَاءَتِ المَادَّةُ 1124 مِنَ القَانُونِ نَفْسِهِ بالنَصِّ التَالِي: ولا يَتَمَتَّعُ بِأَهْليَّةِ التَعَاقُدِ ثلاثَةٌ: القَاصِرُونَ والمَحْجُورُ عليهِم والنساءُ المُتَزَوِّجَاتُ في الحَالاتِ التي حَدَّدَهَا القَانُون.
هذا وقَد ثَار العميدُ (بلانيول) على هذهِ المادَّةِ وقالَ عنْهَا: إنَّها تَضَعُ المرأةَ المُتَزَوِّجَةَ بينَ القَاصِرينَ، بِجِوَارِ المَجَانِيْنَ والأطْفَالِ ، واستَمَرَّ هذا القَانُونُ حتى عامِ 1928م حيثُ عُدِّلَت هذهِ النُصُوصُ لِصَالِحِ المرأةِ، ولَكِن لا تَزَالُ فيهِ بَعْضُ القُيودِ على تَصَرُّفَاتِ المرأةِ المُتَزَوِّجَةِ .
هذا وقَد اتَّفَقَ الفُقَهاءُ والشُرَّاَحُ والبَاحِثُونَ على أنَّ هذا المَوْقِفَ المُشِيْنَ المَهِيْنَ للمرأةِ المُتَزَوِّجَةِ لَم يَكُنْ مَقْصُورَاً على فَرنسا وَحْدَهَا، وإنَّما كانَتِ الحَالُ كَذَلِكَ أَسْوَأُ في بلادٍ أُوربِيَّةٍ مَعْرُوفَةٍ بالتَدَيُّنِ المَسِيْحِيِّ مِثْلَ انجلتَرَا، كَمَا يُقَرِّرُ ذلِكَ فَيَلسُوفُهَا الكبيرُ )ستيوارت ول(، ولَم يَكُنْ مَقْصُورَاً على القَوانِيْنِ المَكْتُوبَةِ، وإنَّمَا كانَ سَارِيَاً في التَقَالِيْدِ والأعْرَافِ المُسْتَقِرَّةِ في تِلْكَ البلادِ والشُعُوبِ المَسيحِيَّةِ في أُوربَا إلى القَرْنِ الثَامِنِ عَشَرَ ، بَل إلى القَرْنِ العِشْرِينَ، فَقَد ظَلَّ القَانُونُ الإنجِليزِيُّ حتى عامِ 1805م يُبِيْحُ للرجلِ أَنْ يَبِيْعَ زوجَهُ، وقَد حُدِّدَ ثَمَنُ الزَوجَةِ بِسِتَّةِ بِنْسَاتٍ، وحَدَثَ أَنَّ إنجليزِياً بَاْعَ زوجَهُ عامَ 1931م بخمسمائةِ جِنِيْهٍ، ولمَّا كانَ قَانُونُ بَيْعِ الزَوجَاتِ قَد أُلْغِيَ فَحُكِمَ على الزَوْجِ بالسجنِ عَشْرَةَ أشْهُرٍ، وحَدَثَ في عامِ 1961م أنَّ إيطالياً باعَ زَوْجَهُ لآخَرَ على أَقْسَاطٍ، فلمَّا امتَنَعَ المُشْتَرِي عَن سَدَادِ الأقْسَاطِ الأخيرَةِ قَتَلَهُ الزوجُ البَائِعُ .

ملاحظَةٌ هامَّةٌ:
نحنُ نُشِيْرُ إلى أنَّ مَا كانَت عليهِ المرأةُ عندَ أَصْحَابِ هَاتَيْنِ الدِيَانَتَيْنِ (اليَهوديَّةِ والنَصْرانِيَّةِ) لا يَحْكِي مَا جاءَت بِهِ شَرَائِعُهُم السماويَّةُ الصحيحَةُ. فَقَد حَرَّفُوا وبَدَّلُوا في تِلْكَ الشَرائِعِ حَسَبَ أَهْوَائِهِم ورَغَبَاتِهِم، حتى صارَ مَا عِنْدَهُم مِنْهَا يُشَكُّ في نِسْبَتِهِ إليهَا.
ولِذَا فَمَا أَوْرَدْنَاهُ عَن مَكَانَةِ المرأةِ عندَ أصحَابِ الدِيَانَتِيْنِ؛ هُوَ مَا كانَ سائِداً في تِلْكَ المُجْتَمَعَاتِ بِغَضِّ النَظَرِ عَن صِحَّةِ مُطَابَقَتِهِ لِمَا جاءَ في شَرائِعِهِم الصَحيحَةِ.

مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند اليهود

مَكانَةُ المرأةِ عندَ اليَهودِ

كانَت بَعْضُ الطَوائِفِ اليَهوديَّةِ تَعْتَبِرُ البِنْتَ في مَرْتَبَةِ الخَادِمِ، وكانَ لأبِيْهَا الحَقُّ في أَنْ يَبِيْعَهَا قَاصِرَةً، ومَا كانَت تَرِثُ إلاَّ إذا لَم يَكُن لأبِيْهَا ذُرِيَّةٌ مِنَ البَنِيْنَ؛ وإلاَّ مَا كانَ يَتَبَرَّعُ بهِ لَهَا أَبُوهَا في حياتِهِ. وحينَ تُحْرَمُ البنتُ مِنَ الميراثِ لِوُجودِ أَخٍ لهَا ذَكَرِ يَثْبُتُ لَهَا على أخيهَا النَفَقَةُ والمَهْرُ عندَ الزواجِ، إذا كانَ الأبُ قَد تَرَكَ عَقَارَاً فَيُعْطِيْهَا مِنَ العَقَارِ، أمَّا إذا كانَ تَرَكَ مَالاً مَنْقُولاً فَلا شَيءَ لَهَا مِنَ النَفَقَةِ والمَهْرِ ولَو تَرَكَ القَنَاطِيْرَ المُقَنْطَرَةَ، وإذا آلَ المِيراثُ إلى البنتِ لِعَدَمِ وُجودِ أَخٍ ذَكَرٍ لهَا؛ لَم يَجُزْ لَهَا أَنْ تتزَوَّجَ مِن سِبْطِ آخَرَ، ولا يَحِقُّ لهَا أَنْ تَنْقُلَ ميراثِهَا إلى غَيْرِ سِبْطِهَا ، وتَكونُ مُمْتَلَكَاتُ الزَوجَةِ تحتَ التَصَرُّفِ الكَامِلِ للزَوْجِ، ونَظَرَاً لِمَا تَحْتَلُّهُ المرأةُ اليَهوديَّةُ مِن مَرْتَبَةٍ دُنْيَا في المُجتمع؛ فَشَهَادَةُ الرجلِ الوَاحِدِ تُعَادِلُ شَهادَةَ مائةِ امرأةٍ .
واليهودُ يَعْتَبِرُونَ المرأةَ لَعْنَةً؛ لأنَّها أَغْوَت آدمَ، وقَد جاءَ في التَوراةِ: المرأةُ أَمَرُّ مِنَ المَوتِ، وإنَّ الصَالِحَ أمامَ اللهِ يَنْجُو منْهَا .


مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الفرس

مَكانَةُ المرأةِ عندَ الفُرْس
ِ
كانَتِ المرأةُ الفَارسيَّةُ عَبْدَةً سَجِيْنَةَ مَنْزِلِهَا، تُبَاعُ بَيْعَ السَوائِمِ، فقَد أَبَاحَتِ الأنْظِمَةُ الفَارسيَّةُ بِيْعَهَا وشِراءَهَا، وكانَت تَحْتَ سُلْطَةِ الرجلِ المُطْلَقَةِ، ويَحِقُّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عليهَا بالمَوتِ دُوْنَ رَقِيْبٍ أو مُؤَاخَذَةٍ، ويَتَصَرَّفُ بِهَا تَصَرُّفَهُ بِسِلْعَتِهِ ومَتَاعِ بيتِهِ، وكانُوا إذا حَاضَتِ المرأةُ أَبْعَدُوهَا عَنِ المَنَازِلِ، وجَعَلُوهَا في خَيْمَةٍ صَغِيْرَةٍ خَارِجَ المَدينَةِ، ولا يُخَالِطُ الحُيَّضَ أَحَدٌ حتى إِنَّ الخَدَمُ يَلُفُّونَ مُقَدَّمَ أُنُوفِهِم وآذَانِهِم وأَيْدِيْهِم بِلَفَائِفَ مِنَ القِمَاشِ الغَليظِ عندَ تَقْدِيمِ الطَعامَ لَهُنَّ وخِدْمَتِهِنَّ، خَوْفَاً مِن أَنْ يَتَنَجَّسُوا إذا مَسُّوهُنَّ أو مَسُّوا الأشياءَ المُحيطَةُ بهِنَّ حتى الهَواءَ.
وشَرٌّ مِن ذلِكَ كُلِّهِ أنَّ الأنْظِمَةَ الفَارسيَّةَ أبَاحَتِ الزَواجَ بالمُحَرَّمَاتِ مِنَ النَسَبِ: كالأمَّهَاتِ والأخَوَاتِ والبَنَاتِ والعَمَّاتِ والخَالاتِ وبنَاتِ الأخِ وبناتِ الأخْتِ، حتى إنَّ (يَزدَجرد الثاني) الذي حَكَمَ في أَوَاخِرَ القَرْنِ الخَامِسِ المِيلادي تَزَوَّجَ بِنْتَهُ ثمَّ قَتَلَهَا ، وأَنَّ (بهرام جوبين) الذي تَمَلَّكَ في القَرْنِ السادِسِ كانَ مُتَزَوِّجَاً بأخْتِهِ.
يقولُ البُروفِسُورُ (أرتهر كرستن سين) أستاذُ الألسِنَةِ الشَرقيَّةِ في جَامِعَةِ كُوبنهاجِن بالدِنمارك، المُتَخَصِّصِ في تَاريخِ إيران، في كتابِهِ (إيرانُ في عَهْدِ السَاسَانِيين):
إنَّ المُؤَرِّخِينَ المُعَاصِرينَ للعَهْدِ السَاسَانِي مثلَ (جاتهياس) وغيرَهُ، يُصَدِّقُونَ بِوُجُودِ عَادَةِ زَواجِ الإيرانييِّنَ بالمُحَرَّمَاتِ، ويُوْجَدُ في تَاريخِ العَهْدِ السَاسَانِي أمثلَةٌ لِهَذَا الزَواجِ، ولعَلَّ الرَحَّالَةُ الصِينِيِّ (هوئن سوئنج) أشَارَ إلى هَذا الزَواجِ بقولِهِ: إنَّ الإيِرانِييِّنَ يَتَزَوَّجُونَ مِن غَيْرِ استِثْنَاءٍ .
ومِنْ قَبْلِ هذا الوَقْتِ في القَرْنِ الثَالِثِ المَسيحِيِّ ظَهَرَ (ماني) في القَرْنِ الثَالِثِ المَسيحِيِّ، وكانَ ظُهُورُهُ رَدَّ فِعْلٍ عَنِيْفٍ غيرَ طبيعِيِّ ضِدَّ النَزْعَةِ الشَهَويَّةِ السَائِدَةِ في البِلادِ، ونَتِيْجَةَ مُنَافَسَةِ النُورِ والظُلْمَةِ الوَهْمِيَّةِ، فَدَعَا إلى حياةِ العُزُوبَةِ لِحَسْمِ مَادَّةِ الفَسَادِ المُنْتَشَرِ في العَالَمِ، وأَعْلَنَ أنَّ امْتِزَاجَ النُورِ بالظُلْمَةِ شَرٌّ يَجِبُ الخَلاصُ مِنْهُ، فَحَرَّمَ النِكَاحَ استِعْجَالاً للفَنَاءِ وانْتِصَارَاً للنُورِ على الظُلْمَةِ بِقَطْعِ النَسْلِ، فقَتَلَهُ (بهرام) سنةَ 276م قائِلاً: إنَّ هذا خَرَجَ دَاعِيَاً إلى تَخْريْبِ العَالَمِ، فالوَاجِبُ أَنْ يَبْدَأَ بِتَخْريبِ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَهَيَّأَ لَهُ شَيءٌ مِن مُرَادِهِن ولكنَّ تَعَالِيْمَهُ لَم تَمُتْ بِمَوْتِهِ بَل عَاشَت إلى مَا بَعْدَ الفَتْحِ الإسَلامِيِّ.
ثمَّ ثَارَت رُوْحُ الطَبيعَةِ الفَارسيَّةِ على تَعَالِيمِ (مَانِي) المُجْحِفَةِ، وتَقَمَّصَت دَعْوَة (مزدك) الذي وُلِدَ 487 م فأعْلَنَ أَنَّ النَاسَ وُلِدُوا سَواءً لا فَرْقَ بينَهُم، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعِيْشُوا سَواءً لا فَرْقَ بينَهُم، ولمَّا كانَ المالَ والنِساءُ مِمَّا حَرَصَتِ النُفُوسُ على حِفْظِهِ وحِرَاسَتِهِ كانَ ذلِكَ عندَ (مزدك) أهَمَّ مَا تَجِبُ فيهِ المُساواةُ والاشتِرَاكُ.
قالَ الشهرستاني :( أحَلَّ النِساءَ وأبَاحَ الأمْوَالَ وجَعَلَ النَاسَ شِرْكَةً فيهَا كاشْتِرَاكِهِم في الماءِ والنَارِ والكَلأ ). وحَظِيَت هذهِ الدَعوةُ بِمُوافَقَةِ الشُبَّانِ والأغْنِياءِ والمُتْرَفِينَ وصَادَفَت مِن قُلوبِهِم هَوَىً، وسَعِدَت كَذلِكَ بِحَمايَةِ البَلاطِ، فَأَخَذَ (قباذ) يُنَاصِرُهَا ونَشَطَ في نَشْرِهَا وتَأييدِهَا حتى انْغَمَسَت إيرانُ بِتَأثِيْرِهَا في الفَوْضَى الخُلُقِيَّةِ وطُغْيَانِ الشَهَواتِ، حتى صَارُوا لا يَعْرِفُ الرجلُ وَلَدَهُ ولا المَولُودُ أبَاهُ .


مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الاغريق

مَكانَةُ المرأةِ عندَ الإغْرِيقِ
كانَتِ المرأةُ عندَ اليُونانيِّينَ مُصَانَةً وعَفِيْفَةً، وكانَ الحِجَابُ شَائِعَاً بينَهُم، وكانَ زَواجُ المرأةِ ومُلازَمَتُهَا لِزَوْجِهَا يُعَدُّ مِن أَمَارَاتِ النَجَابَةِ والشَرَفِ، ولِذَلِكَ نَجِدُهُم يَنْظُرونَ إلى حياةِ الدَعَارةِ والعُهْرِ نَظْرَةَ ازدِرَاءٍ بالِغٍ، ولكنْ سُرْعَانَ مَا تَغَيَّرَ هذا الحَالُ حيثُ أَصْبَحَتِ المادِيَّةُ هِيَ شِعَارُهُم وتَغَلَّبَت عليهِم الشَهَوُاتُ ، وتَرَتَّبَ على هذا الشِعَارِ أَنْ ظَهَرَت عِنْدَهُم قِلَّةُ الدِيْنِ، وفي ذلِكَ يقولُ أحدُهُم: إنَّ المَصرييِّنَ كانُوا يُعَظِّمُون آلهَتَهُم بالتَضَرُّعِ والبُكَاءِ، وكانَ اليُونانيُّونَ يُعَظِّمُون آلِهَتَهُم بالرَقْصِ والغِنَاءِ. ولِذلِكَ انْتَشَرتِ الفَوْضَى والجَرْيَ وراءَ الشَهَواتِ العَاجِلَةِ وانْتِهَابِ المَسَرَّاتِ والْتِهَامَ الحياةِ التِهَامَ الجَائِعِ النَهِمِ .
وعليه فَقَد انْحَدَرَت مَكَانَةُ المرأةِ انْحِدَارَاً كَبيراً حيثُ كانَت عِنْدَهُم مَخْلُوقَاً حَقِيْرَاً ذَلِيْلاً وكانَت مُهَانَةً ومُضَّطَهَدَةً وتُعْتَبَرُ رِجْسِاً مِن عَمَلِ الشيطانِ، وكانَ المُجتَمَعُ الإغْرِيقِيِّ يَعْتَقِدُ أنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنَ الدَرْكِ الأسْفَلِ، وكانُوا لا يُجَالِسُونَهَا على مائدةِ الطَعامِ ، وكانَتِ المرأةُ إذا وَضَعَت طِفْلاً دَمِيْمَاً قَضُوا عليْهَا .
وكانُوا يَتَعَامَلُونَ مَعَهَا وكَأنَّهَا سِلْعَةً ولِذَلِكَ كانَت تُبَاعُ وتُشْتَرَى وكانَت تُحْرَمُ مِنَ التَعْليمِ وتُزَوَّجُ دُوْنَ رِضَاهَا وكانَت تُمْنَعُ مِنَ المِيراثِ.
ولم يَكُنْ في مَقْدُورِهَا أَنْ تَتَعَاقَدَ على شيءٍ أو تَسْتَدِين أَكْثَرَ مِن مَبْلَغٍ تَافِهٍ أو أَنْ تَرْفَعَ قَضَايَا أمامَ المَحَاكِمِ. ومِن شَرائِعِ صُولون أَنَّ العملَ الذي يقومُ بهِ الإنسانُ تحتَ تَأثيرِ المرأةِ عَمَلٌ باطِلٌ قانونَاً، وإذا ماتَ الرجلُ لَم تَرِثِ المرأةُ شيئَاً مِن مَالِهِ . وكانَ فَلاسِفَتُهُم وكُتَّابُهُم يُعَبِّرُون عَن هذهِ المَهَانَةِ عندَ الكلامِ عَنِ المرأةِ.
يقولُ سُقراط: إنَّ وُجُودَ المرأةِ هُوَ أكبَرُ مَنْشَأٍ ومَصْدَرٍ للأزْمَةِ والانْهيارِ في العَالَمِ، وأنَّ المرأةَ تُشْبِهُ شجرةً مَسْمُومَةً ظَاهِرُهَا جميلٌ ولَكِن عندَمَا تَأكُلُ منها العَصَافيرُ تَموتُ حَالاً . وعَنْهَا يقولُ هِيرودوت: إنَّ مُعْظَمَ الشُرُورِ في العَالَمِ مِن صُنْعِ النِساءِ. وعَنْهَا يقولُ أَرُسطو: إنَّ المرأةَ للرجلِ كَالعَبْدِ للسَيِّدِ والعَامِلِ للعَالِم والبَربَريِّ لليُونَانِي، وأنَّ الرجلَ أَعْلَى دَرجَةً مِنَ المرأةِ ".
أمَّا أندروسكي فَيَصِفُ شَخصيَّةَ المرأةِ قَائِلاً: قد نَتَمَكَّنُ مِن أَنْ نُعَالِجَ حُرْقَةَ النارِ وَلَدْغَةَ الحيَّةِ ولكِن ليسَ للمرأةِ السيِّئَةِ الأخْلاقِ أيُّ عِلاجٍ .
والمَجتَمَعُ الإغْرِيقي كانَ يَعْتَقِدُ أنَّ المرأةَ هِيَ سببُ أَوْجَاعِ وآلامِ العَالَم. وذلِكَ تَحْكِيْهِ أُسطُورةُ (باندورا): تقولُ الأسطُورةُ إنَّ الناسَ كانُوا يَعِيشُونَ في أَفْرَاحٍ ولا يَعْرِفُونَ مَعْنَى الألَمِ ولا الحُزْنِ، ولكنَّ الطبيعةَ أَوْدَعَت أَحَدَ الناسِ صُنْدُوقَاً وأَمَرَتْهُ ألاّ يَفْتَحَهُ؛ ولكنَّ زَوْجَتَهُ (باندورا) أَخَذَت تُلِحُّ عليهِ وتُغْرِيهِ بِفَتْحِ الصندوقِ، ومَا أَنْ فَتَحَهُ حتى انْطَلَقَت منهُ الحَشَراتُ المُفْزِعَةُ، ومُنْذُ تِلكَ اللَحْظَةِ أُصِيْبَ الناسُ بالآلامِ والأحْزَانِ، وحَلَّتِ الكَوارِثُ والآلامُ على البَشريَّةِ .
وفي بلادِ الإغْرِيقِ شَاعَتِ الفَاحِشَةُ وأَصْبَحَ الزِنَا أَمْرَاً مَألُوفَاً، وانتَشَرت دُوْرُ البِغَاءِ واخْتَلَطَ النساءُ بالرجالِ في المُنتدياتِ وفي كُلِّ مَكانٍ، وتَبَوَّأتِ العَاهِراتُ مَكَاناً عَالِياً ومَرْمُوقَاً في المُجْتَمَعِ الإغْرِيقِيِّ، وأَصْبَحَت دُوْرُ البَغَايَا مَرَاكِزَ للسياسةِ والأدَبِ، ثمَّ اعتَرَفَت دِيَانَتُهُم بالعَلاقَةِ الآثِمَةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ، وشَاعَ بينَهُمُ اللُواطُ أيْضَاً وبَدَأُوا يَتَّخِذُونَ التَمَاثِيلَ العَاريَّةَ باسمِ الأدَبِ والفَنِّ، حيثُ أقَامُوا تِمْثَالَ (هرمرديس وأرستوجين) وهُمَا في عَلاقَةٍ شَاذَّةٍ .
َلقد كانَ ديموستين يقولُ: إنَّنَا نَتَّخِذُ العَاهِراتِ للَّذَةِ والخَلِيلاتِ لِصِحَّةِ أَجْسَامِنَا اليوميَّةِ، والأزواجُ لِيَلِدْنَ لَنَا الأبناءَ الشَرعيِّينَ ويَعْنَيْنَ بِبُيوتِنَا عِنَايَةً تَنْطَوي على الأمَانَةِ والإخلاصِ .
وأصبَحَتِ المرأةُ عندَ الإغْرِيقِ رَخِيْصَةً يُخَادِنُهَا مَن يُريدُ وبِدُونِ عَقْدٍ ولا نِكَاحٍ. وأَعْلَنَ أفلاطون شِيُوعيَّةَ النساءِ وإلغَاءَ نِظَامِ الأسْرَةِ على أَنْ تَتَكَفَّلَ الدولةُ بِتَربيَّةِ الأبناءِ .
وانْفَرَطَ عَقْدُ الأسْرَةِ ومَنْزِلُ الزَوجيَّةِ حيثُ أَصْبَحَ بإمكانِ الزَوْجُ أَنْ يَزْنَِيَ في مَنْزِلِ الزَوجيَّةِ ولا تَعْتَرِضُ الزَوجَةُ، ولَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا متى شاءَ وهِيَ بَعْدَ الطلاقِ تَكُونُ مُقَيَّدةً برأيِهِ فَلا تَتَزَوَّجُ إلاَّ مِمَّن يُريدُهُ لَهَا، وإذا أَشْرَفَ هذا الزَوجُ على المَوتِ فإنَّهُ يُحَدِّدُ الزَوْجَ الجديدَ ولا يَعْتَرِضُ أَحَدٌ .
ولقد حَدَثَ هذا التَدَنِّيَ الأخلاقِيَّ بسببِ أُسُطورَةٍ أيضَاً؛ تَقولُ إنَّ (أفروديت) كانَت زوجَةَ إلَهٍ ولكنَّهَا خَادَنَت ثلاثةً آخَرِينَ، ثمَّ خَادَنَت رجلاً مِن عَاَّمةِ النَاسِ فَوَلَدَت (كيوبيد)، ولمَّا كانَ (كيوبيد) هذا هُوَ ثَمَرَةُ ذلِكَ الاتِّصَالِ العَجِيْبِ أَصْبَحَ اليُونانيُّونَ لا يَحْتَرِمُونَ عَقْدَ الزَواجِ ويَنْظُرُونَ إليهِ بِعَيْنٍ حَمْرَاءَ .
هذا ويَحفظُ التاريخُ أنَّ أَهْلَ أسبَرطَة كانُوا قَد أَعْطَوُا نِساءَهُم بعضَ الحُريَّةَ ومَنَحُوهُنَّ بعضَ الحُقوق، إلاَّ أنَّ الفَيلسوفَ أَرِسطو كانَ يَعْتَقِدُ أنَّ سُقُوطَ أَسبرطة كانَ بسببِ مَنْحِ أهْلِهَا الحريَّةَ للنساءِ. والطريفُ أنَّ هذهِ الحريَّةَ التي يَأْسُو عليهَا ـ حكيمُ اليُونانِ ـ كانَت حُريَّةً إلى الدَعَارَةِ أقْرَبُ، فالمرأةُ في أسبرطة كانَت تَتَزَوَّجُ أكثَرَ مِن رجلٍ واحِدٍ في الوقْتِ الذي كان يَحْرُمُ على الرجلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أكثَرَ مِن امرأةٍ إلاَّ في الحَالاتِ الضَروريَّةِ جدَّاً. ولَم تَكُن تِلْكَ الحُريَّةَ اعتِرَافَاً بِفَضْلٍ أو بِأَهْليَّةٍ ولكِنْ كانَ ذلِكَ لِوَضْعِ المَدينَةِ الحَرْبِيِّ، فَالرجالُ كانُوا يَشْتَغِلُونَ بالحُروبِ ويَتْرُكُونَ النساءَ للتَصَرُّفِ أثنَاءَ غِيَابِهِم عَن الدِيار .
وفي أسبرطة أصبحَ القَانُونُ الوَطَنِيُّ يُجْبِرُ المرأةَ على مُقَاسَمَةِ الرجلَ القِتَالَ في الحُروبِ الدَاميَّةِ، وسَلَبَهَا حَنَانَهَا وشَفَقَتَهَا حيثُ يُؤْخَذُ مَوْلُودُهَا ويُطْرَحُ في زاويَةٍ مِن زَوايَا غُرْفَةٍ مُظْلِمَةٍ يَبْكِي ويَتَأَلَّمُ اعتِقَادَاً مِنْهُم أنَّ ذلِكَ يُمَرِّنُهُ على الشَجَاعَةِ وتَحَمُّلِ المَشَقَّةِ .


مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الرومان

مَكانَةُ المرأةِ عندَ الرُومَانِ

كانَ الرُومَانيُّونَ تَمَامَاً كَاليُونانيِّين يَهْتَمُّونَ في بَادِئ الأمْرِ بِعَفَافِ المرأةِ وشَرَفِهَا، وكانَتِ المرأةُ تَتَبَوَّأ مَكانَةَ العِزِّ والكَرامَةِ، وكانُوا يَنْظُرونَ للمُومِسَاتِ نَظْرَةَ ازدِرَاءٍ واحْتِقَارٍ وتَعْيِيرٍ ولكنَّ مَا حَدَثَ في اليُونانِ حَدَثَ في الرُومانِ وتَبَدَّلَ الحَالُ وانْقَلَبَ رَأساً على عَقِبٍ، وأُعْطِيَتِ المرأةُ حريَّةً كَامِلَةً وأَصْبَحَت طَلِيْقَةً لا سُلطانَ عليهَا مِن أبٍ وزَوْجٍ.
وتَرَتَّبَ على ذلِكَ أَنَّ سُلْطَةَ المرأةِ قَوِيَتْ وأَصْبَحَت هِيَ السيِّدُ وأَصْبَحَ الأزوَاجُ يَقتَرِضُونَ مِن زَوْجَاتِهِم فَأصْبَحُوا عَبِيْدَاً لَهُنَّ ، وتَرَتَّبَ على ذلِكَ أيضَاً انْتِشَارُ الفَاحِشَةِ، وأَصْبَحَ الزِنَا أَمْرَاً عادِيَّاً.
هَا هُوَ (كاتو) المَشْهُورُ يُعْلِنُ جَوَازَ اقْتِرَافِ الفَحْشَاءِ في عَصْرِ الشبابِ. ويقولُ إبكتتس لِتَلاميذِهِ: تَجَنَّبُوا مُعَاشَرَةَ النساءِ قَبْلَ الزَواجِ إِنْ استَطَعْتُم، ولكنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ تَلُومُوا أَحَدَاً أو تُؤَنِّبُوهُ إذا لَم يَتَمَكَّنْ مِن كَبْحِ جِمَاحِ شَهْوَاتِهِ .
وتَرَتَّبَ أيضَاً على ذلِكَ أَنْ استَفْحَلَ الأمْرُ وانْتَشَرَت ظَاهِرَةُ استِحْمَامِ الرجالِ والنساءِ في مَكَانٍ واحِدٍ بِمَرْأى ومَشْهَدٍ مِنَ الناسِ، ونَالَتْ مَسرحيَّةُ (فلورا) حُظْوَةً كبيرةً لِكَوْنِهَا تَحْتَوي على سِبَاقِ النساءِ العَارياتِ .
ولَقَد بَلَغَ مِنَ ذلِكَ أنَّ (الدوطة) التي كانَت تَنْتَقِلُ بها المرأةُ من بيتِ أهلِهَا؛ تُعْتَبَرُ مُلْكَاً خَالِصَاً لِزَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ تَحَوُّلِهَا إليهِ. وتَرَتَّبَ على ذلِكَ هَوُانُ عَقْدِ الزَواجِ؛ فَالفتاةُ إذا تَزَوَّجَت أَبْرَمَتْ معَ زوجِهَا عَقْدَاً يُسَمَّى (اتِّفَاقُ السيادَةِ) وذلِكَ بإحدَى طُرُقٍ ثلاثٍ:
• في حَفْلةٍ دِينيَّةٍ على يَدِ الكَاهِنِ.
• بالشِراءِ الرَمْزِيِّ، أي أَنْ يَشْتَرِيَ الزَوجُ زوجَتَهُ.
• بالمُعَاشَرةِ المُمتَدَّةِ بعدَ الزَواجِ إلى سَنَةٍ كامِلَةٍ .
وترتَّبَ على ذلِكَ أيضَاً أَنْ سَهُلَ أَمْرُ الطلاقِ وكَثُرَ لِحَدِّ مُلْفِتٍ، ويَتُمُّ اللُجُوءُ إليهِ ولأَتْفَهِ الأسبابِ، يقولُ (سينكا) في ذلِكَ: لَم يَعُدِ الطلاقُ شيئَاً يُنْدَمُ عليهِ أو يُسْتَحَى منهُ في بلادِ الرُومانِ، وقَد بَلَغَ مِن كَثْرَتِهِ وذُيُوعِ أَمْرِهِ أَنْ جَعَلَتِ النساءُ يَعْدُدْنَ أعمارَهُنَّ بأعدادِ أَزْوَاجِهِنَّ. وذَكَرَ (مارسل) أَنَّ امرأةً تَزَوَّجَت عَشْرَةَ رِجالٍ، وكَتَبَ (جونيل) عَنِ امرأةٍ تَزَوَّجَت ثَمانِيَةَ أزواجٍ في خَمْسِ سَنَوُاتٍ، وذَكَرَ القديس (جروم) أَنَّ امرأةً تَزَوَّجَت في المرَّةِ الأخيرَةِ الثالثَ والعِشرينَ مِن أَزْوَاجِها وكانَت أيضَاً الزَوْجَةَ الحَاديَةَ والعِشرينَ لِبَعْلِهَا .
والمرأةُ عندَ الرُومانِ كانَت دُوْنَ أَهْلِيَّةٍ ماليَّةٍ. يقولُ د.السباعِي في ذلِكَ: أمَّا الأهليَّةُ المَاليَّةُ فَلَم يَكُنْ للبِنْتِ حَقُّ التَمَلُّكِ وإذا اكتَسَبَت مَالاً أُضِيْفَ إلى أَمْوَالِ ربِّ الأسْرَةِ ولا يُؤَثِّرُ في ذلِكَ بُلوغُهَا ولا زَوَاجُهَا .
وكانَتِ المرأةُ مُهَانَةً ومُضَّطهَدَةً، ولِذلِكَ كانَ الشِعَارُ الذي أَطْلَقَهُ مُشَرِّعُ الرُومانِ (كاتو) في ذلِكَ: إنَّ قَيْدَ المرأةِ لا يُنْزَعُ، ونِيْرَهَا لا يُخْلَع .
وكانُوا يَزْدَرُونَهَا ازْدِرَاءً شَديداً فَيَنْظُرونَ إليهَا وكَأنَّهَا كائِنٌ بلا رُوْحٍ، وكانُوا يَحْرِمُونَها مِنَ الضَحِكِ ومِنَ الكَلامِ إلاَّ بِإذْنٍ، وكانَ بَعْضُهُم يَضَعُ في فَمِهَا قِفْلاً مِن حديدٍ يُسَمُّونَهُ (الموسليير)، وكانُوا يَحْرِمُونَهَا مِن أَكْلِ اللُحُومِ، وكانُوا يُعَرِّضُونَهَا لأشَدِّ أنواعِ العُقُوبَاتِ البَدَنِيَّةِ باعتِبَارِهَا أَدَاةً للغِوَايَةِ وأُحْبُولَةً مِنَ أَحَابِيْلِ الشيطانِ.
وعَنْهَا يقولُ د. محمد عبدُ العليمَ مُرسي: وحَسْبَ قانونِ رُوما لَم يَكُنْ للمرأةِ أَنْ تَظْهَرَ في المَحْكَمَةِ حتى ولَو كانَت شَاهِدَةً، وإذا ماتَ زَوْجُهَا لَم يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بأيِّ حَقٍّ لَهَا في مَالِهِ، وكانَت في كُلِّ أَدْوَارِ حياتِهَا تَحْتَ رَقَابَةِ رَجُلٍ هُوَ أَبُوهَا أو أَخُوهَا أو زَوْجُهَا أو حتى ابنُهَا .
وفي عَهْدِ الإمبَراطُوريَّةِ الرُومانِيَّةِ كانَتِ المرأةُ تُوَاجِهُ أَقْسَى العُقَوبَاتِ، فَالرُومانِ كانُوا يَسْكُبُونَ الزيتَ الحَارَّ على أَبْدَانِهِنَّ، ويَرْبِطُونَهُنَّ بِذُيُولِ الخُيولِ التي تَنْطَلِقُ بِأَقْصَى سُرعَةٍ، كَمَا يَربِطُونَهُنَّ أحيَانَاً بالأعْمِدَةِ ويَصُبُّونَ النَارَ على أبدَانِهِنَّ ، وكانَ الزَوجُ أحيانَاً يَحْكُمُ على زوجَتِهِ بالإعْدَامِ في بَعْضِ التُهَمِ .
ويَرَى فَقِيْهُ الرُومانِ (شيسرون) أنَّ المرأةَ ضَعِيْفَةٌ وقَليلَةُ الخِبْرَةِ ونَاقِصَةُ العَقْلِ. ولِهَذَا السببِ عَرَفَ الرُومانُ نِظَامَ الوِصَايَةِ على النساءِ، ولَقَد ظَلَّتِ المرأةُ على هذا الحَالِ حتى جَاءَ الإمبَراطُورُ (أوغسطس) الذي مَنَحَ المرأةَ الحَقَّ في طَلَبَ عَزْلِ وَصِيِّهَا الشَرْعِيِّ واستِبْدَالِهِ بِآَخَرَ، والذي ظَهَرَت في عَهْدِهِ قَوانِيْنَ جُوليَا الشهيرة التي بِمُوجِبِهَا أُنْشِئَ امتِيَازُ الأولادِ، ومُتْقَضَاهُ أَنْ يُمْنَحَ امتِيَازُ الأولادِ للمرأةِ الحُرَّةِ الأصيْلَةِ التي أَنْجَبَت ثلاثةَ أولادٍ، وللمَعْتُوقَةِ التي أَنْجَبَت أربعَةً، وهُوَ يَقْضِي بِتَحْريْرِ أولئكَ الأمَّهاتِ مِنَ الوِصَايَةِ، وقَد أُلْغِىَ نِظَامُ الوِصَايَةِ هذا أَخِيْرَاً بِوَاسِطَةِ الإمبَراطُور (تِيودور) وأُعْطِيَ امتِيَازُ الأولادِ لِجَمِيْعِ نِساءِ الإمبَراطُوريَّةِ .


مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الهنود

مكانةُ المرأةُ عندَ الهُنُودِ

في شَرائِعِ الهِنْدُوسِ أنَّهُ:( ليسَ الريحُ والموتُ والجحيمُ والسُمُّ والأفَاعِي والنارُ أسوأَ مِنَ المرأةِ).
ويقولُ الدكتورُ مصطفَى السِبَاعِي رَحِمَهُ اللهُ تَعالى: (ولم يَكُنْ للمرأةِ في شريعَةِ (مَانُو) حَقٌّ في الاستقلالِ عَن أبيْهَا أو زوجِهَا أو وَلَدِهَا، فإذا ماتَ هؤلاءُ جميعَاً وَجَبَ أَنْ تَنْتَمِيَ إلى رجلٍ مِن أقَاربِ زوجِهَا، وهِيَ قَاصِرَةٌ طِيلَةَ حياتِهَا، ولَم يَكُن لَهَا حَقٌّ في الحياةِ بعدَ وَفاةِ زَوجِهَا بل يجبُ أَنْ تموتَ يومَ موتِ زوجِهَا، وأَن تُحْرَقَ معَهُ وهِيَ حيَّةٌ على مَوْقِدٍ واحِدٍ، واستَمَّرَت هذهِ العادَةُ حتى القَرنِ السابِعَ عشرَ حيثُ أُبْطِلَت على كُرْهٍ مِن رِجالِ الدينِ الهُنُودِ، وكانَت تُقَدَّمُ قُرْبَاناً للآلهَةِ لِتَرْضَى، أو تَأْمُرَ بالمطرِ أو الرِزقِ، وفي بعضِ مَنَاطِقِ الهندِ القَديمَةِ شَجرةٌ يجبُ أَنْ يُقدِّمَ لهَا أهلُ المنطقَةِ فتاةً تَأكُلُهَا كُلَّ سنَةٍ؟!
زِد إليهِ كذلِكَ مَا يُحَدِّثُ بهِ بعضُ المُؤرِّخِينَ؛ أَنَّ رجالَ بعضِ الفِرَقِ الدينيَّةِ كانُوا يَعُبدونَ النساءَ العَارياتِ، والنساءُ يَعْبُدُنَ الرجالَ العُرَاةَ، وكانَ كَهَنَةُ المَعَابِدِ مِن كِبارِ الخَوَنَةِ والفُسَّاقِ الذين كَانُوا يَسْلِبُونَ الرَاهِباتِ والزَائِراتِ أَعَزَّ مَا عندَهُنَّ، وقَد أصبحَ كثيرٌ مِنَ المَعَابِدِ أماكُنُ يَتَرَصَّدُ فيهَا الفَاسِقُ لِطُلْبَتِهِ، ويَنالُ فيهَا الفَاجرُ بُغْيَتَهُ، وإذا كانَ هذا شأنُ البيوتِ التي رُفِعَت للعِبَادةِ والدِينِ فَمَا ظَنُّ القَارِئ بِبَلاطِ المُلوكِ وقُصُورِ الأغنياءِ.........؟! فقَد تَنَافَسَ فيهَا رِجَالُهَا في إتْيَانِ كُلِّ مُنْكَرٍ ورُكُوبِ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وكانَ فيهَا مَجَالِسُ مُختَلِطَةٌ مِن سادةٍ وسيداتٍ، فإذا لَعِبَتِ الخَمْرُ برؤوسِهِم خَلَعُوا جِلْبَابَ الحياءِ والشَرَفِ وطَرَحُوا الحِشْمَةَ فَتَوَارَى الأدبُ وتَبَرْقَعَ الحياءُ ......هكَذا أَخَذَتِ البلادُ مَوْجَةً طاغِيَةً مِنَ الشَهَواتِ الجِنْسِيَّةِ والخَلاعَةِ.
وقَد نَزَلَتِ النساءُ في هذا المُجتَمَعِ مَنْزِلَةَ الإمَاءِ، وكانَ الرجلُ قَد يَخْسَرُ امرأتَهُ في القِمَارِ، وكانَ في بعضِ الأحيانِ للمرأةِ عِدَّةُ أزواجٍ فإذا ماتَ زَوجُهَا صَارَت كالموءودةِ لا تَتَزَوَّجُ، وتَكونُ هدفَاً للإهَانَاتِ والتَجْرِيحِ، وكانَتْ أَمَةَ بيتِ زوجِهَا المُتَوَفَّى وخَادِمَ الأَحْماءِ ، وقَد تَحْرِقُ نَفْسَهَا إثْرَ وفاةِ زوجِهَا تَفَادِياً مِن عذابِ الحياةِ وشَقَاءِ الدنيا.
وهَكذا صارَت هذهِ البلادُ الخَصْبَةُ أرضَاً، وهذهِ الأمَّةُ التي وَصَفَهَا بعضُ مُؤرِّخِي العَربِ بِكَوْنِهَا مَعْدِنَ الحِكْمَةِ ويُنْبُوعَ العَدْلِ والسِياسَةِ؛ مَسْرَحَاً للجَهْلِ الفَاضِحِ والوَثَنِيَّةِ الوَضْيِعَّةِ والقَسْوَةِ الهَمَجِيَّةِ والجَوْرِ الاجتِمَاعِيِّ الذي ليسَ لَهُ مَثِيْلٌ في الأمَمِ ولا نَظِيْرَ في التَاريخِ.


مكانة المرأة قبل الإسلام.....في بلاد ما بين النهرين

مَكانَةُ المرأةِ في بلادِ مَا بينَ النَهْرين
الأصلُ اللَفْظِيُ لِبِلادِ مَا بينَ النَهْرَين ـ والتي يُطْلَقُ عليهَا أحيَاناً "بلادُ الرَافِدَين" هُوَ الكَلِمَةُ اللاتِينيَّةُ Mesopota Mia ومَعْنَاهَا "البلادُ التي تَقَعُ بينَ الأنْهَارِ" وهِي وُفْقَاً للتَسْمِيَةِ اليُونَانِيَّةِ القَديمةِ تَرْمُزُ للبلادِ التي تَقَعُ بينَ نَهْرَي دِجْلَةَ والفُرَاتِ، إلاَّ أنَّ الجُغْرافِييِّنَ المُحْدَثِينَ استَخْدَمُوهَا لِتُشَيْرَ للمِنْطَقَةِ بِكَامِلِهَا مِن جبالِ أَرْمِنيا شِمَالاً وحتى الخَليجِ الفَارِسي جَنوبَاً، وتَشْمَلُ حَضَارَةَ سُومَر وحَضَارَةَ بابلَ وحَضَارةَ أَشُور .
إنَّ مكانَ المرأةِ في بلادِ مَا بينَ النَهْرَين كانَ مَكَاناً مُتَرَدِّيَاً للغَايَةِ، فقدَ كانَت كَالسِلْعَةِ تُبَاعُ وتُشْتَرَى، وأحيَانَاً تُعْرَضُ للدَعَارَةِ طَلَبَاً للمَالِ، فَالفَاحِشَةُ كانَت شَائِعَةً في بلادِ مَا بينَ النَهْرَينِ حيثُ كانَ يُسْمَحُ للبَابِلينَ بِقَدْرٍ كَبيرٍ مِنَ العَلاقَاتِ الجِنْسيَّةِ، والسَيِئُّ في الأمرِ أَنَّ المرأةَ لَم يَكُنْ يُسْمَحُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ تُفَضَّ بَكَارَتُهَا مِن رَجلٍ غَيْرِ زوجِهَا المُتَوَقَّعِ، وفي ذلِكَ يقولُ "ول ديورانت" إنَّ هُناكَ قَانُوناً مَفَادُهُ: يَنْبَغِي لِكُلِّ امرأةٍ بابليَّةٍ أَنْ تَجْلِسَ في هَيْكَلِ الزُهْرَةِ مرَّةً في حياتِهَا وأَنْ تُضَاجِعَ رَجُلاً غَريْبَاً...يُلْقِي إليهَا أَحَدُ الغُرَبَاءِ قِطْعَةً مِنَ الفِضَّةِ في حِجْرِهَا ويُضَاجِعُهَا خارِجَ المَعْبَدِ .
ويَروي المُؤَرِّخُ اليُونانِيُّ "هيرودوت" أنَّ على أيِّ امرأةٍ كَلْدَانيَّةٍ في مدينةِ بابلَ أَنْ تَذْهَبَ إلى الزُهْرَة (مليتا) لِيُوَاقِعَهَا أجنَبِيٌّ حتى تَرْضَى عنْهَا (مليتا)، وليسَ لهذِهِ المرأةِ أَنْ تَرُدَّ مَنْ يَطْلُبُهَا كائِنَاً مَن كانَ مَا دامَ قَد رَمَى لَهَا بالمالِ الذي يُعْتَبَرُ مُقَدَّسَاً في ذلِكَ المَكانِ .
ويَحْكِي لنَا التَاريخُ أنَّ مَعْبَدَ "عشتروت" في بابلَ القديمَةِ كانَ يَمْتَلِئُ بالعَاهِراتِ اللائِي يَتَقَدَّمْنَ إلى زَائِري المَعْبَدِ، كَمَا كانَ على كُلِّ امرأةٍ أَنْ تَتَقَدَّمَ مرَّة ًعلى الأقَلِّ إلى مَعْبَدِ "فينوس" لِيُوَاقِعَها أيُّ زائِرٍ في المَعْبَدِ .
أمَّا الزواجُ في بلادِ مَا بينَ النَهْرَين فقد كانَ أَشْبَهَ بالبيعِ في المَزَادِ العَلَنِيِّ، يأتِي رجلٌ ومَعَهُ عددٌ مِنَ الفَتَيَاتِ ثمَّ يبدأُ المَزَادُ، فَيَبْدَأُ بِأَجمَلِهِنَّ ثمَّ التي تَلِيْهَا ثمَّ التي تَلِيْهَا وهَكَذا كَلَّمَا رَسَا المَزَادُ على شَخْصٍ كانَ هُوَ الزَوْجُ !!.
يقولُ لُويس فَرانك: إنَّ البَابِلييِّن كانُوا يُقِيْمُونَ كُلَّ عامٍ في المَدينةِ أو القَرْيَةِ سُوْقَاً فيذهَبُ الفِتْيَانُ إليهَا ويَشْتَرُون نِساءً بالمُزَاودةِ في ثَمَنِهِنَّ لإدِاَرةِ البيتِ والقيامِ بِمَا تَتَطلَّبُهُ الحياةُ الزوجيَّةُ .
وكانُوا يَعْتَقِدُونَ أنَّ التي تَتَزَوَّجُ ولا تَحْمِلُ تَكونُ مُصَابَةً بِلَعْنَةِ الآلِهَةِ أو أَنَّ بِهَا مَسَّاً مِنَ الشيطانِ ولذلِكَ فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ للرُقَى والطَلاسِمِ، فإذا ظَلَّت عَاقِراً بَعْدَ ذلِكَ فَلا بُدَّ مِن مَوْتِهَا للتَخَلُّصِ مِن لَعْنَتِهَا . كَمَا أنَّ عَقْدَ الزَواجِ الذي لا يُسْفِرُ عَن مَوْلُودٍ خلالَ عَشْرِ سنينَ يُعْتَبَرُ مَفْسُوخَاً !!.
أمَّا الطَلاقُ فَأَمْرُهُ أَعْجَبُ، فَمِن حَقِّ الرجلِ أَنْ يُطَلِّقَ زوجَتَهُ متى أَرَاد، أمَّا المرأةُ فإنَّها إِنْ أَبْدَت رَغْبَةً في الطَلاقِ مِنْ زَوجِهَا فإنَّها تُطْرَحُ في النَهْرِ لِتَغْرَقَ، أو تُطْرَدُ في الشوَارعِ نِصْفَ عَاريَةٍ لِتَتَعَرَّضَ للمَهَانَةِ والفُجُورِ .


مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الصينين القدماء

مكانةُ المرأةُ عندَ الصِينيِّين القُدماءِ
شُبِّهَت المرأةُ عندَهُم بالمياهِ المُؤْلِمَةِ التي تَغْتَالُ السعادةَ والمالَ، وللصينِيِّ الحقُّ في أَنْ يبيعَ زوجتَهُ كالجَاريَةِ، وإذا تَرَمَّلَتِ المرأةُ الصينيَّةُ أَصْبَحَ لأهلِ الزوجِ الحقُّ فيهَا كَثَرْوَةٍ، وتُوَرَّثُ، وللصِينِيِّ الحَقُّ أَنْ يدفِنَ زوجَتَهُ حيَّةً.


الثلاثاء، 13 يناير 2009

القول المعروف صدقة.......إعجاز علمي

القولُ المَعْروفُ والصَدَقَةُ 
اكتَشَفَ بَاحِثُونَ أَنَّ الكلمةَ الطيِّبَةَ تُؤَثِّرُ على دِمَاغِ الإنسانِ وتُحْدِثُ نَفْسَ الأَثَرِ الذي تُحْدِثُهُ المُكَافَأَةُ المَالِيَّةُ التي يَحْصُلُ عليهَا الإنسانُ بَعْدَ بَذْلِهِ لِمَجْهُودٍ مَا. وربَّمَا نَتَذَكَّرُ قولَ الحَقِّ تَبَارَكَ وتَعالى عندَمَا أَكَّدَ لنَا أَهميَّةَ الكَلِمَةِ الطيِّبَةِ والقولِ المَعروفِ وأنَّهُ خيرٌ مِن إنسانِ يُعْطِي المالَ لِفَقِيْرٍ ثمَّ يُؤْذِيهِ بالكلامِ فَيُشْعِرُهُ بِفَقْرِهِ وحَاجَتِهِ، يقولُ اللهُ تَعالى: ( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ )[البقرة : 263].
وقَد جاءَ على مَوقِعِ بي بي سي مَا نَصُّهُ : قالَ عُلماءُ يابانيُّونَ إنَّ الإطْرَاءَ على الناسِ لَهُ نَفْسُ الأَثَرِ الذي يُحْدِثُهُ المالُ مِن حيثُ تَنْشِيطِ مَرْكَزِ المُكَافَأَةِ في المُخِّ. وقَد جاءَ ذلِكَ في دِراسَةٍ أَعَدَّهَا المَعْهَدُ الوَطَنِيُّ اليابانِيُّ لِعُلومِ وَظائِفِ الأعْضَاءِ. وقالَتِ الدِرَاسةُ إنَّ هذهِ النَتِيْجَةُ تُعَزِّزُ افتِرَاضَاً يقولُ: إنَّ الناسَ يَحْصُلونَ على زَخْمٍ نَفْسِيٍّ عندمَا تَكونُ سُمْعَتُهُم طَيِّبَةٌ.
وقالَ الدكتورُ نوريهيرو ساداتو مِنَ المَعْهَدِ الوَطَنِيِّ اليَابَانِيِّ لِعُلومِ وَظائِفِ الأعضاءِ: إنَّ الدراسَةَ تُشِيْرُ إلى أنَّ السُمْعَةَ الطَيِّبَةَ تُوَلِّدُ نَفْسَ الشُعُورِ الذي يَتَوَلَّدُ لَدَى المرءِ عندَ حُصُولِهِ على مُكافَأَةٍ مَاليَّةٍ. 
وقام هذا الفريقُ باستِخْدَامِ آليةٍ لِتَصْوِيرِ المُخِّ؛ تُعْرَفُ باسمِ التَصْويرِ الوَظِيْفِي بالرَنِينِ المَغْنَاطِيْسِي. ورَصَدَ البَاحِثُونَ نَشَاطَ المُخِّ حيثُ وُجِدَ أنَّ الإطْرَاءَ مِنَ الغُرَباءِ لَهُ نَفْسُ الأثَرِ الذي يُحْدِثُهُ المالُ مِن حيثُ تَنْشِيطِ مَرْكَزِ المُكَافَأةِ في المُخِّ، حيثُ يُشْبِعُ المَدِيْحُ عندَ الإنسانِ "الحَاجَةَ إلى الانْتِمَاءِ". وقالَ ساداتو إنَّ نتيجَةَ الدِرَاسَةِ تُعَدًّ خُطْوَةً أُوْلَى نَحْوَ تفسيرِ السُلوكِيَّاتِ الاجتماعيَّةِ البشريَّةِ المُعَقَّدَةِ مِثْلَ إيْثَارِ الغَيْرِ.
ومِن هُنَا نُدْرِكُ لِمَاذا اعتَبَرَ سيدنا النبيُّ الأعْظَمُ صلى الله عليه وسلم الكلمَةَ الطيِّبَةَ صَدَقَةً نَتَصَدَّقُ بها على غَيْرِنَا، وهِي صَدَقَةٌ لا تُكَلِّفُ شيئاً.
وقَد تَبَيَّنَ بنتيجَةِ سلسلَةٍ مِنَ التَجَاربِ أُجْرِيَت في مُختَبَراتِ جامعةِ ستانفورد أنَّ في دِماغِ كُلٍّ مِنَّا مِنطقَةٌ تَنْشُطُ عندمَا يَتَلَقَّى الإنسانُ جائِزَةً أو مُكافَأةً أو مَبْلَغَاً غيرَ مُتَوَقَّعٍ مِنَ المالِ، وَوَجَدُوا أنَّ النِساءَ أَكْثَرُ تَأثُّرَاً بالكلمَةِ الطيِّبَةِ، وأَكْثَرُ تَفَاعُلاً معَها، ومِن هُنَا ربَّما نُدْرِكُ لِمَاذا أَوْصَى سيدنا النبيُّ الأعْظَمُ الرجالَ بالنِساءِ وليسَ العَكْسَ، قالَ نبيُّ الرحمةِ صلى الله عليه وسلم: (استَوْصُوا بالنساءِ خيراً).
ولذلِكَ نَجِدُ أنَّ الإسلامَ يَهْتَمُّ جَدَّاً بالكلمةِ الطيِّبَةِ، حتى إنَّ اللهَ تَعالى شبَّهَ الكلمَةَ الطيِّبَة بشجرةٍ عَظيمَةٍ تَعْطِي الثِمَارَ كُلَّ سنَةٍ، أمَّا الكلمةَ الخبيثَةَ فَهِي كَشجرةٍ خَبيثَةٍ ليسَ فيها ثِمار ولا فائدةَ منهَا، بَل إنَّ أضرَارَهَا كثيرةٌ فَهِيَ غيرَ مُسْتَقِرَّةً ويُمكنَ أَنْ تَقَعَ على الأرضِ وتُؤْذِي مِن يَقِفَ تَحْتَهَا، يقولُ اللهُ تَعالى: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ) [إبراهيم: 24-26].



الاثنين، 12 يناير 2009

تعليم أفضل بلا تختلاط...................إعجاز علمي

الفَصْلُ بينَ الجِنْسَينِ في التَعليمِ بينَ الشريعَةِ الإسلاميَّةِ والدِراساتِ الإنسانيَّةِ  
تَعْليمٌ أفضَلُ بلا اختِلاطٍ
هذهِ هِيَ خُلاصَةُ العَديدِ مِنَ الدِراساتِ والأبحاثِ الإنسانيَّةِ التي أَجْرَاهَا العَديدُ مِنَ البَاحِثينَ في أوروبا والولايات المتحدة. 
فقَد أَثْبَتَت هذهِ الدِرَاساتُ أَنَّ القُدْرَاتِ العَقْليَّةِ للطَالِبِ أو الطَالبَةِ تَتَأَثَّرُ سَلْبَاً في الحُجْرَةِ الدِرَاسيَّةِ المُخْتَلِطَةِ؛ حيثُ إنَّ بعضَ هذهِ الدِرَاساتِ أَظْهَرَت أَنَّ الفَتَياتِ يُقَدِّمْنَ نَتَائِجَ أفضَلَ في البرامجِ الأكَاديميَّةِ في المُحيطِ الأنْثَوِيِّ (المُنْفَصِلِ). 
وتُؤَكِّدُ بعضُ الإحصَاءاتِ ـ في دِراسَةٍ لِمَجلةِ (نيوزويك) الأمريكية ـ أنَّه عندمَا يَدْرُسُ الطَلَبَةُ مِن كُلِّ جِنْسٍ بَعيداً عَنِ الآخَرَ فإنَّ التَفَوُّقَ العلمِيَّ يَتَحَقَّقُ؛ فَفِي وَسَطِ التَعْليمِ المُخْتَلَطِ أَخْفَقَتِ البناتُ في تَحقيقِ التَفَوُّقِ في مَجالِ الرياضياتِ والعُلومِ والكيمياءِ والفيزياءِ والتكنولوجيا والكمبيوتر، وقَد أيَّدَتِ الإدارَةُ التَعليميَّةُ في مَنطقةِ (نيوهام) الأمريكية هذهِ الحَقَائِقَ في دِراسَةٍ تَحليليَّةٍ. 
هذا وقَد عَرَضَتِ (الجمعيةُ الأمريكيَّةُ لِتَشْجِيعِ التَعليمِ العَامِّ غيرَ المُخْتَلَطِ) دِرَاسةً أَجْرَتْهَا جامعةُ (ميتشجن) الأمريكيَّةِ في بعضِ المَدارسِ الكَاثوليكيَّةِ الخاصَّةِ المُخْتَلِطَةِ وغيرِ المُختلطة؛ تُفِيدُ ـ هذهِ الدِراسَةُ ـ أنَّ الطُلابَ في المَدارسَ غيرَ المُختَلِطة كانُوا أَفْضَلَ في القُدْرَةِ الكِتَابيَّةِ وفي القُدْرَةِ اللغَوِيَّةِ. 
ويُؤَكِّدُ الباحِثُ (بيتر بونس) ـ رائِدُ الأبحاثِ التَربويَّةِ ـ بَعْدَ أبحاثٍ عديدةٍ لَهُ؛ أنَّ الطَالِبات يَتَفَوَّقْنَ على الطلابِ في مَرحَلَةِ الدِراسةِ الابتدائيَّةِ (غيرَ المُخْتَلَطَة) في كَثيرٍ مِن فُروعِ العُلومِ والمَعْرفَةِ، فَهُنَّ أَكْثَرُ قُدْرَةً على الكِتَابَةِ بِشَكْلٍ جيدٍ، ويَحْصُلْنَ على عَلاماتٍ نِهائيَّةٍ أَفْضَلُ . في حينِ أنَّ التَفَوُّقَ في هذهِ القُدْرَةِ يَنْحَدِرُ في الفُصولِ المُخْتَلِطَةِ، حيثُ تَنْهَمِكُ الفتاةُ في إثبَاتِ نُضُوجِهَا المُبَكِّرِ وتَحْقِيقِ أُنُوثَتِهَا أمامَ الجِنْسِ الآخَرَ. 
ويُؤَكِّدُ (ميشل فيز) ـ الباحِثُ في المركَزِ الوَطَنِيِّ للأبحَاثِ العِلميَّةِ والمُسْتَشَارُ السابِقُ لوزيرِ الشبابِ والرياضَةِ في فرنسا ـ أنَّ المُرَاهِقِينَ في الفُصولِ المُخْتَلِطَةِ يَقْرَؤُونَ النُصَوصَ بِصُعُوبَةٍ، وذلِكَ مِن خلالِ تَحقيقٍ أَجْرَتْهُ مُنَظَّمَةُ التِجارةِ والتَنميَّةِ الاقتصاديَّةِ سنةَ 2000م. ويقولُ مُرَغِّبَاً في التَعليمِ المُنْفَصِلِ: ( إنَّ الفَصْلَ بينَ الذُكورِ والإناثِ في التَعليمِ يَسْمَحُ بِفُرَصٍ أكبرَ للطَلَبَةِ للتَعْبِيرِ عَن إمكانِياتِهِم الذاتيَّةِ، ولِهَذا نُطَالِبُ بِتَطبيقِ النِظَامِ غيرِ المُخْتَلَطِ مِن أجلِ الحُصولِ على نَتَائِجَ دِرَاسيَّةٍ أَفْضَلَ ). 
وذَكَرَتِ البَاحِثَةُ (كارلوس شوستر) ـ خَبيرةُ التربيَّةِ الألمانيَّةِ ـ أَنَّ تَوحُّدَ نَوعِ الجنسِ في المَدارسِ ـ البنينَ في مَدارِسَ البنينِ، والبناتُ في مَدارسِ البناتِ ـ يُؤدِّي إلى استِعْلاءِ رُوحِ المُنَافَسَةِ بينَ التَلاميذِ، أمَّا الاختلاطُ فَيُلْغِي هذا الدَافِعَ . 
كَمَا أَظْهَرَت دِراسَةٌ أَجْرَتْهَا (الوَكَالَةُ التَربويَّةُ الأمريكيَّةُ) أنَّ الفَتَياتِ الأمريكيَّاتِ في الفُصولِ المُخْتَلِطَةِ أَكْثَرُ عُرْضَةً للإصِابَةِ بالقَلَقِ والاكتِئَابِ والتَفْكِيرِ في الانْتِحَارِ بلِ الإقْدَامِ عليهِ؛ فَفِي المَدَارِسِ الحُكُوميَّةِ المُخْتَلِطَةِ تُصَابُ وَاحِدَةٌ مِن بينِ كُلِّ ثلاثِ فَتَياتٍ في سِنِّ الثانيةِ عشرةَ بالقَلَقِ، وتُصَابُ الثانيةُ بالاكْتِئَابِ وتُصْبِحُ فَرِيْسَةً لأعْرَاضِهِ السَوداءِ ، أي: أنَّ القَلَقَ والاكتِئَابَ يَجْتَاحَان ثُلثَي الفتياتِ في الَتعليمِ المُخْتَلَطِ؛ بناءً على هذهِ الدِرَاسَةِ. 
ومِن أَجْلِ البَحْثِ عن حُلولَ لِمِثْلِ هذهِ الأمـراضِ النَـفْسيَّةِ ـ القَلَقِ والاكتِئَابِ والتَفْكِيرِ في الانتِحَار ـ تَلاحَقَتِ الأبحاثُ والدِرَاساتُ؛ فقامَ كُلٌّ مِن(بريك) و(ولي) بإجراءِ دِراسةٍ ـ بِتَمْويلٍ من جامعةِ شيكاغو وميتشغن ـ على 2500 طالبةٍ تمَّ اختِبَارِهِنَّ بِشَكْلٍ عَشوائِيٍّ؛ لِتَدريسِهِنَّ في فُصولٍ مُماثِلَةٍ ومَعْزُولةٍ عنِ الطَلَبةِ، وأَثْبَتَت نتائِجُ الدِراسةِ أنَّ الطَالِبَاتِ يَحْصُلْنَ على نَتَائِجَ أفضَلَ في الجَوِّ المُنْفَصِلِ عنِ الذُكورِ، وأنَّهُنَّ دَاوَمْنَ على التَحْصِيلِ العِلمِيِّ المُتَمَيِّزِ حتى في المَرحلَةِ الجَامعيَّةِ، وكُنَّ أكثرَ نُضْجَاً وأَقْدَرَ على التَعَامُلِ معَ الجَوِّ الأكادِيميِّ (المُخْتَلَطِ) في السنواتِ الجامعيَّةِ، دونَ أيِّ مُشكلاتٍ نَفْسِيَّةٍ أو عَصَبِيَّةٍ، كَمَا استَطَعْنَ بسهولةٍ الحُصَولَ على وُظائِفَ أَفْضَلَ ودَخْلٍ أعْلَى بعدَ إنهاءِ الدِراسَةِ الجَامعيَّةِ. 

