الأربعاء، 4 مارس 2009
وصية سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء....
وصيةُ سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالنساءِ
كانَت في رجالِ قُرَيشٍ صَرَامَةٌ على نسائِهِم، ومنهُم مَن كانَ يَعْمَدُ إليهِنَّ بالأذَى، أما سيُّدُ الإنسانِيَّةِ والرَحمةِ سيّدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم فَمَا ضَرَبَ في حياتِهِ امرأةً ولا خَادِمَاً، وهُوَ الذي يقولُ: اتَّقُوا اللهَ في النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ ، وقالَ صل الله عليه وسلم: استوصوا بالنساءِ خيرًا فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أعوجَ وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضلعِ أعلاه فإنْ ذهبتَ تُقِيْمَهُ كسرتَه وإنْ تركتَه لم يزلْ أعوجَ فاستَوصُوا بالنساءِ خَيراً .
وكانَ كَأَغْضَبِ مَا يكونُ إذا سَمِعَ بامرأةٍ يَضْرِبُهَا زوجُهَا، فعَن عبد الله ابن زَمْعَةَ قالَ: وَعَظَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فِي النِّسَاءِ، فَقَالَ: يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُعَانِقُهَا آخِرَ النَّهَارِ....!!؟ .
وعن أمِّ المؤمنينَ عائشةُ رضيَ اللهُ عنهَا قالَت: مَا ضَرَبَ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئاًَ قَطُّ بيدِهِ ولا امرأةً ولا خَادِمَاً؛ إلاَّ أَن يُجَاهِدَ في سبيلِ اللهِ، ومَا نِيْلَ منْهُ شَيءٌ قَطُّ فَينتَقِمُ مِن صاحِبِهِ إلاَّ أَن يُنْتَهَكَ شَيٌء مِن مَحارِمَ اللهِ فَيَنْتَقِمَ .
وقد قالَ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا تَضْرِبُوا إماءَ اللهِ، فَجاءَ عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنْهُ إلى سيّدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: ذَئِرنَ النساءُ على أزواجِهِنَّ، فَرَخَّصَ في ضَرْبِهِنَّ، فَأطَافَ بآلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِساءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزواجَهُنَّ، فقالَ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لقد طَاْفَ بآلِ محمدٍ نساءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزواجَهُنَّ؛ ليسَ أولئِكَ بِخِيَارَكُم .
وعَن بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قالَ: قلتُ يا رسولَ اللهِ.......نساؤُنَا مَا نَأتِي منهُنَّ ومَا نَذَرُ.......؟ قالَ صلى الله عليه وسلم: ائتِ حَرْثَكَ أنَّى شِئْتَ، وأَطْعِمْهَا إذا طَعِمْتَ، واكْسُهَا إذا اكْتَسَيْتَ، ولا تُقَبِّحِ الوجهَ ولا تَضْرُبْ. وفي روايةٍ بزيادةِ: ولا تَهْجُر إلاَّ في البيتِ .
ولم يَقِفِ الإسلامُ مِن كرامَةِ المرأةِ ورِعَايتِهَا مَوْقِفَ المُكْتَفِي بِكَفِّ الأذَى عنْهَا فَحَسْب، بَل كانَ ممَّا سَنَّهُ سيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْفِيْهُهَا والحِرْصُ على سرورِهَا، واجْتِلابُ مَا يُفْرِحُهَا، ويَشْرَحُ صدرَهَا في حُدودِ مَا أبَاحَهُ اللهُ وفي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فعَن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا قالَت: كُنْتُ ألْعَبُ بالبناتِ عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان يَأْتِيْنِي صَوَاحِبِي، قالَت: فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَت: فَكَانَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إليَّ فَيَلْعَبْنَ معِي . وفي روايةٍ قالت : كنتُ ألعْبُ بالبنات يوماً، فربما دَخَلَ عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعِندي الجَوارِي، فإذا دَخَلَ خَرَجْنَ وإذا خَرَجَ دَخَلْنَ، ولَهُ في أُخْرَى : أنَّ سيّدنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مِنْ غَزْوة تبوك - أو خَيْبَر - وفي سَهْوَتِها سِتْرٌ فهبَّتْ ريحٌ فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بناتٍ لعَائِشَةَ لُعَبٍ، فقالَ: مَا هذا يا عائشةُ.........؟ قالَت: بَنَاتِي، ورَأى بينَهُنَّ فَرَسَاً لَهُ جَنَاحَان مِن رِقَاعٍ، فقالَ: ومَا هذا الذي أَرَى وَسْطَهُنَّ......؟ قالت: فَرَسٌ، قالَ: ومَا هذا الذي عليهِ........؟ قالَت: جَنَاحَان، قالَ: فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَان.....!؟ قالَت: أَمَا سَمِعْتَ أنَّ لِسُليمانَ عليه السلام خَيْلاُ لهَا أجنحةٌ.......؟ فَضَحِكَ صلى الله عليه وسلم حتى رأيْتُ نَواجِذَهُ.
وعنها رضيَ اللهُ عنها قالَت: واللهِ لقد رأيتُ سيّدنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقومُ على بابِ حُجْرَتِي والحَبَشَةُ يَلعَبُونَ بالحِرابِ في المسجدِ، وسيّدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لأنْظُرَ إلى لَعِبِهِم بينَ أُذُنِهِ وعَاتِقِهِ، ثُمَّ يقومُ مِن أَجْلِي حتى أَكُونَ أنَا التي أَنْصَرِفُ.
حياتُهُ صلى الله عليه وسلم معَ نسائِهِ وإحسانِهِ إليهِنَّ
حياتُهُ صلى الله عليه وسلم معَ نسائِهِ وإحسانِهِ إليهِنَّ
أمَّا حياتُهُ صلى الله عليه وسلم في بيتِهِ بينَ نسائِهِ فقَد كانَت المَثَلَ الأعلى في كلِّ القِيَمِ و المبادِئِ، وهُو الذي يقولُ: خيرُكُم خيركُم لأهْلِهِ، وأنا خيركُمُ لأهْلِي .
عنِ الأسودِ بن يزيدِ النََخَعِي رضيَ اللهُ عنه قالَ: سألْتُ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا: مَا كانَ يَصْنَعُ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أهلِهِ........؟، فقالَت: كانَ يكونُ في مِهْنَةِ أهلِهِ، فإذا حَضَرَتِ الصلاةُ يتوضَأُ ويَخْرجُ إِلى الصلاةِ .
وعَن عُروةَ قالَ: سألْتُ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا: مَا كانَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعملُ في بيتِهِ......؟،قالَت: يَخْصِفُ نَعْلَهُ ويعمَلُ في بيتِهِ كمَا يَعْمَلُ الرجلُ في بيتِهِ .
وعَن أنسِ بنِ مالك رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: خَدَمْتُ سيدنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنينَ، فمَا قالَ لِي: أُفٍّ قَطُّ ، ومَا قالَ لِي لِشَيءٍ صَنَعْتُهُ؛ لِمَ صَنَعْتَهُ......؟ ولا لِشَيءٍ تَرَكْتُهُ؛ لِمَ تَرَكْتَهُ.....؟، وكانَ سيدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن أَحْسَنِ الناسِ خُلُقَاً .
وكانَ صلى الله عليه وسلم مِنَ التَبَسُّطِ ورَفْعِ الكُلْفَةِ إلى حَدٍّ؛ أَنْ يَسْتَبِقَ هُوَ وامرأتُهُ كَمَا جَاءَ عَن أمِّ المُؤمنينَ عائِشَةَ رضيَ اللهُ عنهَا أنَّها كانَت معَ سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ وهِي جاريةٌ فقالَ لأصحابِهِ تَقَدَّمُوا فَتَقَدَّمُوا، ثمَّ قالَ تَعالِ أُسابِقُكُ؛ فَسَابَقَتْهُ فَسَبَقْتُهُ على رِجْلي، فلمَّا كانَ بعدُ؛ خَرَجْتُ أيضاً معَهُ في سَفَرٍ، فقالَ لأصحابِهِ تَقَدَّمُوا ثُمَّ قالَ تَعالِ أسابِقُكِ ونَسِيْتُ الذي كانَ وقَد حَمَلْتُ اللحْمَ، فَقُلتُ وكيفَ أسابِقُكَ يا رسولَ الله......... وأنا على هذهِ الحالِ، فقالَ لَتَفْعَلِنَّ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فقالَ: هذهِ بِتِلْكَ السَبْقَةِ .
وقالَ أنسٌ رضيَ اللهُ عنهُ في حديثِهِ عَن صَفِيَّةَ رضيَ اللهُ عنها: ....فكانَ صلى الله عليه وسلم يَحْوِي لَهَا وَرَاءَهَ بِعَبَاءةٍ ، ثُمَّ يَجْلِسُ عندَ بَعيرِهِ فَيَضَعُ رَكْبَتَهُ فَتَضَعُ صفيَّةُ رضيَ اللهُ عنها رِجْلَهَا على رُكْبَتِهِ حتى تَرْكَبَ .
عن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها قالَت: أتيْتُ سيدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَزِيرَةٍ طَبَخْتُهَا لَهُ، فقُلْتُ لِسَودَةَ كُلِي، وسيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينِي وبينَهَا، فَقُلْتُ لَتَأكُلِنَّ أو لأُلَطِّخَنَّ وجهَكِ فَأَبَت، فَوَضَعْتُ يدي في الخَزِيْرَةِ فَطَلَيْتُ بها وَجْهَهَا، فَضَحِكَ سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فَوَضَعَ فَخِذَهُ لَهَا وقالَ لِسَوْدَةَ اِلطَخِي وَجْهَهَا فَلَطَّخَتْ وَجهي، فَضَحِكَ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا، فَمَرَّ عُمرُ فَنَادَى يا عبدَ اللهِ...... يا عبدَ اللهِ...... فَظَنَّ سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ سيدْخُلُ فقالَ قُوْمَا فَاغْسِلا وُجُوهَكُمَا، قالَت عائشةُ فمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمر لِهَيْبَةِ سيدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاُه .
وعَنِ النُعمانِ بن بَشير رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: جاءَ أبو بكر رضي الله عنهُ يستأذِنُ على سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها وهِي رَافِعَةٌ صوتَهَا على سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فقالَ: يا ابنةَ أمِّ رُومانَ.......وتَنَاوَلَها أبُوهَا رضيَ الله عنهُ.......أَتَرْفَعِينَ صوتَكِ على سيّدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم......!؟، قالَ: فَحَالَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَهُ وبينَهَا، فلمَّا خَرَجَ أبو بَكر رضيَ اللهُ عنهُ جَعَلَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ لهَا يَتَرضَّاهَا: ألا تَرَيْنَ أنِّي قَد حُلْتُ بينَ الرجلِ وبينَكِ.........؟، قالَ: ثمَّ جاءَ أبو بَكر رضي الله عنهُ فَاستَأْذَنَ عليهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قالَ: فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فقالَ أبو بَكر رضي الله عنهُ: يا رسولَ اللهِ........أَشْرِكَانِي في سِلمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي في حَربِكُمَا .
وعَن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: مَا رأيْتُ أَحَداً كانَ أَرْحَمَ بالعِيالِ مِن سيدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .
وقالَ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَكْمَلَ المؤمنينَ إيمَانَاً أَحْسَنُهُم أَخْلاقَاً، وخِيَارُكُم خِيَارُكُم لِنِسَائِكُم .
أمَّا حياتُهُ صلى الله عليه وسلم في بيتِهِ بينَ نسائِهِ فقَد كانَت المَثَلَ الأعلى في كلِّ القِيَمِ و المبادِئِ، وهُو الذي يقولُ: خيرُكُم خيركُم لأهْلِهِ، وأنا خيركُمُ لأهْلِي .
عنِ الأسودِ بن يزيدِ النََخَعِي رضيَ اللهُ عنه قالَ: سألْتُ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا: مَا كانَ يَصْنَعُ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أهلِهِ........؟، فقالَت: كانَ يكونُ في مِهْنَةِ أهلِهِ، فإذا حَضَرَتِ الصلاةُ يتوضَأُ ويَخْرجُ إِلى الصلاةِ .
وعَن عُروةَ قالَ: سألْتُ عائشةَ رضيَ اللهُ عنهَا: مَا كانَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعملُ في بيتِهِ......؟،قالَت: يَخْصِفُ نَعْلَهُ ويعمَلُ في بيتِهِ كمَا يَعْمَلُ الرجلُ في بيتِهِ .
وعَن أنسِ بنِ مالك رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: خَدَمْتُ سيدنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنينَ، فمَا قالَ لِي: أُفٍّ قَطُّ ، ومَا قالَ لِي لِشَيءٍ صَنَعْتُهُ؛ لِمَ صَنَعْتَهُ......؟ ولا لِشَيءٍ تَرَكْتُهُ؛ لِمَ تَرَكْتَهُ.....؟، وكانَ سيدنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن أَحْسَنِ الناسِ خُلُقَاً .
وكانَ صلى الله عليه وسلم مِنَ التَبَسُّطِ ورَفْعِ الكُلْفَةِ إلى حَدٍّ؛ أَنْ يَسْتَبِقَ هُوَ وامرأتُهُ كَمَا جَاءَ عَن أمِّ المُؤمنينَ عائِشَةَ رضيَ اللهُ عنهَا أنَّها كانَت معَ سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ وهِي جاريةٌ فقالَ لأصحابِهِ تَقَدَّمُوا فَتَقَدَّمُوا، ثمَّ قالَ تَعالِ أُسابِقُكُ؛ فَسَابَقَتْهُ فَسَبَقْتُهُ على رِجْلي، فلمَّا كانَ بعدُ؛ خَرَجْتُ أيضاً معَهُ في سَفَرٍ، فقالَ لأصحابِهِ تَقَدَّمُوا ثُمَّ قالَ تَعالِ أسابِقُكِ ونَسِيْتُ الذي كانَ وقَد حَمَلْتُ اللحْمَ، فَقُلتُ وكيفَ أسابِقُكَ يا رسولَ الله......... وأنا على هذهِ الحالِ، فقالَ لَتَفْعَلِنَّ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فقالَ: هذهِ بِتِلْكَ السَبْقَةِ .
وقالَ أنسٌ رضيَ اللهُ عنهُ في حديثِهِ عَن صَفِيَّةَ رضيَ اللهُ عنها: ....فكانَ صلى الله عليه وسلم يَحْوِي لَهَا وَرَاءَهَ بِعَبَاءةٍ ، ثُمَّ يَجْلِسُ عندَ بَعيرِهِ فَيَضَعُ رَكْبَتَهُ فَتَضَعُ صفيَّةُ رضيَ اللهُ عنها رِجْلَهَا على رُكْبَتِهِ حتى تَرْكَبَ .
عن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها قالَت: أتيْتُ سيدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَزِيرَةٍ طَبَخْتُهَا لَهُ، فقُلْتُ لِسَودَةَ كُلِي، وسيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينِي وبينَهَا، فَقُلْتُ لَتَأكُلِنَّ أو لأُلَطِّخَنَّ وجهَكِ فَأَبَت، فَوَضَعْتُ يدي في الخَزِيْرَةِ فَطَلَيْتُ بها وَجْهَهَا، فَضَحِكَ سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فَوَضَعَ فَخِذَهُ لَهَا وقالَ لِسَوْدَةَ اِلطَخِي وَجْهَهَا فَلَطَّخَتْ وَجهي، فَضَحِكَ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا، فَمَرَّ عُمرُ فَنَادَى يا عبدَ اللهِ...... يا عبدَ اللهِ...... فَظَنَّ سيدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ سيدْخُلُ فقالَ قُوْمَا فَاغْسِلا وُجُوهَكُمَا، قالَت عائشةُ فمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمر لِهَيْبَةِ سيدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاُه .
وعَنِ النُعمانِ بن بَشير رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: جاءَ أبو بكر رضي الله عنهُ يستأذِنُ على سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها وهِي رَافِعَةٌ صوتَهَا على سيّدنا النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فقالَ: يا ابنةَ أمِّ رُومانَ.......وتَنَاوَلَها أبُوهَا رضيَ الله عنهُ.......أَتَرْفَعِينَ صوتَكِ على سيّدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم......!؟، قالَ: فَحَالَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَهُ وبينَهَا، فلمَّا خَرَجَ أبو بَكر رضيَ اللهُ عنهُ جَعَلَ سيّدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ لهَا يَتَرضَّاهَا: ألا تَرَيْنَ أنِّي قَد حُلْتُ بينَ الرجلِ وبينَكِ.........؟، قالَ: ثمَّ جاءَ أبو بَكر رضي الله عنهُ فَاستَأْذَنَ عليهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قالَ: فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فقالَ أبو بَكر رضي الله عنهُ: يا رسولَ اللهِ........أَشْرِكَانِي في سِلمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي في حَربِكُمَا .
وعَن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: مَا رأيْتُ أَحَداً كانَ أَرْحَمَ بالعِيالِ مِن سيدنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم .
وقالَ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَكْمَلَ المؤمنينَ إيمَانَاً أَحْسَنُهُم أَخْلاقَاً، وخِيَارُكُم خِيَارُكُم لِنِسَائِكُم .
مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند المسيحيين القدامى
مَكانَةُ المرأةِ عندَ المَسيحيِّينَ القدامى
لَقَد أَوْعَزَ رِجالُ الدِيْنِ المَسيحِيِّ الأوائِلِ انْتِشَارَ الفَواحِشِ والمُنْكَرَاتِ، ومَا آلَ إليهِ المُجْتَمَعُ مِن انْحِلالٍ أخْلاقِيٍّ شَنِيْعٍ إلى المرأةِ؛ إِذْ اعتَبَرُوهَا مَسؤولةً عَن هذا كُلِّهِ لأنَّها كانَت تَخْرُجُ إلى المُجتَمَعاتِ، وتَتَمَتَّعُ بمَا تَشَاءُ مِن الرجالِ كَمَا تَشَاءُ، فَقَرَّرُوا أنَّ الزواجَ دَنَسٌ يَجِبُ الابتِعَادُ عنْهُ، وأنَّ الأعْزَبَ عندَ اللهِ أَكْرَمُ مِنَ المُتَزوِّجِ، وأَعْلَنُوا أنَّها بابُ الشيطانِ، وأنَّها يَجِبُ أَنْ تَسْتَحِيي مِن جَمَالِها؛ لأنَّهُ سِلاحُ إبليسَ للفِتْنَةِ والإغْرَاءِ. وقالَ القِديسُ سوستام: إنَّها شَرٌّ لابُدَّ مِنْهُ، وآفَةٌ مَرْغُوبٌ فيهَا، وخَطَرٌ على الأسرةِ والبيتِ، ومَحْبُوبَةٌ فَتَّاكَةٌ، ومُصِيْبَةٌ مَطْلِيَّةٌ مُمَوَّهَةٌ .