 الغَرْبُ يَبدأُ في مَنْعِ الاختِلاطِ: 
قامَت مدرسةُ (شنفيلد) الثانويَّةِ في مُقَاطعَةِ (إيسكس) البريطانيَّةِ بِتَنْظِيمِ فُصُولٍ تَضُمُّ طُلاباً مِن جِنْسٍ واحدٍ مُنذُ عام 1994م، وكانَتِ النتيجةُ حُدُوثَ تَحَسُّنٍ مُتَواصِلٍ في نَتَائِجِ الاختِبَاراتِ لَدَى الجنسَيْنِ؛ فَفِي اللغةِ الإنجليزيةِ ارتَفَعَ عددُ الطلابِ الحَاصِلينَ على تَقديرَاتِ ممتازٍ وجيد جداً في اختباراتِ الثانويةِ العامَّةِ بنسبَةِ (26%)، بينَمَا ارتَفَعَ عددُ الحَاصِلاتِ على هذهِ التَقديرَاتِ بنسبةِ (22%). 
وبسببِ مثلِ هذهِ النَتَائجَ لِكَثيرٍ مِنَ الدِراساتِ والأبحاثِ؛ أعْلَنَت إدارةُ الرئيسِ الأمريكيِّ بوش الابن تَشْجِيْعَهَا لِمَشروعِ الفَصْلِ بينَ الجِنْسينِ في المدارسِ العامَّةِ، وصَدَرَ إعلانٌ عَن هذا المَشروعِ في 8 مايو 2003م في السِجِلِّ الفِيدرالِي (الصحيفةُ الرسميَّةُ الأمريكيَّةُ) . وجاءَ في الصحيفةِ الرسميَّةِ أيضَاً أنَّ وزيرَ التربيَّةِ يَنْوِي اقتِرَاحَ تَعديلاتٍ لـ (التنظيماتِ المُطَبَّقَةِ) تَهْدُفُ إلى تَوفيرِ هَامِشِ مُبَادَرَةٍ أَوْسَعَ للمُرَبِينَ مِن أجلِ إقَامَةِ صُفوفَ ومَدارِسَ غيرَ مُخْتَلَطَة. وتَابعَتِ الصحيفةُ: ( إنَّ الهدفَ مِن هذا الإجرَاءِ هُو تَوفِيْرُ وَسَائِلَ جديدةً فُضْلَى لِمُساعدةِ التَلاميذِ على الانْكِبَابِ على الدِراسةِ وتَحْقِيقِ نَتائِجَ أَفْضَلَ). وأَوْضَحَ مسؤولٌ كبيرٌ في البيتِ الأبيضِ أنَّ المدارسَ الابتدائيَّةَ والثانويَّةَ التي تَوَدُّ الفَصْلَ بينَ الجِنسينِ سَتُمنَحُ تَمويلاً يَفُوقُ المَدَارسَ التي ستَخْتَارُ الإبْقَاءَ على النِظَامِ المُخْتَلَطِ. 
هذا وقَد أَصْدَرَ وزيرُ التربيةُ في الوَلاياتِ المُتحدةِ الأمريكيَّةِ بيانَاً صَحفياً بتاريخ 8/5/2002م، أَعْرَبَ فيهِ عَن نيَّةِ وزارَتِهِ إبْدَاءَ مُرُونَةٍ أكبرَ في مَسألةِ السَمَاحِ بافتِتَاحِ مَدارسَ الجِنْسِ الوَاحِدِ، وقَد طَلَبَ مِن أولياءِ أُمورِ الطلابِ والطالباتِ تَزْويدَ الوزارةِ بآرائِهِم فيمَا يَخُصُّ هذا المَوضوعُ. 
وقَد نَشَرَت صحيفَةُ (واشنطن بُوست) مَقالاً مُطَوَّلاً تَنَاوَلَ هذا الموضوعَ بتاريخ 14/5/2002م، وأَوْرَدَت فيه الصحيفةُ تَعْلِيقَاً لافِتَاً لِمديرِ إحدى المدارسِ يقولُ فيهِ (بعدَ أَنْ ضَاقَ ذَرْعَاً بِمُشكِلاتِ الطُلابِ في مَدرستِهِ): على الأولادِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا كيفَ يَكونُونَ أولادَاً، وعلى البناتِ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ كيفَ يَكُنَّ بناتٍ، ولَن يَستطِيْعُوا أَنْ يَفْعَلوا ذلِكَ في الغُرْفَةِ نَفْسَهَا. 
 الشريعَةُ الإسلاميَّةُ سَبَقَت هذهِ الدِراساتُ: 
فقد قَنَّنَ الشارعُ الحَكيمُ العَلاقَةَ بينَ الجِنسينِ بصورةٍ عامَّةٍ، فَمِن بابِ أَوْلَى بينَ الطَالبِ والطالبةِ في التَعليمِ؛ مِن أجلِ تَحقِيْقِ غَايَةِ التَعليمِ، وتَجَنُّبِ هذهِ المُشْكِلاتِ والأضْرَارِ النَاجِمَةِ عَنِ الاختِلاطِ، والتي أَكَّدَتْهَا الدِراساتُ الإنسانيَّةُ الحديثَةُ سالِفَةَ الذِكْرِ. 
وفيمَا يَلي طَرَفٌ لِنُصوصٍ قرآنيَّةٍ ونبويَّةٍ يَدْخُلُ في مَعْنَاهَا تَحريمُ أو مَنْعُ أسبابِ الاختِلاطِ: 
1. قالَ اللهُ تَعالى: (...........وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ...........) [الأحزاب : 53]. 
فَقَد دَلَّتْ هذهِ الآيةُ على أَنَّ الأصلَ احتِجِابِ النساءِ عَنِ الرجالِ، وعَدَمِ الاختِلاطِ لا سيَّمَا في دَوْرِ العِلْمِ. 
2. الأمْرُ بِغَضِّ البَصَرِ: 
أَمَرَ اللهُ الرجالَ بِغَضِّ البَصَرِ، وأَمَرَ النساءَ بذلِكَ فقـالَ اللهُ تَعالى: ( قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )[النور : 31]. 
وقَد صَحَّ عَن جَرير بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّه قالَ: سألْتُ سيدنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن نَظَرِ الفَجْاءةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي . ورُوِيَ عَن عليٍّ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ سيدنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهُ: يا عليُّ......لا تتبع النظرةَ النظرةَ؛ فإنَّمَا لكَ الأوْلَى وليسَتْ لكَ الآخِرَةَ . وبِمَعْنَاهُ عِدَّةُ أحاديثَ، بَل لَم يُرَخِّصِ الشارعُ في الجلوسِ بالطُرقَاتِ للرجالِ إلاّ بِشَرْطِ إعْطَاءِ الطريقِ حقَّهُ؛ ومِنْهُ غَضُّ البَصَرِ؛ فَفِي الصَحيحينِ مِن حديثِ أبي سعيدٍ الخُدري رضيَ اللهُ عنْهُ أنَّ سيدنَا النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: إيَّاكُم والجلوسَ بالطُرقاتِ، فَقَالُوا: يا رسـولَ اللهِ.......مَا لَنَا مِن مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فيهَا، فقالَ: إذ أَبَيْتُم إلاَّ المَجْلِسَ فَأَعْطُــوا الطـريـقَ حَقَّهُ، قـالُـوا: ومـَا حَقُّ الطـريقِ يا رسولَ اللهِ.......؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ وكَفُّ الأذَى ورَدُّ السلامِ والأمْرُ بالمَعروفِ والنَهْيِ عنِ المُنْكَرِ . 
3. حديث: قال صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان .
أي هِيَ مَوْصَوفَةٌ بهذهِ الصِفَةِ ومَنْ هذهِ صِفَتُهُ فَحَقُّهُ أَنْ يُسْتَرَ، والمَعْنَى أنَّهُ يُسْتَقْبَحُ تَبَرُّزُهَا وظُهُورُهَا للرَجُلِ، والعَورَةُ: سَوْأَةُ الإنسانِ وكُلُّ مَا يَسْتَحِي مِنْهُ، كَنَّى بهَا عَن وُجوبِ الاستِتَارِ في حَقِّهَا، قالَ في الصِحاح: والعَورةُ كُلُّ خَلَلٍ يُتَخَوَّفُ منْهُ، وقالَ القاضِي: العَوْرَةُ كُلُّ مَا يُسْتَحَى مِن إظْهَارِهِ وأَصْلُهَا مِنَ العَارِ وهُوَ المَذَمَّةُ. ومَعْنَى استَشْرَفَها الشيطانُ: رَفَعَ البَصَرَ إليها لِيَغْوِيْهَا أو يُغْوِي بِهَا، فَيُوقِعُ أحدَهُمَا أو كِليْهِمَا في الفِتْنَةِ، أو المرادُ شيطانُ الإنسِ سمَّاهُ بهِ على التَشْبِيهِ بمَعْنَى: أنَّ أهلَ الفِسْقِ إذا رَأوْهَا بارِزَةً طَمَحُوا بأبصَارِهم نَحْوَهَا، والاستِشْرَافُ فِعْلُهُم لكِنْ أُسْنِدَ إلى الشيطانِ؛ لِمَا أُشْرِبَ في قُلوبِهِم مِنَ الفُجُورِ فَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا بِإغوَائِهِ وتَسْويلِهِ وكَوْنِهِ البَاعِثَ عليهِ؛ ذكَرَهُ القَاضِي. وقالَ الطيبي: هذا كُلُّهُ خَارجٌ عَنِ المَقْصُودِ، والمَعْنَى المُتَبادر: أنَّها مَا دَامَت في خِدْرِهَا لَم يَطْمَعِ الشيطانُ فيهَا وفِي إغِوَاءِ الناسِ، فإذَا خَرَجَت طَمِعَ وأَطْمَعَ؛ لأنَّها حَبَائِلَهُ وأَعْظَمُ فُخُوخِهِ. وأَصْلُ الاستِشْرَافِ وَضْعُ الكَفِّ فَوْقَ الحَاجِبِ ورَفْعُ الرأسِ للنَظَرِ . 
4. قولَ اللهُ تَعالى: (.....وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْـجَاهِلِيَّةِ الأُولَى...) [الأحزاب: 33]
فَأَمَرَهُنَّ بالقَرَارِ، ثُمَّ مَنَعَهُنَّ مِنَ الخُروجِ غَيْرَ مُتَحَجِّبَاتٍ، ومَعَ قَرارِهِنَّ في البيوتِ مَنَعَ سيدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرجالَ الأجانِبَ مِنَ الدُخولِ عليهِنَّ فقالَ: إيَّاكُم والدُخولَ على النساءِ، فقالَ رجلٌ مِنَ الأنْصَارِ؛ يا رسولَ اللهِ......أفرأيتَ الحَمُو قالَ: الحَمُو الموتُ .
قالَ الإمامُ النَووي رحِمَهُ اللهُ تَعالى: المرادُ مِنَ الحَمُو في الحديثِ؛ أقارِبُ الزوجِ غيرَ آبائِهِ وأبنائِهِ لأنَّهُم مَحَارِمُ للزَوجَةِ يَجُوزُ لَهُم الخَلوةُ بهَا ولا يُوصَفُونَ بالموتِ، قالَ وإنَّما المُرادُ الأخُ وابنُ الأخِ والعَمُّ وابنُ العَمِّ وابنُ الأخْتِ ونَحوِهِم مِمَّنْ يَحِلُّ لَهَا تَزْوُّجُهُ لَو لَم تَكُنْ مُتزوِّجَةً، وَجَرَتِ العَادَةُ بالتَسَاهُلُ فيهِ فَيَخْلُو الأخُ بامرأةِ أَخِيْهِ فَشَبَّهَهُ بالمَوتِ. وقاَل القَاضِي: الخَلوَةُ بالأحْمَاءِ مُؤَدِّيَةٌ إلى الهلاكِ في الدِيْنِ، وقيلَ مَعْنَاهُ: احذَرُوا الحَمُو كَمَا يُحْذَرُ الموتُ فَهَذَا في أَبِ الزوجِ فَكَيْفَ في غَيْرِهِ، وقالَ ابن الأعرابي: هيَ كلمَةٌ تَقُولُهَا العَرَبُ كَمَا يُقَالُ: الأسدُ المَوتُ أي لِقَاؤُهُ مِثْلَ الموتِ وكَمَا يُقالُ السُلطانُ نَارٌ . وهذا يَدَلُّ على أَنَّ الأمرَ بالقَرَارِ ليسَ خَاصَّاً بنساءِ سيدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم. 
5. تحريم مس الأجنبية: 
جاءَ بالحديثِ عَن سيدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ: لأَنْ يُطْعَنَ في رأسِ أحدِكُم بِمِخْيَطٍ مِن حَديدٍ؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنَّ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ لَهُ . 
ولعَلَّ هذا الحديثَ الشريفَ أَثْبَتَ الحقيقةَ العِلميَّةَ التي أَعْلَنَهَا الدكتورُ (ألكسس كاريل) بقولِهِ: (عندمَا تَتَحَرَّكُ الغَريزَةُ الجِنسيَّةُ لَدَى الإنسانِ، تَفْرِزُ نَوْعَاً مِنَ المادَّةِ تَتَسَرَّبُ في الدمِ إلى الدماغِ وتُخَدِّرُهُ فَلا يَعُودُ قَادِراً على التَفْكِيرِ الصَافِي). فَأضْرَارُ لَمْسِ المرأةِ الأجنبيَّةِ على الدِمَاغِ أَشَدُّ مِن أَنْ يُضْرَبَ الدِماغُ نَفْسُهُ بِمِخْيَطٍ مِن حديدٍ، كَمَا أَخْبَرَ سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أكثَرَ مِن ألفِ عَام. 
وهَكَذا تَتَجَلَّى مَظَاهِرُ الإعجازِ في الشَريعَةِ الإسلاميَّةِ التي وَضَعَت هذا النِظَامَ التَربَوِيِّ المُحْكَمِ، الذي أثبتَتِ الدِراساتُ الحديثَةُ ـ ضِمْنِيَّاً ـ جَدَارَتَهُ في وِقَايَةِ المُؤسساتِ التَعْليميَّةِ مِن أكبرِ وأشهَرِ المُشْكِلاتِ المُنْتَشِرةِ في المُؤسساتِ التَعليميَّةِ التي تُطَبِّقُ سِياسَةَ الاختِلاطِ المَفْتُوحِ بينَ الجِنسين، فَحَفِظَ المؤسساتِ التَربويَّةِ والتَعليميَّةِ مِن مشكلاتِ: انْخِفَاضِ مُستَوى الذَكاءِ والقُدْرَاتِ العَقْليَّةِ، وضَعْفِ التَحْصِيلِ، وازديادِ القَلَقِ.....إلخ. 
وصدقَ اللهُ العَظيمُ القَائِلُ: ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْـحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 53]. 




الإختلاط.......إعجاز علمي

الاختلاط

قالَ صلى الله عليه سلم: لا يخلوّنّ أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم. متفق عليه 
لَقَد أَثْبَتَتِ التَجاربُ والمُشَاهداتُ الوَاقِعِيَّةُ أنَّ اختلاطَ الرجالِ بالنِساءِ يُثُيْرُ في النَفْسِ الغَريْزَةَ الجِنْسِيَّةَ بِصُورَةٍ تُهَدِّدُ كِيَانَ المُجتمعِ. كَمَا ذَكَرَ أَحَدُ العلماءِ الأمريكِيِّينَ وهُو جُورجُ بَالُوشِي في كِتَابِ الثَورةِ الجِنسيَّةِ، قالَ بأنَّ الرئيسَ الأمريكِيَّ الرَاحِلَ كِنيدي قَد صَرَّحَ عامَ 1962 بأنَّ مُستَقْبَلَ أمريكَا في خَطَرٍ لأنَّ شبابَهَا مَائِعٌ مُنْحَلٌّ غَارِقٌ في الشَهواتِ لا يُقّدِّرُ المَسؤوليةَ المُلْقَاةَ على عَاتِقِهِ، وأنَّ مِن بينِ كُلِّ سبعةِ شُبَّانَ يَتَقَدَّمُونَ للتَجْنِيدِ يُوجَدُ سِتَّةٌ غيرَ صَالِحِينَ؛ لأنَّ الشَهواتِ التي أُغْرِقُوا فيهَا أَفْسَدَت لَيَاقَتَهُم الطِبيَّةَ والنَفْسِيَّةَ. 
ونتيجَةً للاختلاطِ الكائِنِ بينَ الطلابِ والطالباتِ في المدارسِ والجَامعاتِ؛ ذَكَرَت جريدةٌ لبنانيةٌ: أنَّ الطالبَةَ في المدرسةِ والجامعةِ لا تُفَكِّرُ إلاَّ بِعَواطِفِهَا والوَسائِلِ التي تَتَجَاوَبُ معَ هذهِ العَاطفَةِ، وأنَّ أَكْثَرَ مِن ستينَ في المائَةِ مِنَ الطَالباتِ سَقَطْنَ في الامتحَاناتِ، وتعودُ أسبابُ الفَشَلِ إلى أَنَّهُنَّ يُفَكِّرْنَ في الجِنْسِ أكثرَ مِن دُرُوسِهِنَّ وحتى مُسْتَقْبَلِهِنَّ. وهذا مِصْدَاقٌ لِمَا يَذْهَبُ إليه الدكتورُ ألِكس كَارليل إذ يقولُ: عندمَا تَتَحَرَّكُ الغَريزَةُ الجِنْسِيَّةُ لَدَى الإنسانِ؛ تُفْرِزُ نوعَاً منَ المادةِ التي تَتَسَرَّبُ في الدَمِ إلى دِمَاغِهِ وتُخَدِّرُهُ فلا يَعودُ قادِرَاً على التَفْكِيرِ الصَافِي. 
ولِذَا فَدُعَاةُ الاختِلاطِ لا تَسوقُهُم عُقُولُهُم وإنَّمَا تَسُوقُهُم شَهَوَاتُهُم، وهُم يَبْتَعِدُونَ عنِ الاعتِبَارِ بِمَا وَصَلَت إليهِ الشُعوبُ التي تُبِيْحُ الاختِلاطَ والتَحَرُّرَ في العَلاقَاتِ الاجتِمَاعيَّةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ. 
مِن ذلِكَ مَا أَوْرَدَهُ تَقريرُ لَجْنَةِ الكُونجرسِ الأمريكيَّةِ عَن تَحقيقِ جَرائِمِ الأحَداثِ: مِن أَنَّ أَهَمَّ أسبابِهَا الاختِلاطُ بينَ الشَبابِ مِنَ الجِنسيَنِ بِصُورَةٍ كبيرةٍ، وغيرِ ذلِكَ مِن شَواهِدَ يوميَّةٍ تُقَرِّرُ الحِكْمَةَ العِلمِيَّةِ والعَمَليَّةِ للحَديثِ الشَريفِ، ممَّا يُعَدُّ إطَارَاً مَنْهَجِيَّاً في تَحديدِ مَجَالاتِ العَلاقَاتِ الاجتماعيَّةِ بِوَجْهٍ عامٍ، وبينَ الرجلِ والمرأةِ بِوَجْهٍ خَاصٍّ. 
ثمَّ إنَّ الاختِلاطَ مِن أعْظَمِ آثَارِهِ تَلاشِي الحياءِ الذي يُعْتَبَرُ سِيَاجَاً لِصِيَانَةِ وعِصْمَةِ المرأةِ بِوَجْهٍ خَاصٍّ، وُيؤدي إلى انحِرَافَاٍت سُلوكيَّةٍ تُبِيْحُ تَقْلِيدَ الغَيْرِ تَحْتَ شِعَارِ الحَضَرِيَّةِ والتَحَرُّرِ، ولَقَد ثَبَتَ مِن خلالِ فَحْصِ كَثيرٍ مِنَ الجَرائِمِ الخُلُقِيَّةِ أنَّ الاختِلاطَ المُبَاحَ هُوَ المَسؤولُ الأوَّلُ عنها. 
وماذا يقولُ أَنْصَارُ الاختِلاطِ عَن فَضِيْحَةِ وزيرِ الصِناعَةِ في إنجلترا معَ سكرتيرتِهِ التي أَشَارَت إحدَى الصُحُفِ إليهَا بأنَّها تَنْتَظِرُ مَولوداً منْهُ؛ الغَريبُ أنَّ صَحيفَةَ التَايمزِ البريطانيَّةِ قَد أشَارَت إلى أنَّ مَارجِريت تَاتشر قد لَعِبَت دَوراً رَئِيسياً في إقْنَاعِ وزيرِ الصناعةِ باركتسون بِعَدَمِ الزَواجِ مِن سكرتيرتِهِ والاستِمْرَارِ معَ زوجتِهِ على أَمَلِ ألاَّ يَحُطَّ زواجُهُ مِنَ السكرتيرةِ مِن قَدْرِهِ. وهذا الخَبَرُ يَحْمِلُ في مَضمونِهِ أَثَرَ الاختِلاطِ بينَ وزيرٍ وسكرتيرتِهِ بدونِ مَحْرَمٍ؛ هذا مِن نَاحِيَةٍ، ومن نَاحِيَةٍ أُخرَى يَحْمِلُ عَدَمَ الاعتِرَافِ بِمَا نَجَمَ عَن هذا الاختِلاطِ، وهذا يَعْنِي بِصُورَةٍ غيرِ مُبَاشرةٍ عَدَمَ الاعتِرَافِ بالاختِلاطِ ونتَائِجِهِ والاستِمْرَارِ فيهِ، فالاختلاطُ في عُمُومِهِ يَحْمِلُ مِنَ الآثَارِ السيِّئَةِ مَا يَجْعَلُ كثيراً مِنَ الدُعاةِ المُخْلِصِينَ يَدعون إلى تَنْظِيمِهِ في إطارٍ مُحَدَّدٍ يَمْنَعُ شُرورَهُ، ممَّا يُعَدُّ رُجوعَاً إلى الهَدي النَبَويِّ الشَريفِ.
المصدر 

موقع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم و السنة النبوية 
www.eajaz.com

الصلاة مفيدة للحامل و مضرة للحائض.............إعجاز علمي

الصلاةُ مُفيدٌة للحَامِلِ ومَضَرَّةٌ للحَائِضِ 

أثبتَتِ الدراساتُ الطبيَّةُ الحديثَةُ أنَّ حركاتِ البَدَنِ والرياضَةِ مِثْلَ الصلاةِ تُفِيْدُ كثيراً النساءَ الحَوامِلَ، كَمَا أنَّها تَضُرُّ كَثيراً الحَائِضَاتِ، لأنَّ المرأةَ المُصَليَّةَ عندمَا تُؤدي السُجودَ والرُكوعَ يَزِيْدُ جَريَانَ الدمِ إلى الرَحِمِ، بالإضافَةِ إلى أنَّ خَلِيَّةَ الرَحِمِ والمَبِيْضِ شَبيهَةٌ بِخَلِيَّةِ الكَبِدِ التي تَجْذُبُ كَثيراً مِنَ الدِمَاءِ.
ولا شَكَّ أنَّ رَحِمَ الحَامِلِ يَحتَاجُ إلى الدماءِ الوَفِيْرَةِ لِكَي تُغَذِّيَ الجَنينَ ولِتَصْفِيَةِ المُلوثِاتِ مِن دمِهِ، وعندَمَا تُؤدي الحَامِلُ الصلاةَ؛ فإنَّها تُسَاعدُهَا في إيصَالِ الدمِ بِوَفْرَةٍ إلى الجَنينِ.
أمَّا الحَائِضُ إذا أَدَّتِ الصلاةَ فإنَّهَا تُسَبِّبُ انْدِفَاعَ الدَمِ بِكَثْرَةٍ إلى رَحِمِهَا، ممَّا يُؤدي إلى فُقْدَانِهِ ونُزُولِهِ في دَمِ الحَيْضِ.
ويُقَدَّرُ حَجْمُ الدَمِ والسوائِلِ المَفْقُودةِ مِن جِسْمِ المرأةِ أيَّامِ الحَيْضِ بـ 34 ملي لتر مِنَ الدمِ ومِثْلُهُ منَ السوائِلِ، ولَو أَدَّتِ الحائِضُ الصلاةَ فإنَّهَِا تَتَسَبَّبُ في هَلاكِ الجِهازِ المَنَاعِيِّ بِجِسْمِهَا؛ لأنَّ كُريَّاتِ الدَمِ البيضَاءِ التي تَقُومُ بِدَوْرٍ مُهِمٍّ في المَنَاعَةِ تَضِيْعُ عَبْرَ دِمَاءِ الطَمْثِ المَفْقُودَةِ مِنَ الجسمِ.
ونزيف الدم بصفة عامة يزيد من احتمالات العدوى بالأمراض، أما الحائضات فقد حفظهن الله سبحانه من العدوى بتركيز كريات الدم البيضاء في الرحم خلال الدورة الشهرية لكي تقوم بالمدافعة والحماية ضد الأمراض.
أمَّا إنْ صَلَّتِ المرأةُ أثنَاءَ الحَيْضِ فإنَّهَا تَفْقُدُ الدِمَاءَ بِقَدَرٍ هائِلٍ وتَفْقُدُ معَهَا كَثيرَاً مِنْ كُرَيَّاتِ الدَمِ البيضاءِ، ممَّا يُعَرِّضُ سائِرَ أعضاءِ جِسْمِهَا مِثْلَ الكَبِدِ والطُحَالِ والغُدَّةِ الليمفاويَّةِ والمُخِّ للمَرَضِ، وتَظْهَرُ هُنَا حِكْمَةُ مَنْعِ الصلاةِ أيَّامَ الحَيْضِ للنِساءِ حتى يَطْهُرْنَ، كَمَا وَصَفَهُ القرآنً على أنَّهُ أَذَىً بِقَوِلِهِ تَعالى: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )[البقرة : 222].
بالإضافَةِ إلى أنَّ تَحْرِيكَ الجسمِ لا سيَّمَا في السجودِ والرُكوعِ يَزِيْدُ سَيْلَ الدماءِ إلى الرَحِمِ ويُسَهِّلُ فُقْدانَهُ هَبَاءً، بالإضافة إلى مَا يُسَببهُ مِن نَقْصِ الأملاحِ المَعْدنيَّةِ مِنَ الجِسمِ. 
ويَنْصَحُ الأطباءُ في فَتْرَةِ الطَمْثِ بالاستِرَاحَةِ وتَنَاوُلِ الوَجَبَاتِ الغِذَائِيَّةِ، لِكَي لا يَضِيْعَ مِن الجِسمِ الدمُ وسائِرُ الأملاحِ الثَمِيْنَةِ، وهُنَا تَتَّضِحُ أيضاً حِكْمَةُ مَنْعِ الصَومِ أيضَاً للنِساءَ الحِيَّضِ .



مصافحة المرأة للرجل.........إعجاز علمي

مُصَافَحَةُ المرأةِ للرجلِ
قالُوا: مَاذا لَو صَافَحَتِ المرأةُ الرجلَ.............؟ 
قالَ عِلْمُ التَشْرِيحِ : هُنَاكَ خَمْسَةُ ملايينَ خَلِيَّةٍ في الجسمِ تُغَطْي السَطْحَ، كُلُّ خليَةٍ مِن هذهِ الخَلايَا تَنْقُلُ الأحَاسِيْسَ، فإذا لامَسَ جِسْمُ الرجلِ جِسْمَ المرأةِ سَرَى بينَهُمَا اتِّصَالٌ يُثِيْرُ الشَهْوَةَ، وأَضَافَ علمُ التَشْرِيحِ قائلاً: حتى أَحاسِيْسَ الشَمِّ، فَالشَمُّ قَد رُكِّبَ تَركِيْبَاً يَرتَبِطُ بأجهِزَةِ الشَهْوَةِ، فإذا أَدْرَكَ الرجلُ أو المرأةُ شيئاً مِنَ الرائِحَةِ؛ سَرَى ذلِكَ في أَعْصَابِ الشَهْوَةِ، وكَذلِكَ السَمَاعُ وأَجْهِزَةُ السَمْعِ مُرتَبِطَةٌ بأجهِزَةِ الشَهْوَةِ، فإذا سَمِعَ الرجلُ أو سمِعَتِ المرأةُ مُنَاغَمَاتٍ مِن نَوعٍ مُعَيَّنٍ؛ كَأَن يَحْدُثَ نَوْعٌ مِنَ الكلامِ المُتَّصِلِ بهذهِ الأمورِ أو يكونَ لِيْنٌ في الكلامِ مِنَ المرأةِ، فإنَّ كُلَّ ذلكَ يُتَرْجَمُ ويَتَحَرَّكُ إلى أَجْهِزَةِ الشَهْوَةِ. 
وهذا كلامُ رِجالِ التَشْرِيحِ المَادِيِّ مِنَ الطِبِّ، يُبَيِّنُونَهُ ويُدَرُسُونَهُ تحتَ أجهِزَتِهِم وآلاتِهِم، ونحنُ نقولُ: سبحانَ اللهِ الحكيمِ الذي صَانَ المؤمنينَ والمؤمناتِ فأغْلَقَ عليهِم مَنَافِذَ الشيطانِ وطُرُقَهُ، قالَ اللهُ تَعالى: ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )[النور : 30].
و قالَ صلى الله عليه وسلم: لأنْ يُطْعَنَ في رأسِ أحدِكُم مِخْيَطٌ مِن حديدٍ خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ لَهُ . 
وعَن أبي أُمَامَةَ عن سيدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: إيَّاكَ والخُلوةَ بالنساءِ، والذي نَفْسِي بيدِهِ مَا خَلا رجلٌ بامرأةٍ إلاَّ دَخَلَ الشيطانُ بينَهُمَا، ولأَنْ يَزْحَمَ رجلٌ خِنْزِيراً مُتَلِطِّخَاً بِطِينٍ أو حَمَأةٍ؛ خيرٌ لَهُ مِن أَنْ يَزْحَمَ مِنْكَبَهُ مِنْكَبَ امرأةٍ لا تَحِلُّ لَهُ .