في رُومَا اجتَمَعَ مُجَمَّعٌ كبيرٌ وبَحَثَ في شُؤونِ المرأةِ فَقَرَّرَ أنَّهَا كائِنٌ لا نَفْسَ لَهُ، وأنَّهَا لَن تَرِثَ الحياةَ الأُخْرَوِيَّةَ لِهذِهِ العِلَّةِ، وأنَّها رِجْسٌ يَجِبُ أَنْ لا تَأْكُلَ اللَحْمَ، وأَنْ لا تَضْحَكَ بَل وأَنْ لا تَتَكَلَّمَ، وعليها أَنْ تُمْضِيَ أوقاتِهَا في الصلاةِ والعِبادَةِ والخِدْمَةِ، وعلى الرجالِ أَنْ يَمْنَعُوهَا الكَلامَ، هذا غَيْرَ العُقُوبَاتِ البَدَنِيَّةِ التي كانَت تُعَرَّضُ لهَا المرأةُ باعتِبَارِ أنَّهَا أداةٌ للإغْوَاءِ يَسْتَخدِمُهَا الشيطانُ لإفْسَادِ القُلوبِ .
وفي فَرنسا سنةَ 586م اجْتَمَعَ مُجَمَّعُ مَاكُون للبَحْثِ في المسائلِ التاليةِ:
• هَلِ المرأةُ مُجَرَّدُ جِسْمٍ لا رُوْحَ فيهِ أَمْ لَهَا رُوْحٌ....؟
• أَتُعَدُّ إنْسَانَاً أَمْ غيرَ إنسانٍ.......؟
وقَبْلَ هذا المُجَمَّعِ طُرِحَت هذهِ التَساؤُلاتِ:
• هَل هِيَ أَهْلٌ لأَنْ تَتَلَقَّى الدِيْنَ.......؟
• وهَل تَصِحُّ مِنْهَا العِبَادَةُ............؟
• وهَل يُتَاحُ لَهَا أَنْ تَدْخُلَ الجنَّةَ في الآخِرَةِ........؟
وقَرَّرَ المُجَمَّعُ: أنَّ المرأةَ إنسانٌ ولكنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِخِدْمَةِ الرجلِ، وتَخْلُو رُوْحُهَا مِنَ الرُوحِ النَاجِيَةِ مِن عَذَابِ جَهنَّم مَا عَدا أمِّ المَسِيْحِ .
واستَمَرَّ احتِقَارُ الغَربِيِّينَ للمرأةِ وحِرمَانُهُم لِحُقُوقِهَا طِيْلَةَ القُرونِ الوُسْطَى، حتى إنَّ عَهْدَ الفُروسِيَّةِ الذي كانَ يُظَنُّ فيهِ أَنَّ المرأةَ احتَلَّتْ شيئَاً مِنَ المَكَانَةِ الاجتِمَاعيَّةِ، فَقَد ظَلَّتْ تُعْتَبَرُ قَاصِرَةً لا حَقَّ لَهَا في التَصَرُّفِ في أموَالِهَا دُوْنَ إذْنِ زَوْجِهَا .
ولمَّا قَامَتِ الثَورَةُ الفَرنسيَّةِ في نِهَايَةِ القَرْنِ الثَامِنِ عَشَر، وأَعْلَنَت تَحْرِيْرَ الإنسانِ مِنَ العُبُوديَّةِ والمَهَانَةِ، لَم تَشْمَلْ بِحُنُوِّهَا المرأةَ، بَل أَعْلَنَ نَابليون بُونَابرت في اجتِمَاعِ مَجْلِسِ الدَولَةِ الذي اجتَمَعَ لِتَشْكِيلِ دُستورِ الثَورةِ وقَوانِيْنِهَا الجَديدةِ رأيَهُ في المرأةِ قَائِلاً: إنَّ الطبيعةَ قَد جَعَلَت مِن نِسائِنَا عَبيدَاً لَنَا.
وبِمُوجَبِ هذا الإعْلانِ صَدَرَ القَانُونُ الفَرنِسيِّ، أستَاذُ القَوانِينِ الحَدِيثَةِ؛ لِيَدْفَعَ المرأةَ إلى الهَواَنِ في أكثَرَ مِن مَوْضِعٍ، فَمَثَلاً:
جَاءَتِ المَادَّةُ 213 مِنَ القَانُونِ الفَرنِسيِّ لِتَفْرِضَ على المرأةِ مَا أَوْضَحَهُ واستَقَرَّ عليهِ القَضَاءُ مِنَ الالتِزَامَاتِ التي تَنُصُّ على الآتِي:
• ليسَ للمرأةِ أَنْ تَتَصَرَّفَ في أيِّ شَيءٍ، ولَو كانَ مِنْ مَالِهَا الذي كانَت تَمْلِكُهُ قَبْلَ الزَواجِ؛ إلاَّ بإذْنِ زَوْجِهَا.
• ليسَ لَهَا جِنْسِيَّةٌ بَعْدَ الزَواجِ إلاَّ جِنْسِيَّةُ زَوْجِهَا.
• فَوْرَ الزَواجِ تَفْقِدُ اسمَ أُسْرَتِهَا لِتَحْمِلَ اسمَ زَوْجِهَا.
كَمَا تَنُصُّ المادَّةُ 214 مِن هذَا القَانُونِ؛ على قَانُونِ بيتِ الطَاعَةِ، وإلْزَامِ الزَوْجَةِ بِقُوَّةِ الشَرِطَةِ العَيْشَ في بيتِ الزَوْجيَّةِ الذي يُحَدِّدُهُ الزَوْجُ، وقَد طبَّقَتْهُ بعضُ البِلادِ العَربيَّةِ التي أَخَذَت بالقَانُونِ الفَرنسِيِّ، ونَسَبَهُ الكَثيرُ إلى الإسلامِ، والإسلامُ مِنْهُ بَرِيءٌ، فالإسلامُ لا يُجْبِرُ المرأةَ أَنْ تَعِيْشَ معَ زَوْجٍ تَكْرَهُهُ أو تَكْرَهُ العَيْشَ مَعَهُ.
وتَنُصُّ المادَّةُ 215 مِنَ القَانُونِ الفَرنسيِّ على أنَّهُ ليسَ للمرأةِ المُتَزوِّجَةِ الحَقُّ في إجْرَاءٍ قَضَائِيٍّ إلاَّ بإذْنِ زَوْجِهَا، وتَسْتَثْنِي المادةُ 216 مِن هذا الإذْنِ حالَتَيْنِ: أَنْ تَكونَ مَطْلُوبَةً في أَمْرٍ مِن الأمُورِ الجِنَائِيَّةِ، أو أَوَامِرِ الشُرطَةِ.
وجَاءَتِ المَادَّةُ 1124 مِنَ القَانُونِ نَفْسِهِ بالنَصِّ التَالِي: ولا يَتَمَتَّعُ بِأَهْليَّةِ التَعَاقُدِ ثلاثَةٌ: القَاصِرُونَ والمَحْجُورُ عليهِم والنساءُ المُتَزَوِّجَاتُ في الحَالاتِ التي حَدَّدَهَا القَانُون.
هذا وقَد ثَار العميدُ (بلانيول) على هذهِ المادَّةِ وقالَ عنْهَا: إنَّها تَضَعُ المرأةَ المُتَزَوِّجَةَ بينَ القَاصِرينَ، بِجِوَارِ المَجَانِيْنَ والأطْفَالِ ، واستَمَرَّ هذا القَانُونُ حتى عامِ 1928م حيثُ عُدِّلَت هذهِ النُصُوصُ لِصَالِحِ المرأةِ، ولَكِن لا تَزَالُ فيهِ بَعْضُ القُيودِ على تَصَرُّفَاتِ المرأةِ المُتَزَوِّجَةِ .
هذا وقَد اتَّفَقَ الفُقَهاءُ والشُرَّاَحُ والبَاحِثُونَ على أنَّ هذا المَوْقِفَ المُشِيْنَ المَهِيْنَ للمرأةِ المُتَزَوِّجَةِ لَم يَكُنْ مَقْصُورَاً على فَرنسا وَحْدَهَا، وإنَّما كانَتِ الحَالُ كَذَلِكَ أَسْوَأُ في بلادٍ أُوربِيَّةٍ مَعْرُوفَةٍ بالتَدَيُّنِ المَسِيْحِيِّ مِثْلَ انجلتَرَا، كَمَا يُقَرِّرُ ذلِكَ فَيَلسُوفُهَا الكبيرُ )ستيوارت ول(، ولَم يَكُنْ مَقْصُورَاً على القَوانِيْنِ المَكْتُوبَةِ، وإنَّمَا كانَ سَارِيَاً في التَقَالِيْدِ والأعْرَافِ المُسْتَقِرَّةِ في تِلْكَ البلادِ والشُعُوبِ المَسيحِيَّةِ في أُوربَا إلى القَرْنِ الثَامِنِ عَشَرَ ، بَل إلى القَرْنِ العِشْرِينَ، فَقَد ظَلَّ القَانُونُ الإنجِليزِيُّ حتى عامِ 1805م يُبِيْحُ للرجلِ أَنْ يَبِيْعَ زوجَهُ، وقَد حُدِّدَ ثَمَنُ الزَوجَةِ بِسِتَّةِ بِنْسَاتٍ، وحَدَثَ أَنَّ إنجليزِياً بَاْعَ زوجَهُ عامَ 1931م بخمسمائةِ جِنِيْهٍ، ولمَّا كانَ قَانُونُ بَيْعِ الزَوجَاتِ قَد أُلْغِيَ فَحُكِمَ على الزَوْجِ بالسجنِ عَشْرَةَ أشْهُرٍ، وحَدَثَ في عامِ 1961م أنَّ إيطالياً باعَ زَوْجَهُ لآخَرَ على أَقْسَاطٍ، فلمَّا امتَنَعَ المُشْتَرِي عَن سَدَادِ الأقْسَاطِ الأخيرَةِ قَتَلَهُ الزوجُ البَائِعُ .