فهرس كتاب دستور حياة المرأة

فهرس دستور حياة المرأة

مقدمة الكتاب............................................ 3
كلمة لا بدَّ منها......................................... 5
تمهيد للدستور......................................... 7
مقدمات........................................... 10
سُنَّةُ اللهِ في التَزَاوجِ بينَ الكائناتِ الحَيَّة................. 11
التَذْكِيرُ والتَأنِيْثُ مِنَ اللهِ لا مِنَ الطبيعَةِ
ولا بِمَحْضِ الصُدْفَةِ............................... 13
شَرَفَ التَزَاوُجِ بينَ بَنِي الإنسانِ..................... 17
مَكَانَةُ المرأةِ قَبْلَ الإسلامِ............................ 24
مكانَةُ المرأةِ في عَصْرِ الفُرعُونيَّةِ.................... 26
مَكانَةُ المرأةِ في بلادِ مَا بينَ النَهْرَين................. 29
مكانةُ المرأةُ عندَ الصِينيِّين القُدماءِ................... 32
مكانةُ المرأةُ عندَ الهُنُودِ............................ 32
مَكانَةُ المرأةِ عندَ الإغْرِيقِ...................... 34
مَكانَةُ المرأةِ عندَ الرُومَانِ....................... 40
مَكانَةُ المرأةِ عندَ الفُرْسِ......................... 44
مَكانَةُ المرأةِ عندَ اليَهودِ......................... 47
مَكانَةُ المرأةِ عندَ المَسيحيِّينَ........................ 48
مَكانَةُ المرأةِ عندَ العَرَبِ قَبْلَ الإسلامِ.................. 53
الإسلامُ هوَ السبيلُ الوَحيدُ لإنْصَافِ
المرأةِ والمُحَافظةِ على كَرَامَتِهَا..................... 56
المرأةُ والإسلام.........................
....... 66
مِن مَظَاهِرِ رَحْمَةِ الإسلامِ بالمَرأةِ................... 67
مِن مَظَاهِر رِفْقِهِ صلى الله عليه وسلم ورَحْمَتِهِ بالنساءِ.... 68
تَحريمُ قَتْلِ النساءِ في الحروبِ........................ 70
مُعَامَلةُ الحائضِ في السُنَّةِ الشَريفَةِ..................... 72
لطيفةٌ مِنَ الإعجازِ العِلْمِيِّ............................ 74
المساواةُ في الإسلامِ.............................
... 76
المساواةُ في الإنسانيَّةِ............................... 78
المساواةُ في أغْلَبِ تَكاليفِ الإيمانِ................... 79
إيمانُ النساءِ كإيمانِ الرِجَالِ........................ 79
المساواةُ في المسؤوليَّةِ المَدنيَّةِ في الحُقوقِ المَاليَّةِ خَاصَّةً...81
المُساواةُ في جزاءِ الآخرةِ....................
83
المساواةُ بينَ المؤمناتِ......................  86
الوَحْيُ يَنْتَصِرُ للمرأةِ......................... 88
كرامَة ُالمرأةِ المسلمةِ.......................  91
وصيةُ سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالنساءِ.... 94
حياتُهُ صلى الله عليه وسلم معَ نسائِهِ وإحسانِهِ إليهِنَّ..  97
دستورُ المرأةِ في حَياتِهَا الدِينيَّةِ..................  102
نَظْرَةُ الإسلامِ إلى المرأةِ.........................  103
مُشاركَةُ المرأةِ الرجلَ في الوَاجباتِ والشَعائِرِ الدينِيَّةِ.....  106
الجزاءُ على العملِ في الآخرةِ....................  108
واجِبُ المرأةِ في نَشْرِ الدِيْنِ
والأمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَهْي عَنِ المُنْكَرِ..............  110
شُبْهَةٌ مَرْدُودةٌ بِبَيَانِ مَعْنَى﴿ نُقْصَانُ عَقْلِهَا ودِينِها ﴾...... 115
دستورُ المرأةِ في حَياتِهَا الزوجيَّةِ................. 125
رأيُهَا في اختيارِ الزَوْجِ.....................
....  126
وُجوبُ المَهْرِ في النِكاحِ ومُلكيَّتُهَا لَهُ............... 133
المعاشرةُ قائمةٌ على المعروفِ................... 139
مِنَ المُعَاشَرَةِ بالمَعروفِ........................ 143
التَحَبُّبُ معَ الكَرَاهَةِ.......................... 144
اجتماعُ المُوَدَّةِ والرَحْمَةِ..................... 145
نماذجٌ من أخلاقِ السَلَفِ في ذلك.................. 148
التَغَاضِي عَنِ الصَغِيْرِ والكَبيرِ..................... 150
طَلاَقَةُ الوَجْهِ والبَشَاشَةُ........................... 152
لطيفةٌ مِنَ الإعجَازِ العِلْمِيِّ....................... 153
الاستِمَاعُ إلى حديثِهَا............................ 155
السلامُ على أَهْلِهِ إذا دَخَلَ عليهِم..................... 156
معالجتُهَا إذا مرضَتْ.............................. 157
الوفاءُ لها بعدَ مماتِهَا............................. 158
نَفَقةُ الزوجة حقٌ واجبٌ على الزوجِ................. 160
تحريمُ نِكَاْحِ المُتْعَةِ يَحمي حَقَّ المَرأةِ................ 166
تعددُ الزوجات ليسَ هَضماً لحقِّ المرأةِ أو إضراراً بِهَا...... 170
مقدمةٌ في تاريخِ التَعدد............................... 171
الإصلاحُ الإسلامي في تَعددِ الزَوجاتِ.................... 174
العوامِلَ التي تُبَرِّرُ التَعَدُّدَ............................ 176
المَآخِذُ المُوَجَّهَةُ إلى التَعَدُّدِ والرَدُّ عليها................ 182
الخلاصةُ..................................... 186
التَحْكِيمُ بينَ الزَوجينِ عندَ اختِلافِهِمَا................. 189
حقُّهَا في فَسْخِ عَقْدِ الزَوجِيَّةِ...................... 195
اشتراطُ الوَليِّ في النكاحِ لا يُقَيِّدُ حُرِّيَةَ المرأة.......... 198
قَوَاْمَةُ الرجلِ على المرأةِ لا يَسْلِبْهَا حُرِّيَتَهَا........... 204
رِيَاسةُ الرجلِ ليسَ ظُلمَاً للمرأةِ....................... 214
بعضُ التَشْرِيعَاتِ الوِقَائيَّةِ لِحِمَايَةِ المرأةِ والمُجْتَمَعِ....... 215
إصلاحُ الباطِنِ................................... 217
الحِجَــاب.................................... 220
مَنْعُ الخَلْوَةِ والاخْتِلاطِ....................... 226
لطيفةٌ مِنَ الإعجَازِ العِلميِّ...................... 232
مَنْعُ السَفَرِ بِدونِ مَحْرَمٍ........................ 247
الاستئذانُ عندَ دُخولِ البِيوتِ.................... 249
المــرأةُ بِـنْتَــاً..........
.................... 254
المــرأةُ أمـَّـاً................................. 264
المرأةُ فَرْدٌ مِن أفرَادِ المُجْتَمَعِ........................ 274
الأصلُ في وَظيفةِ المَرأةِ أنْ تَكونَ في البيتِ.......... 276
عَمَلُ المرأةِ في المِيزَانِ...................... 280
شُرِعَ الطَلاقُ لِحِمَايَةِ الاستِقْرَارِ العَائِلِيِّ والاجتِمَاعِيِّ...... 290
جَعْلُ الطلاقِ بيَدِ الرجلِ لا يُنْقِصُ مِن شَأنِ المرأةِ........ 297
دستورُ المرأةِ في الحياةِ الماليَّةِ..................... 300
تَصَرُّفُهَا في مَالِهَا، وحَقُّهَا في تَوَلِّي إدارَتِهِ واستِثْمَارِهِ..... 301
حَقُّهَا في المِيْرَاثِ.............................. 306
وُجُوبُ المَهْرِ في النِكَاحِ ومُلْكِيَّتَهَا لَهُ................. 310
الرَدُّ على مَن يَزْعُمُونَ إِجْحَافَ
الإسلامِ لَهَا في الحُقوقِ المَالِيَّةِ.................... 315
الأرقامُ تتحدَّثُ................................ 329
وفي الخِتَامِ................................. 339
الفهرس.................................... 347



الأرقام تتحدث................

االأرقام تتحدث
أصدرَ معهدٌ مَعْنِيٌ بشؤونِ المرأةِ تَقريرًا قامَ بإعدادِهِ فريقٌ مُتخصِّصٌ لِرَصْدِ أحوالِ المرأةِ في العَالَمِ الغَرْبِيِّ ، والأرقامُ التي يُبَيِّنُهَا التقريرُ تَتَناولُ وَضْعَ المرأةِ في دَولتينِ غَرْبِيَّتَينِ هُمَا إسبانيا والولاياتُ المتحدةُ الأمريكية.
أمَّا إسبانيا فَبِاعتِبَارِهَا آَخِرَ الدُولِ لَحَاقَاً بِرَكْبِ مَا يُسَمَّى بالحضارةِ الغَربيَّةِ، وأمَّا الوَلاياتُ المتحدة فَبِاعتِبَارِهَا قِمَّةُ مَا يُسَمَّى بالحضارةِ الغَربيَّةِ، ومَا بينَهُمَا فَيَتَراوَحُ بينَ هذَا وذَاكَ.
أولاً..............في إسبانيا
• في عام 1989م كانَ مُتوسِّطُ الوِلادات 1.36 لكلِّ امرأةٍ.
• وفي عام 1992م كانَ مُتوسط الوِلادات 1.02 وهي أقلُّ نسبةِ وِلاداتٍ في العَالم.
• في عام 1990م : 93 % مِنَ النساءِ الإسبانياتِ يَستَعْمِلنَ حُبوبَ مَنْعِ الحَمْلِ ولِمدَّةِ 15 عاماً مُتتالية في عُمُرِ كُلٍّ منهُنَّ.
• في عام 1990م : قَدَّمَت 130 ألف امرأةٍ بلاغاتٍ بالاعتداءِ الجَسَديِّ والضَرْبِ المُبَرِّحِ مِن قِبَلِ الرجالِ الذين يَعِيشونَ مَعَهُنَّ (أزواجٌ وخِلافُهُ).
قالَ مُحامي الشعبِ الاسبانِيِّ أنَّ الشكاوَى بالاعتداءِ الجَسَدِيِّ والضَرْبِ المُبَرِّحِ بَلَغَت هذَا العامِ (1997م) 54 ألف شَكوى، تَقولُ الشرطةُ إنَّ الرقمَ الحَقيقِيَّ عَشْرَةُ أضعافِ هذَا العَدَدِ.
• عام 1995م خَضَعَت مُليونَ امرأةٍ تَحت أيديِ جَراحِيِّ التَجميلِ أي بِمُعَدَّلِ امرأةٍ من كُلِّ 5 نساءِ يَعِشْنَ في مَدريدَ ومَا حَوْلَهَا.
• بلاغٌ يومِيٌّ عَن قَتْلِ امرأةٍ بأبْشَعِ الطُرُقِ على يَدِ الرجلِ الذي تَعيشُ مَعَهُ.
ثانياً................الولايات المتحدة الأمريكية
• في عام 1980 م: (1.553.000) حالةَ إجهاضٍ، 30 % منها لَدَى نِساءٍ لَم يَتَجَاوَزْنَ العِشرينَ عامَاً مِن أعمَارِهِنَّ، وقالَتِ الشرطةُ: إنَّ الرقمَ الحقيقِيَّ ثلاثةُ أضعافِ ذلِكَ.
• وفي عامَ 1982 م: 80% مِنَ المُتزوِّجاتِ منذ 15 عاماً أصبَحْنَ مُطَلَّقاتٍ.
• في عام 1995م: 82 ألف جريمةِ اغتصابٍ، 80% منها في مُحيطِ الأسرةِ والأصدقاءِ، بينَما تقولُ الشرطةُ إنَّ الرقمَ الحقيقِيَّ 35 ضِعْفَاً.
• 70% مِنَ الزَوْجَاتِ يُعَانِيْنَ الضَرْبَ المُبَرِّحَ، و4 آلاف يُقْتَلْنَ كُلَ عامٍ ضَرباً على أيدي أزواجِهِنَّ أو مَن يَعيشونَ مَعَهُنَّ. 74% مِنَ العَجائِزِ الفُقراءِ هُم مِنَ النساءِ، 85% مِن هؤلاءِ يَعِشْنَ وَحيداتٍ دُونَ أيِّ مُعينٍ أو مُساعِدٍ.
• ومِن 1979م إلى 1985م: أُجْريَت عملياتُ تَعْقِيْمٍ للنِساءِ اللَواتِي قَدِمْنَ إلى أمريكا مِن أمريكا اللاتِينِيَّةِ، والنساءُ اللاتِي أُصُولُهُنَّ مِنَ الهنودِ الحُمُر، وذلِكَ دُونَ عِلْمِهِنَّ.
• ومِن عام 1980 إلى عام 1990م: كانَ بالولاياتِ المُتحدة مَا يُقَاربُ مليونَ امرأةٍ يَعْمَلْنَ في الدَعارَةِ، وفي عام 1995م: بَلَغَ دَخْلُ مؤسساتِ الدَعارَةِ وأجهِزَتِهَا الإعلامِيَّةِ 2500 مليون دولار.
• وفي الولاياتِ المتحدة فقط 1400 مَلجأ للنساءِ المَضْرُوبات أو الهَارِباتِ مِن أزواجِهِنَّ، وهُنَّ اللاتِي لا يَجِدْنَ مَلجَأً عندَ أهلٍ أو أقاربَ. مِن 90ـ95% مِن ضَحَايا العُنْفِ العَائِليِّ في أمريكا هُم مِنَ النساءِ.
• انتَشَرَت عادَةُ ضَرْبِ الرجلِ زوجتَهُ في الغَرْبِ على المُستوياتِ الاجتماعِيَّةِ والثقافِيَّةِ ودُونَ ضَوابِطَ، وتقولُ الإحصاءاتُ: إنَّ في أمريكا كُلَ 15ثانية يَضْرِبُ أَحَدُ الأزواجِ زوجتَهُ ضَرْبَاً مُبَرِّحَاً. ونَشَرَت مجلةُ التَايمز تَحْقيقَاً حَوْلَ حَوادِثِ الضَرْبِ التي تَتَعَرَّضُ لَهَا الزوجاتُ الأمريكياتُ فقالَت: إنَّ مِن بينِ 2000 إلى 4000 زوجةٍ تَتَعَرَّضُ للضَرْبِ الذي يُفْضِي إلى الموتِ.
• المَقتولاتُ في أمريكَا مِن قِبَلِ أزواجِهِنَّ أو أَخِلاَّئِهِنَّ طِبْقَاً لإحصائياتِ مَكْتَبِ التَحقيقاتِ الفِدرالي، فإن30 % مِن ضَحايا قَتْلِ الإناثِ بالولاياتِ المتحدةِ الأمريكيَّةِ في 1990م قَد قُتِلْنَ مِن قِبَلِ أزواجِهِنَّ أو أَخِلاَّئِهِنَّ، وقد بَلَغَ ذلِكَ تقريباً 3000 امرأة.
• 80% منَ الأمريكيَّاتِ يَعْتَقِدنَ أنَّ الحريَّةَ التي حَصَلَت عليها المرأةُ خلالَ الثلاثينَ عاماً هيَ سببُ الانحلالِ والعُنْفِ في الَوقتِ الرَاهِنِ، 75% يَشْعُرْنَ بالقلقِ لانهيارِ القِيَمِ والتَفَسُّخِ العَائِليِّ.
• و80% يَجِدْنَ صعوبَةً بالغَةً في التوفيقِِ بينَ مَسؤولياتِهِنَّ تُجاهَ العملِ ومَسؤولياتِهِنَّ تُجاهَ الزوجِ والأولادِ. و87% لو عادَت عَجَلَةُ التاريخِ للوَراءِ لاعتَبَرْنَ المُطالبَةَ بالمُساواةِ مُؤامَرَةً اجتماعيَّةً ضِدَّ الولاياتِ المتحدةِ وقَاوَمْنَ اللواتِي يَرْفَعْنَ شِعَارَاتِهَا.
• و42% مِنَ الأمريكياتِ يَتَعَرَّضْنَ لِتَحرُّشَاتٍ في أمَاكِنِ العملِ والدِراسَةِ والمُنتدياتِ والشَوارعِ.
• 6 ملايينَ امرأةٍ تُضْرَبُ في بيوتِهِنَّ دُوْنَ أَنْ يُبَلِّغْنَ الشرطةَ أو يَذْهَبْنَ إلى المستشفى، عشراتُ الآلافِ دَخَلْنَ المستشفياتِ للعلاجِ مِن إصاباتٍ تَتَراوَحُ بينَ كَدَمَاتٍ سوداءَ حولَ العينِ وكُسُورٍ في العِظامِ وحُروقٍ وجُروحٍ وطَعْنٍ بالسكينَ وجُروحَ الطَلقاتِ الناريَّةِ وبينَ ضَرباتٍ أُخْرَى بالكَراسِي والقُضْبانِ المُحَمَّاةِ.
• 20% مِنَ النساءِ اللاتِي شَمَلَتْهُنَّ الدراسةُ (دراسةٌ عَنِ النساءِ المُغْتَصباتِ في أمريكا) اعْتَرَفْنَ أنَّهُنَّ اغتُصِبْنَ مِن قِبَلَ أصدقَائِهِنَّ. و24 امرأةٍ جَرَى الاعتداءُ عليهِنَّ نَهاراً في إحدَى حَدائِقَ نيويورك.
• دَلَّتِ الإحصاءاتُ الحديثةُ أنَّ رُبُعَ طَالباتِ المَدارسِ الثانويَّةِ حَبَالَى، وأنَّ البَكارةَ مَفقودةٌ البَتَّةُ، وفي مدينةِ (نفز) عاصمة (كولورادو) تَبلغُ نِسبةُ الحَبَالى مِن تِلميذاتِ المَدارسِ الثَانوية 48%. يقول القاضي لِندرس: "إنَّه يسقطُ في أمريكا مليونَ حَمْلٍ على الأقلِّ في كلِّ سنةٍ، ويُقتَلُ آلافَ الأطفالِ فَوْرَ وِلادتِهِم. وفي أمريكا مليونَ طفلٍ يُولَدُونَ سنوياً مِنَ السفاحِ.
• 85% مِنَ الزِيجاتِ في الدولِ الغَربيَّةِ تَنْتَهي بالطلاقِ.
• في تقريرٍ قامَ بإعدادِه فريقُ بحثٍ مَقَرُّهُ جامعةُ جون هُبكِنْز في ميريلاند:Johns Hopkins بـ Maryland بالولاياتِ المتحدةِ نَشَرَتْهُ محطةُ CNN الإخبارية الأمريكية عَن انتشارِ ظاهرةِ تِجارةِ الرَقيقِ مِنَ النساءِ، حيثُ أنَّ 120 ألف امرأةٍ مِن أوروبا الشرقيةِ (روسيا والدولِ الفقيرةِ التي حولَها) يَتُمُّ تَهجيرَهِنَّ إلى أوروبا الغَربية ولهذا الغَرَضِ الدَنِيء، و15 ألف امرأةٍ أو أكثرَ يَتُمُّ إرسالُهُنَّ إلى الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية وأَغلبَهُنَّ منَ المكسيك، بـ 16 ألف دولار تُبَاعُ المرأةُ القادمةُ مِن دولِ شَرقِ آسيا بأمريكا لِيَتُمَّ استخدامُهَا بعدَ ذلِكَ في دُورِ الفَواحِشِ والحَانَاتِ.

نَشَرَت مَجَلَّةُ حَضَارَةِ الإسلامِ في المُجَلَّدِ الثانِي عام 1981 هـ و 1961م ص 165 ما يلي:
• تَدُلُّ الإحْصَاءاتُ في السُويدِ على أنَّهُ بَيْنَ كُلِّ سَبْعِ زِيْجَاتٍ تَنْتَهِي واحِدَةٌ بالطَلاقِ، وفي التَزْويْجِ بَيْنَ كُلِّ سِتِّ زِيْجَاتٍ تَنْتَهِي وَاحِدَةٌ بالطَلاقِ. وليسَ نَادِرَاً أَنْ تَجِدَ شَابَّاتٍ في الدَانمارك طُلِّقْنَ مَرَّتَيْنِ أو ثلاثَ مَرَّاتٍ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغْنَ الثَلاثِيْنَ.
• أمَّا الأطفالُ غَيْرُ الشَرعِيِّين؛ فَفِي السُويدِ يُوْلَدُ طِفْلٌ غَيْرُ شَرْعِيٍّ بينَ كُلِّ عَشْرَةِ أطفَالٍ. وفي الدَانمارك؛ طِفْلٌ بينَ كُلِّ ثلاثَةَ عَشَرَ طِفْلاً.
• تَتُمُّ حَالاتُ إِجْهَاضٍ كَثيرَةٍ بِوَاسِطَةِ سيِّدَاتٍ غَيْرِ أَخِصَّائِيَّاتٍ، ممَّا حَفَّزَ الصُحُفَ على مُطَالَبَةِ الحُكُومَةِ كَي تَجْعَلَ الإجْهَاضَ قَانُونِيَّاً،لا يُسْأَلُ الأطِبَّاءُ عَنْهُ إذا قَامُوا بِهِ عَلانِيَّةً.
• أمَّا في أَمريكَا فَقَد وُلِدَ 221 أَلفَ طِفْلٍ غَيْرَ شَرْعِيٍّ في الوَلاياتِ المُتَّحِدَةِ خلالَ عامِ 1959، أي بِنِسْبَةِ 52 طِفْلاً في كُلِّ أَلْفِ طِفْلٍ وُلِدَ في أمريكَا خلالَ ذلِكَ العَامِ.
وقَدَّمَتِ الدُكتورَةُ (راشل دافيز) عُضُو الجَمعيَةِ العُمُوميَّةِ لِوِلايَةِ شَمالِ كَارُولينَا؛ مَشْرُوعَاً بِتَعْقِيْمِ السيِّدَاتِ اللاتِي يَلِدْنَ أَكْثَرَ مِن مَولُودَيْنِ غيرِ شَرعِييَّنِ.



مكانة المرأة قبل الإسلام.....في عصر الفرعونية

مكانَةُ المرأةِ في عَصْرِ الفُرعُونيَّةِ
احتَلَّتِ المرأةُ في مِصْرَ القَديمَةِ مَكَانَةً مَرْمُوقَةً وتَمَتَّعَت بِبعضِ الحُقوقِ كَحَقِّ التَمَلُّكِ وحَقِّ الإرثِ وحَقِّ الحُكْمِ.
والمرأةُ المَصْريَّةُ القديمَةُ كانَت زَوْجَةً بمعنَى الكلمةِ حيثُ كانَت مُحِبَّةً لزَوْجِهَا مُطِيْعَةً لَهُ وربَّةَ بيتٍ وأمَّاً مِثَاليَّةً ، ثمَّ إنَّهَا كانَت تَقُومُ على شُؤونِ الأسرةِ في غَيْبَةِ زَوْجِهَا .
هذهِ الدرجَةُ المَرْمُوقَةُ التي وَصَلَت إليهَا المرأةُ المَصْريَّةُ جَعَلَتِ المَصرييَّنَ يُعَظِّمُونَ مِن قَدْرِهَا، فَفِي أُسْطُورةِ "إيزيس" المَشهورةِ دليلٌ على ذلكَ. وإيزيسُ هذهِ هِيَ أُخْتُ أوزوريس الذي قَتَلَهُ أَخُوهُ حِقْدَاً عليهِ، أَحَبَّتْهُ إيزيسُ فَجَمَعَت أَجْزَاءَ جِسْمِهِ مِن أنْحَاءِ الدولَةِ وجَاهَدَت جِهَاداً كَبيراً للحُصُولِ على هذا البَعْثِ الذي نَجَمَ عنْهُ وُجُودُ أوريس الصغير الذي انْتَقَمَ فيمّا بَعْدُ مِن عمِّهِ "ست"، وقَد عَظَّمَ المصريُّونَ إيزيس لهذَا السَبَبِ .
وثمَّةَ أُسْطُورةٌ أُخْرَى رَواهَا المُؤَرِّخُ هِيرودوت اليُونَانِي تَقولُ: إنَّ أحدَ مُلوكَ مِصْرَ وَقَعَ في شِرْكٍ نَصَبَهُ لَهُ أَخُوهُ الطَامِعُ في المُلْكِ، ولَم يَنْجُ إلاَّ بِحِيْلَةِ زوجَتِهِ الذَكيَّةِ التي ضَحَّتْ في سبيلِ نَجَاةِ زَوجِهَا بِوَلَدينِ مِن أولادِهَا، لِهَذا السببِ عَظَّمَ المَصريُّونَ المرأةَ .
والمرأةُ المَصريَّةُ أَصْبَحَت حَاكِمَةً كَمَا قُلْنَا؛ إلاَّ أنَّ ذلِكَ كانَ لا يَحْدُثُ إلاَّ في حَالَةِ عَدَمِ وُجودِ الوَرَثَةِ مِنَ الذُكورِ، وفي ذلِكَ يَحكِي "ديودور" مُوَضِّحَاً أنَّ جَدوَلَ مُلوكِ مِصْرَ ذَكَرَ خَمْسَ مَلِكَاتٍ إِزَاءَ أربعمائةٍ وسبعينَ مَلِكَاً.
ويُقالُ إنَّ الملكَةَ عندمَا تَرْتَفِعُ إلى العَرْشِ كانَت تَشْعُرُ أنَّ مَقَامَهَا هذا هُوَ للرجلِ، ولِذَلِكَ كانَتِ المَلكَةُ "هتشوب" التي حَكَمَت قبلَ 1550م مِن ميلادِ المَسيحِ عليهِ السلام؛ مُجْبَرَةً على لُبْسِ ثِيَابِ الرجلِ مُرَاعَاةً للرَأيِ العَامِّ .
وعُمُومَاً فإنَّ وَضْعَ المرأةِ المَصْريَّةِ كانَ وَضْعَاً مُتَمَيِّزَاً في عَهْدِ العَائِلاتِ المُلوكِيَّةِ الأوْلَى، وظَلَّ هذا الوَضْعُ قَائِمَاً حتى أَوَاخِرَ عَهْدِ البَطَالِمَةِ، هذا ومِنَ المَلِكَاتِ والأمِيراتِ ذَواتِ النُفُوذِ في مِصْرَ القَديمَةِ؛ المَلكَةُ" فكتورسيس "وهِيَ فِرْعُونَةٌ مِن مُلوكِ الدَولَةِ السادِسَةِ المَصْريَّةِ. ومِنْهُنَّ الأميرةُ "دلوكة بنت زباء" التي مَلَكَت وعُمْرُهَا مائةُ عامٍ والتي بَنَتِ الحَائِطَ المَعْرُوفَ بِحَائِطِ العَجُوزِ المَشْهُورِ. ومِنْهُنَّ "كِليوباترا" التي حَكَمَت اثنينِ وعِشرينَ عَامَاً وأُطْلِقَت حيَّةٌ على صَدْرِهَا فَلَدَغَتْهَا فَمَاتَت .
والعقادُ يقولُ: إنَّهُ وبالرُغْمِ مِن أنَّ المرأةَ المَصْريَّةَ كانَ لَهَا حَظٌّ مِنَ الكَرامَةِ أجازَ لَهَا الجُلوسَ على العَرْشِ وأَعْطَاهَا حَقَّ ومَكانَ الرِعَايَةِ في الأسرةِ؛ إلاَّ أنَّ الأُمَّةَ المَصريَّةَ كانَتْ مِنَ الأمَمِ التي شَاعَت فيهَا عَقِيْدَةُ الخَطيئَةِ، وأنَّ المرأةَ هِيَ عِلَّةُ تِلْكَ الخَطِيْئَةِ وأنَّها خَلِيْفَةُ الشيطانِ وأنَّهُ لا نَجَاةَ للرُوحِ إلاَّ بالنَجَاةِ مِن حَبَائِلِ المَرأةِ .
ولَم تَخْلُ هذهِ المُجْتَمَعَاتِ المَصريَّةِ مِنَ العَادَاتِ الرَدِيْئَةِ، فَقَد كانَ يُمْكِنُ للرجلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهُ؛ ومَا أُسُطورَةُ "إيزيس" المُتَقَدِّمَةَ إلاَّ دليلٌ على ذلِكَ فَقَد كانَت "إيزيس" هِي أُخْتُ "أوزوريس" في نَفْسِ الوَقْتِ .
هذا فَضْلاً عَن أُسْطُورةِ عَرُوسِ النِيْلِ المَشْهُورةِ، التي كانَت قَد سَهَدَّت نَوْمَ المَصْرِييِّنَ قُرُونَاً طَويلةً ولَم يَسْتَطِيعُوا الفِكَاكَ مِنْهَا إلاَّ في عَهْدِ الفاروقِ سيّدنا عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضيَ اللهُ عنْهُ، والقِصَّةُ كَمَا حَكَاهَا ابنُ لُهَيْعَةَ أَنَّ المَصريِّين جَاءوا لِعَمْرو بنِ العَاص عندَ فَتْحِ مِصْرَ قَائِلينَ: إنَّ لِنِيْلِهِم سُنَّةً لا يَجْرِي إلاَّ بِها وهِي أنَّهُم يَأُخُذونَ جَاريَةً مِن أَبَوَيْهَا يَجْعَلُونَ عليهَا الحُلِيَّ وأَفْضَلَ الثِيابِ ويُلْقُونَهَا في النِيلِ. كَتَبَ عَمروُ بنُ العَاص لأميرِ المُؤمنين عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ الذي كَتَبَ خِطَابَهُ المَشْهُورُ للنيلَ: مِن عبدِ اللهِ أميرِ المؤمنينَ عُمَرَ إلى نِيْلِ مِصْرَ أمَّا بَعْدُ فإنَّكَ إِنْ كُنْتَ إنَّما تَجْرِي مِن قِبَلِكَ فَلا تَجْرِي؛ وإِنْ كانَ اللهُ الوَاحِدُ هُوَ الذي يُجْرِيْكَ فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُجْرِيَكَ". قالَ: فَأَلْقَى البِطَاقَةَ في النِيل قَبْلَ الصَلِيْبِ بيومٍ وقَد تَهَيَّأَ أهلُ مِصْرَ للجَلاءِ والخُروجِ مِنْهَا، لأنَّهُ لا تَقُومُ مَصْلَحَتُهُم فيهَا إلاَّ بالنيلِ، فلمَّا أَلْقَى البِطَاقةَ في النيلِ، أَصْبَحُوا يومَ الصَليبِ وقَد أَجْرَاهُ اللهُ في ليلةٍ واحِدَةٍ ستَّةَ عَشَرَ ذِرَاعا، وقَطَعَ اللهُ تِلْكَ السيرةَ عَن أَهْلِ مِصْرَ مِن تِلْكَ السَنَةِ .