ملاحظَةٌ هامَّةٌ:
نحنُ نُشِيْرُ إلى أنَّ مَا كانَت عليهِ المرأةُ عندَ أَصْحَابِ هَاتَيْنِ الدِيَانَتَيْنِ (اليَهوديَّةِ والنَصْرانِيَّةِ) لا يَحْكِي مَا جاءَت بِهِ شَرَائِعُهُم السماويَّةُ الصحيحَةُ. فَقَد حَرَّفُوا وبَدَّلُوا في تِلْكَ الشَرائِعِ حَسَبَ أَهْوَائِهِم ورَغَبَاتِهِم، حتى صارَ مَا عِنْدَهُم مِنْهَا يُشَكُّ في نِسْبَتِهِ إليهَا.
ولِذَا فَمَا أَوْرَدْنَاهُ عَن مَكَانَةِ المرأةِ عندَ أصحَابِ الدِيَانَتِيْنِ؛ هُوَ مَا كانَ سائِداً في تِلْكَ المُجْتَمَعَاتِ بِغَضِّ النَظَرِ عَن صِحَّةِ مُطَابَقَتِهِ لِمَا جاءَ في شَرائِعِهِم الصَحيحَةِ.
لَقَد أَوْعَزَ رِجالُ الدِيْنِ المَسيحِيِّ الأوائِلِ انْتِشَارَ الفَواحِشِ والمُنْكَرَاتِ، ومَا آلَ إليهِ المُجْتَمَعُ مِن انْحِلالٍ أخْلاقِيٍّ شَنِيْعٍ إلى المرأةِ؛ إِذْ اعتَبَرُوهَا مَسؤولةً عَن هذا كُلِّهِ لأنَّها كانَت تَخْرُجُ إلى المُجتَمَعاتِ، وتَتَمَتَّعُ بمَا تَشَاءُ مِن الرجالِ كَمَا تَشَاءُ، فَقَرَّرُوا أنَّ الزواجَ دَنَسٌ يَجِبُ الابتِعَادُ عنْهُ، وأنَّ الأعْزَبَ عندَ اللهِ أَكْرَمُ مِنَ المُتَزوِّجِ، وأَعْلَنُوا أنَّها بابُ الشيطانِ، وأنَّها يَجِبُ أَنْ تَسْتَحِيي مِن جَمَالِها؛ لأنَّهُ سِلاحُ إبليسَ للفِتْنَةِ والإغْرَاءِ. وقالَ القِديسُ سوستام: إنَّها شَرٌّ لابُدَّ مِنْهُ، وآفَةٌ مَرْغُوبٌ فيهَا، وخَطَرٌ على الأسرةِ والبيتِ، ومَحْبُوبَةٌ فَتَّاكَةٌ، ومُصِيْبَةٌ مَطْلِيَّةٌ مُمَوَّهَةٌ .
في رُومَا اجتَمَعَ مُجَمَّعٌ كبيرٌ وبَحَثَ في شُؤونِ المرأةِ فَقَرَّرَ أنَّهَا كائِنٌ لا نَفْسَ لَهُ، وأنَّهَا لَن تَرِثَ الحياةَ الأُخْرَوِيَّةَ لِهذِهِ العِلَّةِ، وأنَّها رِجْسٌ يَجِبُ أَنْ لا تَأْكُلَ اللَحْمَ، وأَنْ لا تَضْحَكَ بَل وأَنْ لا تَتَكَلَّمَ، وعليها أَنْ تُمْضِيَ أوقاتِهَا في الصلاةِ والعِبادَةِ والخِدْمَةِ، وعلى الرجالِ أَنْ يَمْنَعُوهَا الكَلامَ، هذا غَيْرَ العُقُوبَاتِ البَدَنِيَّةِ التي كانَت تُعَرَّضُ لهَا المرأةُ باعتِبَارِ أنَّهَا أداةٌ للإغْوَاءِ يَسْتَخدِمُهَا الشيطانُ لإفْسَادِ القُلوبِ .
وفي فَرنسا سنةَ 586م اجْتَمَعَ مُجَمَّعُ مَاكُون للبَحْثِ في المسائلِ التاليةِ:
• هَلِ المرأةُ مُجَرَّدُ جِسْمٍ لا رُوْحَ فيهِ أَمْ لَهَا رُوْحٌ....؟
• أَتُعَدُّ إنْسَانَاً أَمْ غيرَ إنسانٍ.......؟
وقَبْلَ هذا المُجَمَّعِ طُرِحَت هذهِ التَساؤُلاتِ:
• هَل هِيَ أَهْلٌ لأَنْ تَتَلَقَّى الدِيْنَ.......؟
• وهَل تَصِحُّ مِنْهَا العِبَادَةُ............؟
• وهَل يُتَاحُ لَهَا أَنْ تَدْخُلَ الجنَّةَ في الآخِرَةِ........؟
وقَرَّرَ المُجَمَّعُ: أنَّ المرأةَ إنسانٌ ولكنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِخِدْمَةِ الرجلِ، وتَخْلُو رُوْحُهَا مِنَ الرُوحِ النَاجِيَةِ مِن عَذَابِ جَهنَّم مَا عَدا أمِّ المَسِيْحِ .
واستَمَرَّ احتِقَارُ الغَربِيِّينَ للمرأةِ وحِرمَانُهُم لِحُقُوقِهَا طِيْلَةَ القُرونِ الوُسْطَى، حتى إنَّ عَهْدَ الفُروسِيَّةِ الذي كانَ يُظَنُّ فيهِ أَنَّ المرأةَ احتَلَّتْ شيئَاً مِنَ المَكَانَةِ الاجتِمَاعيَّةِ، فَقَد ظَلَّتْ تُعْتَبَرُ قَاصِرَةً لا حَقَّ لَهَا في التَصَرُّفِ في أموَالِهَا دُوْنَ إذْنِ زَوْجِهَا .
ولمَّا قَامَتِ الثَورَةُ الفَرنسيَّةِ في نِهَايَةِ القَرْنِ الثَامِنِ عَشَر، وأَعْلَنَت تَحْرِيْرَ الإنسانِ مِنَ العُبُوديَّةِ والمَهَانَةِ، لَم تَشْمَلْ بِحُنُوِّهَا المرأةَ، بَل أَعْلَنَ نَابليون بُونَابرت في اجتِمَاعِ مَجْلِسِ الدَولَةِ الذي اجتَمَعَ لِتَشْكِيلِ دُستورِ الثَورةِ وقَوانِيْنِهَا الجَديدةِ رأيَهُ في المرأةِ قَائِلاً: إنَّ الطبيعةَ قَد جَعَلَت مِن نِسائِنَا عَبيدَاً لَنَا.
وبِمُوجَبِ هذا الإعْلانِ صَدَرَ القَانُونُ الفَرنِسيِّ، أستَاذُ القَوانِينِ الحَدِيثَةِ؛ لِيَدْفَعَ المرأةَ إلى الهَواَنِ في أكثَرَ مِن مَوْضِعٍ، فَمَثَلاً:
جَاءَتِ المَادَّةُ 213 مِنَ القَانُونِ الفَرنِسيِّ لِتَفْرِضَ على المرأةِ مَا أَوْضَحَهُ واستَقَرَّ عليهِ القَضَاءُ مِنَ الالتِزَامَاتِ التي تَنُصُّ على الآتِي:
• ليسَ للمرأةِ أَنْ تَتَصَرَّفَ في أيِّ شَيءٍ، ولَو كانَ مِنْ مَالِهَا الذي كانَت تَمْلِكُهُ قَبْلَ الزَواجِ؛ إلاَّ بإذْنِ زَوْجِهَا.
• ليسَ لَهَا جِنْسِيَّةٌ بَعْدَ الزَواجِ إلاَّ جِنْسِيَّةُ زَوْجِهَا.
• فَوْرَ الزَواجِ تَفْقِدُ اسمَ أُسْرَتِهَا لِتَحْمِلَ اسمَ زَوْجِهَا.
كَمَا تَنُصُّ المادَّةُ 214 مِن هذَا القَانُونِ؛ على قَانُونِ بيتِ الطَاعَةِ، وإلْزَامِ الزَوْجَةِ بِقُوَّةِ الشَرِطَةِ العَيْشَ في بيتِ الزَوْجيَّةِ الذي يُحَدِّدُهُ الزَوْجُ، وقَد طبَّقَتْهُ بعضُ البِلادِ العَربيَّةِ التي أَخَذَت بالقَانُونِ الفَرنسِيِّ، ونَسَبَهُ الكَثيرُ إلى الإسلامِ، والإسلامُ مِنْهُ بَرِيءٌ، فالإسلامُ لا يُجْبِرُ المرأةَ أَنْ تَعِيْشَ معَ زَوْجٍ تَكْرَهُهُ أو تَكْرَهُ العَيْشَ مَعَهُ.
وتَنُصُّ المادَّةُ 215 مِنَ القَانُونِ الفَرنسيِّ على أنَّهُ ليسَ للمرأةِ المُتَزوِّجَةِ الحَقُّ في إجْرَاءٍ قَضَائِيٍّ إلاَّ بإذْنِ زَوْجِهَا، وتَسْتَثْنِي المادةُ 216 مِن هذا الإذْنِ حالَتَيْنِ: أَنْ تَكونَ مَطْلُوبَةً في أَمْرٍ مِن الأمُورِ الجِنَائِيَّةِ، أو أَوَامِرِ الشُرطَةِ.
وجَاءَتِ المَادَّةُ 1124 مِنَ القَانُونِ نَفْسِهِ بالنَصِّ التَالِي: ولا يَتَمَتَّعُ بِأَهْليَّةِ التَعَاقُدِ ثلاثَةٌ: القَاصِرُونَ والمَحْجُورُ عليهِم والنساءُ المُتَزَوِّجَاتُ في الحَالاتِ التي حَدَّدَهَا القَانُون.
هذا وقَد ثَار العميدُ (بلانيول) على هذهِ المادَّةِ وقالَ عنْهَا: إنَّها تَضَعُ المرأةَ المُتَزَوِّجَةَ بينَ القَاصِرينَ، بِجِوَارِ المَجَانِيْنَ والأطْفَالِ ، واستَمَرَّ هذا القَانُونُ حتى عامِ 1928م حيثُ عُدِّلَت هذهِ النُصُوصُ لِصَالِحِ المرأةِ، ولَكِن لا تَزَالُ فيهِ بَعْضُ القُيودِ على تَصَرُّفَاتِ المرأةِ المُتَزَوِّجَةِ .
هذا وقَد اتَّفَقَ الفُقَهاءُ والشُرَّاَحُ والبَاحِثُونَ على أنَّ هذا المَوْقِفَ المُشِيْنَ المَهِيْنَ للمرأةِ المُتَزَوِّجَةِ لَم يَكُنْ مَقْصُورَاً على فَرنسا وَحْدَهَا، وإنَّما كانَتِ الحَالُ كَذَلِكَ أَسْوَأُ في بلادٍ أُوربِيَّةٍ مَعْرُوفَةٍ بالتَدَيُّنِ المَسِيْحِيِّ مِثْلَ انجلتَرَا، كَمَا يُقَرِّرُ ذلِكَ فَيَلسُوفُهَا الكبيرُ )ستيوارت ول(، ولَم يَكُنْ مَقْصُورَاً على القَوانِيْنِ المَكْتُوبَةِ، وإنَّمَا كانَ سَارِيَاً في التَقَالِيْدِ والأعْرَافِ المُسْتَقِرَّةِ في تِلْكَ البلادِ والشُعُوبِ المَسيحِيَّةِ في أُوربَا إلى القَرْنِ الثَامِنِ عَشَرَ ، بَل إلى القَرْنِ العِشْرِينَ، فَقَد ظَلَّ القَانُونُ الإنجِليزِيُّ حتى عامِ 1805م يُبِيْحُ للرجلِ أَنْ يَبِيْعَ زوجَهُ، وقَد حُدِّدَ ثَمَنُ الزَوجَةِ بِسِتَّةِ بِنْسَاتٍ، وحَدَثَ أَنَّ إنجليزِياً بَاْعَ زوجَهُ عامَ 1931م بخمسمائةِ جِنِيْهٍ، ولمَّا كانَ قَانُونُ بَيْعِ الزَوجَاتِ قَد أُلْغِيَ فَحُكِمَ على الزَوْجِ بالسجنِ عَشْرَةَ أشْهُرٍ، وحَدَثَ في عامِ 1961م أنَّ إيطالياً باعَ زَوْجَهُ لآخَرَ على أَقْسَاطٍ، فلمَّا امتَنَعَ المُشْتَرِي عَن سَدَادِ الأقْسَاطِ الأخيرَةِ قَتَلَهُ الزوجُ البَائِعُ .
ملاحظَةٌ هامَّةٌ:
نحنُ نُشِيْرُ إلى أنَّ مَا كانَت عليهِ المرأةُ عندَ أَصْحَابِ هَاتَيْنِ الدِيَانَتَيْنِ (اليَهوديَّةِ والنَصْرانِيَّةِ) لا يَحْكِي مَا جاءَت بِهِ شَرَائِعُهُم السماويَّةُ الصحيحَةُ. فَقَد حَرَّفُوا وبَدَّلُوا في تِلْكَ الشَرائِعِ حَسَبَ أَهْوَائِهِم ورَغَبَاتِهِم، حتى صارَ مَا عِنْدَهُم مِنْهَا يُشَكُّ في نِسْبَتِهِ إليهَا.
ولِذَا فَمَا أَوْرَدْنَاهُ عَن مَكَانَةِ المرأةِ عندَ أصحَابِ الدِيَانَتِيْنِ؛ هُوَ مَا كانَ سائِداً في تِلْكَ المُجْتَمَعَاتِ بِغَضِّ النَظَرِ عَن صِحَّةِ مُطَابَقَتِهِ لِمَا جاءَ في شَرائِعِهِم الصَحيحَةِ.
مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند اليهود
مَكانَةُ المرأةِ عندَ اليَهودِ
كانَت بَعْضُ الطَوائِفِ اليَهوديَّةِ تَعْتَبِرُ البِنْتَ في مَرْتَبَةِ الخَادِمِ، وكانَ لأبِيْهَا الحَقُّ في أَنْ يَبِيْعَهَا قَاصِرَةً، ومَا كانَت تَرِثُ إلاَّ إذا لَم يَكُن لأبِيْهَا ذُرِيَّةٌ مِنَ البَنِيْنَ؛ وإلاَّ مَا كانَ يَتَبَرَّعُ بهِ لَهَا أَبُوهَا في حياتِهِ. وحينَ تُحْرَمُ البنتُ مِنَ الميراثِ لِوُجودِ أَخٍ لهَا ذَكَرِ يَثْبُتُ لَهَا على أخيهَا النَفَقَةُ والمَهْرُ عندَ الزواجِ، إذا كانَ الأبُ قَد تَرَكَ عَقَارَاً فَيُعْطِيْهَا مِنَ العَقَارِ، أمَّا إذا كانَ تَرَكَ مَالاً مَنْقُولاً فَلا شَيءَ لَهَا مِنَ النَفَقَةِ والمَهْرِ ولَو تَرَكَ القَنَاطِيْرَ المُقَنْطَرَةَ، وإذا آلَ المِيراثُ إلى البنتِ لِعَدَمِ وُجودِ أَخٍ ذَكَرٍ لهَا؛ لَم يَجُزْ لَهَا أَنْ تتزَوَّجَ مِن سِبْطِ آخَرَ، ولا يَحِقُّ لهَا أَنْ تَنْقُلَ ميراثِهَا إلى غَيْرِ سِبْطِهَا ، وتَكونُ مُمْتَلَكَاتُ الزَوجَةِ تحتَ التَصَرُّفِ الكَامِلِ للزَوْجِ، ونَظَرَاً لِمَا تَحْتَلُّهُ المرأةُ اليَهوديَّةُ مِن مَرْتَبَةٍ دُنْيَا في المُجتمع؛ فَشَهَادَةُ الرجلِ الوَاحِدِ تُعَادِلُ شَهادَةَ مائةِ امرأةٍ .
واليهودُ يَعْتَبِرُونَ المرأةَ لَعْنَةً؛ لأنَّها أَغْوَت آدمَ، وقَد جاءَ في التَوراةِ: المرأةُ أَمَرُّ مِنَ المَوتِ، وإنَّ الصَالِحَ أمامَ اللهِ يَنْجُو منْهَا .
كانَت بَعْضُ الطَوائِفِ اليَهوديَّةِ تَعْتَبِرُ البِنْتَ في مَرْتَبَةِ الخَادِمِ، وكانَ لأبِيْهَا الحَقُّ في أَنْ يَبِيْعَهَا قَاصِرَةً، ومَا كانَت تَرِثُ إلاَّ إذا لَم يَكُن لأبِيْهَا ذُرِيَّةٌ مِنَ البَنِيْنَ؛ وإلاَّ مَا كانَ يَتَبَرَّعُ بهِ لَهَا أَبُوهَا في حياتِهِ. وحينَ تُحْرَمُ البنتُ مِنَ الميراثِ لِوُجودِ أَخٍ لهَا ذَكَرِ يَثْبُتُ لَهَا على أخيهَا النَفَقَةُ والمَهْرُ عندَ الزواجِ، إذا كانَ الأبُ قَد تَرَكَ عَقَارَاً فَيُعْطِيْهَا مِنَ العَقَارِ، أمَّا إذا كانَ تَرَكَ مَالاً مَنْقُولاً فَلا شَيءَ لَهَا مِنَ النَفَقَةِ والمَهْرِ ولَو تَرَكَ القَنَاطِيْرَ المُقَنْطَرَةَ، وإذا آلَ المِيراثُ إلى البنتِ لِعَدَمِ وُجودِ أَخٍ ذَكَرٍ لهَا؛ لَم يَجُزْ لَهَا أَنْ تتزَوَّجَ مِن سِبْطِ آخَرَ، ولا يَحِقُّ لهَا أَنْ تَنْقُلَ ميراثِهَا إلى غَيْرِ سِبْطِهَا ، وتَكونُ مُمْتَلَكَاتُ الزَوجَةِ تحتَ التَصَرُّفِ الكَامِلِ للزَوْجِ، ونَظَرَاً لِمَا تَحْتَلُّهُ المرأةُ اليَهوديَّةُ مِن مَرْتَبَةٍ دُنْيَا في المُجتمع؛ فَشَهَادَةُ الرجلِ الوَاحِدِ تُعَادِلُ شَهادَةَ مائةِ امرأةٍ .
واليهودُ يَعْتَبِرُونَ المرأةَ لَعْنَةً؛ لأنَّها أَغْوَت آدمَ، وقَد جاءَ في التَوراةِ: المرأةُ أَمَرُّ مِنَ المَوتِ، وإنَّ الصَالِحَ أمامَ اللهِ يَنْجُو منْهَا .
مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الفرس
مَكانَةُ المرأةِ عندَ الفُرْس
ِ
كانَتِ المرأةُ الفَارسيَّةُ عَبْدَةً سَجِيْنَةَ مَنْزِلِهَا، تُبَاعُ بَيْعَ السَوائِمِ، فقَد أَبَاحَتِ الأنْظِمَةُ الفَارسيَّةُ بِيْعَهَا وشِراءَهَا، وكانَت تَحْتَ سُلْطَةِ الرجلِ المُطْلَقَةِ، ويَحِقُّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عليهَا بالمَوتِ دُوْنَ رَقِيْبٍ أو مُؤَاخَذَةٍ، ويَتَصَرَّفُ بِهَا تَصَرُّفَهُ بِسِلْعَتِهِ ومَتَاعِ بيتِهِ، وكانُوا إذا حَاضَتِ المرأةُ أَبْعَدُوهَا عَنِ المَنَازِلِ، وجَعَلُوهَا في خَيْمَةٍ صَغِيْرَةٍ خَارِجَ المَدينَةِ، ولا يُخَالِطُ الحُيَّضَ أَحَدٌ حتى إِنَّ الخَدَمُ يَلُفُّونَ مُقَدَّمَ أُنُوفِهِم وآذَانِهِم وأَيْدِيْهِم بِلَفَائِفَ مِنَ القِمَاشِ الغَليظِ عندَ تَقْدِيمِ الطَعامَ لَهُنَّ وخِدْمَتِهِنَّ، خَوْفَاً مِن أَنْ يَتَنَجَّسُوا إذا مَسُّوهُنَّ أو مَسُّوا الأشياءَ المُحيطَةُ بهِنَّ حتى الهَواءَ.
وشَرٌّ مِن ذلِكَ كُلِّهِ أنَّ الأنْظِمَةَ الفَارسيَّةَ أبَاحَتِ الزَواجَ بالمُحَرَّمَاتِ مِنَ النَسَبِ: كالأمَّهَاتِ والأخَوَاتِ والبَنَاتِ والعَمَّاتِ والخَالاتِ وبنَاتِ الأخِ وبناتِ الأخْتِ، حتى إنَّ (يَزدَجرد الثاني) الذي حَكَمَ في أَوَاخِرَ القَرْنِ الخَامِسِ المِيلادي تَزَوَّجَ بِنْتَهُ ثمَّ قَتَلَهَا ، وأَنَّ (بهرام جوبين) الذي تَمَلَّكَ في القَرْنِ السادِسِ كانَ مُتَزَوِّجَاً بأخْتِهِ.
يقولُ البُروفِسُورُ (أرتهر كرستن سين) أستاذُ الألسِنَةِ الشَرقيَّةِ في جَامِعَةِ كُوبنهاجِن بالدِنمارك، المُتَخَصِّصِ في تَاريخِ إيران، في كتابِهِ (إيرانُ في عَهْدِ السَاسَانِيين):
إنَّ المُؤَرِّخِينَ المُعَاصِرينَ للعَهْدِ السَاسَانِي مثلَ (جاتهياس) وغيرَهُ، يُصَدِّقُونَ بِوُجُودِ عَادَةِ زَواجِ الإيرانييِّنَ بالمُحَرَّمَاتِ، ويُوْجَدُ في تَاريخِ العَهْدِ السَاسَانِي أمثلَةٌ لِهَذَا الزَواجِ، ولعَلَّ الرَحَّالَةُ الصِينِيِّ (هوئن سوئنج) أشَارَ إلى هَذا الزَواجِ بقولِهِ: إنَّ الإيِرانِييِّنَ يَتَزَوَّجُونَ مِن غَيْرِ استِثْنَاءٍ .
ومِنْ قَبْلِ هذا الوَقْتِ في القَرْنِ الثَالِثِ المَسيحِيِّ ظَهَرَ (ماني) في القَرْنِ الثَالِثِ المَسيحِيِّ، وكانَ ظُهُورُهُ رَدَّ فِعْلٍ عَنِيْفٍ غيرَ طبيعِيِّ ضِدَّ النَزْعَةِ الشَهَويَّةِ السَائِدَةِ في البِلادِ، ونَتِيْجَةَ مُنَافَسَةِ النُورِ والظُلْمَةِ الوَهْمِيَّةِ، فَدَعَا إلى حياةِ العُزُوبَةِ لِحَسْمِ مَادَّةِ الفَسَادِ المُنْتَشَرِ في العَالَمِ، وأَعْلَنَ أنَّ امْتِزَاجَ النُورِ بالظُلْمَةِ شَرٌّ يَجِبُ الخَلاصُ مِنْهُ، فَحَرَّمَ النِكَاحَ استِعْجَالاً للفَنَاءِ وانْتِصَارَاً للنُورِ على الظُلْمَةِ بِقَطْعِ النَسْلِ، فقَتَلَهُ (بهرام) سنةَ 276م قائِلاً: إنَّ هذا خَرَجَ دَاعِيَاً إلى تَخْريْبِ العَالَمِ، فالوَاجِبُ أَنْ يَبْدَأَ بِتَخْريبِ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَهَيَّأَ لَهُ شَيءٌ مِن مُرَادِهِن ولكنَّ تَعَالِيْمَهُ لَم تَمُتْ بِمَوْتِهِ بَل عَاشَت إلى مَا بَعْدَ الفَتْحِ الإسَلامِيِّ.
ثمَّ ثَارَت رُوْحُ الطَبيعَةِ الفَارسيَّةِ على تَعَالِيمِ (مَانِي) المُجْحِفَةِ، وتَقَمَّصَت دَعْوَة (مزدك) الذي وُلِدَ 487 م فأعْلَنَ أَنَّ النَاسَ وُلِدُوا سَواءً لا فَرْقَ بينَهُم، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعِيْشُوا سَواءً لا فَرْقَ بينَهُم، ولمَّا كانَ المالَ والنِساءُ مِمَّا حَرَصَتِ النُفُوسُ على حِفْظِهِ وحِرَاسَتِهِ كانَ ذلِكَ عندَ (مزدك) أهَمَّ مَا تَجِبُ فيهِ المُساواةُ والاشتِرَاكُ.
قالَ الشهرستاني :( أحَلَّ النِساءَ وأبَاحَ الأمْوَالَ وجَعَلَ النَاسَ شِرْكَةً فيهَا كاشْتِرَاكِهِم في الماءِ والنَارِ والكَلأ ). وحَظِيَت هذهِ الدَعوةُ بِمُوافَقَةِ الشُبَّانِ والأغْنِياءِ والمُتْرَفِينَ وصَادَفَت مِن قُلوبِهِم هَوَىً، وسَعِدَت كَذلِكَ بِحَمايَةِ البَلاطِ، فَأَخَذَ (قباذ) يُنَاصِرُهَا ونَشَطَ في نَشْرِهَا وتَأييدِهَا حتى انْغَمَسَت إيرانُ بِتَأثِيْرِهَا في الفَوْضَى الخُلُقِيَّةِ وطُغْيَانِ الشَهَواتِ، حتى صَارُوا لا يَعْرِفُ الرجلُ وَلَدَهُ ولا المَولُودُ أبَاهُ .
ِ
كانَتِ المرأةُ الفَارسيَّةُ عَبْدَةً سَجِيْنَةَ مَنْزِلِهَا، تُبَاعُ بَيْعَ السَوائِمِ، فقَد أَبَاحَتِ الأنْظِمَةُ الفَارسيَّةُ بِيْعَهَا وشِراءَهَا، وكانَت تَحْتَ سُلْطَةِ الرجلِ المُطْلَقَةِ، ويَحِقُّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عليهَا بالمَوتِ دُوْنَ رَقِيْبٍ أو مُؤَاخَذَةٍ، ويَتَصَرَّفُ بِهَا تَصَرُّفَهُ بِسِلْعَتِهِ ومَتَاعِ بيتِهِ، وكانُوا إذا حَاضَتِ المرأةُ أَبْعَدُوهَا عَنِ المَنَازِلِ، وجَعَلُوهَا في خَيْمَةٍ صَغِيْرَةٍ خَارِجَ المَدينَةِ، ولا يُخَالِطُ الحُيَّضَ أَحَدٌ حتى إِنَّ الخَدَمُ يَلُفُّونَ مُقَدَّمَ أُنُوفِهِم وآذَانِهِم وأَيْدِيْهِم بِلَفَائِفَ مِنَ القِمَاشِ الغَليظِ عندَ تَقْدِيمِ الطَعامَ لَهُنَّ وخِدْمَتِهِنَّ، خَوْفَاً مِن أَنْ يَتَنَجَّسُوا إذا مَسُّوهُنَّ أو مَسُّوا الأشياءَ المُحيطَةُ بهِنَّ حتى الهَواءَ.
وشَرٌّ مِن ذلِكَ كُلِّهِ أنَّ الأنْظِمَةَ الفَارسيَّةَ أبَاحَتِ الزَواجَ بالمُحَرَّمَاتِ مِنَ النَسَبِ: كالأمَّهَاتِ والأخَوَاتِ والبَنَاتِ والعَمَّاتِ والخَالاتِ وبنَاتِ الأخِ وبناتِ الأخْتِ، حتى إنَّ (يَزدَجرد الثاني) الذي حَكَمَ في أَوَاخِرَ القَرْنِ الخَامِسِ المِيلادي تَزَوَّجَ بِنْتَهُ ثمَّ قَتَلَهَا ، وأَنَّ (بهرام جوبين) الذي تَمَلَّكَ في القَرْنِ السادِسِ كانَ مُتَزَوِّجَاً بأخْتِهِ.
يقولُ البُروفِسُورُ (أرتهر كرستن سين) أستاذُ الألسِنَةِ الشَرقيَّةِ في جَامِعَةِ كُوبنهاجِن بالدِنمارك، المُتَخَصِّصِ في تَاريخِ إيران، في كتابِهِ (إيرانُ في عَهْدِ السَاسَانِيين):
إنَّ المُؤَرِّخِينَ المُعَاصِرينَ للعَهْدِ السَاسَانِي مثلَ (جاتهياس) وغيرَهُ، يُصَدِّقُونَ بِوُجُودِ عَادَةِ زَواجِ الإيرانييِّنَ بالمُحَرَّمَاتِ، ويُوْجَدُ في تَاريخِ العَهْدِ السَاسَانِي أمثلَةٌ لِهَذَا الزَواجِ، ولعَلَّ الرَحَّالَةُ الصِينِيِّ (هوئن سوئنج) أشَارَ إلى هَذا الزَواجِ بقولِهِ: إنَّ الإيِرانِييِّنَ يَتَزَوَّجُونَ مِن غَيْرِ استِثْنَاءٍ .
ومِنْ قَبْلِ هذا الوَقْتِ في القَرْنِ الثَالِثِ المَسيحِيِّ ظَهَرَ (ماني) في القَرْنِ الثَالِثِ المَسيحِيِّ، وكانَ ظُهُورُهُ رَدَّ فِعْلٍ عَنِيْفٍ غيرَ طبيعِيِّ ضِدَّ النَزْعَةِ الشَهَويَّةِ السَائِدَةِ في البِلادِ، ونَتِيْجَةَ مُنَافَسَةِ النُورِ والظُلْمَةِ الوَهْمِيَّةِ، فَدَعَا إلى حياةِ العُزُوبَةِ لِحَسْمِ مَادَّةِ الفَسَادِ المُنْتَشَرِ في العَالَمِ، وأَعْلَنَ أنَّ امْتِزَاجَ النُورِ بالظُلْمَةِ شَرٌّ يَجِبُ الخَلاصُ مِنْهُ، فَحَرَّمَ النِكَاحَ استِعْجَالاً للفَنَاءِ وانْتِصَارَاً للنُورِ على الظُلْمَةِ بِقَطْعِ النَسْلِ، فقَتَلَهُ (بهرام) سنةَ 276م قائِلاً: إنَّ هذا خَرَجَ دَاعِيَاً إلى تَخْريْبِ العَالَمِ، فالوَاجِبُ أَنْ يَبْدَأَ بِتَخْريبِ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَهَيَّأَ لَهُ شَيءٌ مِن مُرَادِهِن ولكنَّ تَعَالِيْمَهُ لَم تَمُتْ بِمَوْتِهِ بَل عَاشَت إلى مَا بَعْدَ الفَتْحِ الإسَلامِيِّ.
ثمَّ ثَارَت رُوْحُ الطَبيعَةِ الفَارسيَّةِ على تَعَالِيمِ (مَانِي) المُجْحِفَةِ، وتَقَمَّصَت دَعْوَة (مزدك) الذي وُلِدَ 487 م فأعْلَنَ أَنَّ النَاسَ وُلِدُوا سَواءً لا فَرْقَ بينَهُم، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعِيْشُوا سَواءً لا فَرْقَ بينَهُم، ولمَّا كانَ المالَ والنِساءُ مِمَّا حَرَصَتِ النُفُوسُ على حِفْظِهِ وحِرَاسَتِهِ كانَ ذلِكَ عندَ (مزدك) أهَمَّ مَا تَجِبُ فيهِ المُساواةُ والاشتِرَاكُ.
قالَ الشهرستاني :( أحَلَّ النِساءَ وأبَاحَ الأمْوَالَ وجَعَلَ النَاسَ شِرْكَةً فيهَا كاشْتِرَاكِهِم في الماءِ والنَارِ والكَلأ ). وحَظِيَت هذهِ الدَعوةُ بِمُوافَقَةِ الشُبَّانِ والأغْنِياءِ والمُتْرَفِينَ وصَادَفَت مِن قُلوبِهِم هَوَىً، وسَعِدَت كَذلِكَ بِحَمايَةِ البَلاطِ، فَأَخَذَ (قباذ) يُنَاصِرُهَا ونَشَطَ في نَشْرِهَا وتَأييدِهَا حتى انْغَمَسَت إيرانُ بِتَأثِيْرِهَا في الفَوْضَى الخُلُقِيَّةِ وطُغْيَانِ الشَهَواتِ، حتى صَارُوا لا يَعْرِفُ الرجلُ وَلَدَهُ ولا المَولُودُ أبَاهُ .
مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الاغريق
مَكانَةُ المرأةِ عندَ الإغْرِيقِ
كانَتِ المرأةُ عندَ اليُونانيِّينَ مُصَانَةً وعَفِيْفَةً، وكانَ الحِجَابُ شَائِعَاً بينَهُم، وكانَ زَواجُ المرأةِ ومُلازَمَتُهَا لِزَوْجِهَا يُعَدُّ مِن أَمَارَاتِ النَجَابَةِ والشَرَفِ، ولِذَلِكَ نَجِدُهُم يَنْظُرونَ إلى حياةِ الدَعَارةِ والعُهْرِ نَظْرَةَ ازدِرَاءٍ بالِغٍ، ولكنْ سُرْعَانَ مَا تَغَيَّرَ هذا الحَالُ حيثُ أَصْبَحَتِ المادِيَّةُ هِيَ شِعَارُهُم وتَغَلَّبَت عليهِم الشَهَوُاتُ ، وتَرَتَّبَ على هذا الشِعَارِ أَنْ ظَهَرَت عِنْدَهُم قِلَّةُ الدِيْنِ، وفي ذلِكَ يقولُ أحدُهُم: إنَّ المَصرييِّنَ كانُوا يُعَظِّمُون آلهَتَهُم بالتَضَرُّعِ والبُكَاءِ، وكانَ اليُونانيُّونَ يُعَظِّمُون آلِهَتَهُم بالرَقْصِ والغِنَاءِ. ولِذلِكَ انْتَشَرتِ الفَوْضَى والجَرْيَ وراءَ الشَهَواتِ العَاجِلَةِ وانْتِهَابِ المَسَرَّاتِ والْتِهَامَ الحياةِ التِهَامَ الجَائِعِ النَهِمِ .
وعليه فَقَد انْحَدَرَت مَكَانَةُ المرأةِ انْحِدَارَاً كَبيراً حيثُ كانَت عِنْدَهُم مَخْلُوقَاً حَقِيْرَاً ذَلِيْلاً وكانَت مُهَانَةً ومُضَّطَهَدَةً وتُعْتَبَرُ رِجْسِاً مِن عَمَلِ الشيطانِ، وكانَ المُجتَمَعُ الإغْرِيقِيِّ يَعْتَقِدُ أنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنَ الدَرْكِ الأسْفَلِ، وكانُوا لا يُجَالِسُونَهَا على مائدةِ الطَعامِ ، وكانَتِ المرأةُ إذا وَضَعَت طِفْلاً دَمِيْمَاً قَضُوا عليْهَا .
وكانُوا يَتَعَامَلُونَ مَعَهَا وكَأنَّهَا سِلْعَةً ولِذَلِكَ كانَت تُبَاعُ وتُشْتَرَى وكانَت تُحْرَمُ مِنَ التَعْليمِ وتُزَوَّجُ دُوْنَ رِضَاهَا وكانَت تُمْنَعُ مِنَ المِيراثِ.
ولم يَكُنْ في مَقْدُورِهَا أَنْ تَتَعَاقَدَ على شيءٍ أو تَسْتَدِين أَكْثَرَ مِن مَبْلَغٍ تَافِهٍ أو أَنْ تَرْفَعَ قَضَايَا أمامَ المَحَاكِمِ. ومِن شَرائِعِ صُولون أَنَّ العملَ الذي يقومُ بهِ الإنسانُ تحتَ تَأثيرِ المرأةِ عَمَلٌ باطِلٌ قانونَاً، وإذا ماتَ الرجلُ لَم تَرِثِ المرأةُ شيئَاً مِن مَالِهِ . وكانَ فَلاسِفَتُهُم وكُتَّابُهُم يُعَبِّرُون عَن هذهِ المَهَانَةِ عندَ الكلامِ عَنِ المرأةِ.
يقولُ سُقراط: إنَّ وُجُودَ المرأةِ هُوَ أكبَرُ مَنْشَأٍ ومَصْدَرٍ للأزْمَةِ والانْهيارِ في العَالَمِ، وأنَّ المرأةَ تُشْبِهُ شجرةً مَسْمُومَةً ظَاهِرُهَا جميلٌ ولَكِن عندَمَا تَأكُلُ منها العَصَافيرُ تَموتُ حَالاً . وعَنْهَا يقولُ هِيرودوت: إنَّ مُعْظَمَ الشُرُورِ في العَالَمِ مِن صُنْعِ النِساءِ. وعَنْهَا يقولُ أَرُسطو: إنَّ المرأةَ للرجلِ كَالعَبْدِ للسَيِّدِ والعَامِلِ للعَالِم والبَربَريِّ لليُونَانِي، وأنَّ الرجلَ أَعْلَى دَرجَةً مِنَ المرأةِ ".
أمَّا أندروسكي فَيَصِفُ شَخصيَّةَ المرأةِ قَائِلاً: قد نَتَمَكَّنُ مِن أَنْ نُعَالِجَ حُرْقَةَ النارِ وَلَدْغَةَ الحيَّةِ ولكِن ليسَ للمرأةِ السيِّئَةِ الأخْلاقِ أيُّ عِلاجٍ .
والمَجتَمَعُ الإغْرِيقي كانَ يَعْتَقِدُ أنَّ المرأةَ هِيَ سببُ أَوْجَاعِ وآلامِ العَالَم. وذلِكَ تَحْكِيْهِ أُسطُورةُ (باندورا): تقولُ الأسطُورةُ إنَّ الناسَ كانُوا يَعِيشُونَ في أَفْرَاحٍ ولا يَعْرِفُونَ مَعْنَى الألَمِ ولا الحُزْنِ، ولكنَّ الطبيعةَ أَوْدَعَت أَحَدَ الناسِ صُنْدُوقَاً وأَمَرَتْهُ ألاّ يَفْتَحَهُ؛ ولكنَّ زَوْجَتَهُ (باندورا) أَخَذَت تُلِحُّ عليهِ وتُغْرِيهِ بِفَتْحِ الصندوقِ، ومَا أَنْ فَتَحَهُ حتى انْطَلَقَت منهُ الحَشَراتُ المُفْزِعَةُ، ومُنْذُ تِلكَ اللَحْظَةِ أُصِيْبَ الناسُ بالآلامِ والأحْزَانِ، وحَلَّتِ الكَوارِثُ والآلامُ على البَشريَّةِ .
وفي بلادِ الإغْرِيقِ شَاعَتِ الفَاحِشَةُ وأَصْبَحَ الزِنَا أَمْرَاً مَألُوفَاً، وانتَشَرت دُوْرُ البِغَاءِ واخْتَلَطَ النساءُ بالرجالِ في المُنتدياتِ وفي كُلِّ مَكانٍ، وتَبَوَّأتِ العَاهِراتُ مَكَاناً عَالِياً ومَرْمُوقَاً في المُجْتَمَعِ الإغْرِيقِيِّ، وأَصْبَحَت دُوْرُ البَغَايَا مَرَاكِزَ للسياسةِ والأدَبِ، ثمَّ اعتَرَفَت دِيَانَتُهُم بالعَلاقَةِ الآثِمَةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ، وشَاعَ بينَهُمُ اللُواطُ أيْضَاً وبَدَأُوا يَتَّخِذُونَ التَمَاثِيلَ العَاريَّةَ باسمِ الأدَبِ والفَنِّ، حيثُ أقَامُوا تِمْثَالَ (هرمرديس وأرستوجين) وهُمَا في عَلاقَةٍ شَاذَّةٍ .
َلقد كانَ ديموستين يقولُ: إنَّنَا نَتَّخِذُ العَاهِراتِ للَّذَةِ والخَلِيلاتِ لِصِحَّةِ أَجْسَامِنَا اليوميَّةِ، والأزواجُ لِيَلِدْنَ لَنَا الأبناءَ الشَرعيِّينَ ويَعْنَيْنَ بِبُيوتِنَا عِنَايَةً تَنْطَوي على الأمَانَةِ والإخلاصِ .
وأصبَحَتِ المرأةُ عندَ الإغْرِيقِ رَخِيْصَةً يُخَادِنُهَا مَن يُريدُ وبِدُونِ عَقْدٍ ولا نِكَاحٍ. وأَعْلَنَ أفلاطون شِيُوعيَّةَ النساءِ وإلغَاءَ نِظَامِ الأسْرَةِ على أَنْ تَتَكَفَّلَ الدولةُ بِتَربيَّةِ الأبناءِ .
وانْفَرَطَ عَقْدُ الأسْرَةِ ومَنْزِلُ الزَوجيَّةِ حيثُ أَصْبَحَ بإمكانِ الزَوْجُ أَنْ يَزْنَِيَ في مَنْزِلِ الزَوجيَّةِ ولا تَعْتَرِضُ الزَوجَةُ، ولَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا متى شاءَ وهِيَ بَعْدَ الطلاقِ تَكُونُ مُقَيَّدةً برأيِهِ فَلا تَتَزَوَّجُ إلاَّ مِمَّن يُريدُهُ لَهَا، وإذا أَشْرَفَ هذا الزَوجُ على المَوتِ فإنَّهُ يُحَدِّدُ الزَوْجَ الجديدَ ولا يَعْتَرِضُ أَحَدٌ .
ولقد حَدَثَ هذا التَدَنِّيَ الأخلاقِيَّ بسببِ أُسُطورَةٍ أيضَاً؛ تَقولُ إنَّ (أفروديت) كانَت زوجَةَ إلَهٍ ولكنَّهَا خَادَنَت ثلاثةً آخَرِينَ، ثمَّ خَادَنَت رجلاً مِن عَاَّمةِ النَاسِ فَوَلَدَت (كيوبيد)، ولمَّا كانَ (كيوبيد) هذا هُوَ ثَمَرَةُ ذلِكَ الاتِّصَالِ العَجِيْبِ أَصْبَحَ اليُونانيُّونَ لا يَحْتَرِمُونَ عَقْدَ الزَواجِ ويَنْظُرُونَ إليهِ بِعَيْنٍ حَمْرَاءَ .
هذا ويَحفظُ التاريخُ أنَّ أَهْلَ أسبَرطَة كانُوا قَد أَعْطَوُا نِساءَهُم بعضَ الحُريَّةَ ومَنَحُوهُنَّ بعضَ الحُقوق، إلاَّ أنَّ الفَيلسوفَ أَرِسطو كانَ يَعْتَقِدُ أنَّ سُقُوطَ أَسبرطة كانَ بسببِ مَنْحِ أهْلِهَا الحريَّةَ للنساءِ. والطريفُ أنَّ هذهِ الحريَّةَ التي يَأْسُو عليهَا ـ حكيمُ اليُونانِ ـ كانَت حُريَّةً إلى الدَعَارَةِ أقْرَبُ، فالمرأةُ في أسبرطة كانَت تَتَزَوَّجُ أكثَرَ مِن رجلٍ واحِدٍ في الوقْتِ الذي كان يَحْرُمُ على الرجلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أكثَرَ مِن امرأةٍ إلاَّ في الحَالاتِ الضَروريَّةِ جدَّاً. ولَم تَكُن تِلْكَ الحُريَّةَ اعتِرَافَاً بِفَضْلٍ أو بِأَهْليَّةٍ ولكِنْ كانَ ذلِكَ لِوَضْعِ المَدينَةِ الحَرْبِيِّ، فَالرجالُ كانُوا يَشْتَغِلُونَ بالحُروبِ ويَتْرُكُونَ النساءَ للتَصَرُّفِ أثنَاءَ غِيَابِهِم عَن الدِيار .
وفي أسبرطة أصبحَ القَانُونُ الوَطَنِيُّ يُجْبِرُ المرأةَ على مُقَاسَمَةِ الرجلَ القِتَالَ في الحُروبِ الدَاميَّةِ، وسَلَبَهَا حَنَانَهَا وشَفَقَتَهَا حيثُ يُؤْخَذُ مَوْلُودُهَا ويُطْرَحُ في زاويَةٍ مِن زَوايَا غُرْفَةٍ مُظْلِمَةٍ يَبْكِي ويَتَأَلَّمُ اعتِقَادَاً مِنْهُم أنَّ ذلِكَ يُمَرِّنُهُ على الشَجَاعَةِ وتَحَمُّلِ المَشَقَّةِ .
كانَتِ المرأةُ عندَ اليُونانيِّينَ مُصَانَةً وعَفِيْفَةً، وكانَ الحِجَابُ شَائِعَاً بينَهُم، وكانَ زَواجُ المرأةِ ومُلازَمَتُهَا لِزَوْجِهَا يُعَدُّ مِن أَمَارَاتِ النَجَابَةِ والشَرَفِ، ولِذَلِكَ نَجِدُهُم يَنْظُرونَ إلى حياةِ الدَعَارةِ والعُهْرِ نَظْرَةَ ازدِرَاءٍ بالِغٍ، ولكنْ سُرْعَانَ مَا تَغَيَّرَ هذا الحَالُ حيثُ أَصْبَحَتِ المادِيَّةُ هِيَ شِعَارُهُم وتَغَلَّبَت عليهِم الشَهَوُاتُ ، وتَرَتَّبَ على هذا الشِعَارِ أَنْ ظَهَرَت عِنْدَهُم قِلَّةُ الدِيْنِ، وفي ذلِكَ يقولُ أحدُهُم: إنَّ المَصرييِّنَ كانُوا يُعَظِّمُون آلهَتَهُم بالتَضَرُّعِ والبُكَاءِ، وكانَ اليُونانيُّونَ يُعَظِّمُون آلِهَتَهُم بالرَقْصِ والغِنَاءِ. ولِذلِكَ انْتَشَرتِ الفَوْضَى والجَرْيَ وراءَ الشَهَواتِ العَاجِلَةِ وانْتِهَابِ المَسَرَّاتِ والْتِهَامَ الحياةِ التِهَامَ الجَائِعِ النَهِمِ .
وعليه فَقَد انْحَدَرَت مَكَانَةُ المرأةِ انْحِدَارَاً كَبيراً حيثُ كانَت عِنْدَهُم مَخْلُوقَاً حَقِيْرَاً ذَلِيْلاً وكانَت مُهَانَةً ومُضَّطَهَدَةً وتُعْتَبَرُ رِجْسِاً مِن عَمَلِ الشيطانِ، وكانَ المُجتَمَعُ الإغْرِيقِيِّ يَعْتَقِدُ أنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنَ الدَرْكِ الأسْفَلِ، وكانُوا لا يُجَالِسُونَهَا على مائدةِ الطَعامِ ، وكانَتِ المرأةُ إذا وَضَعَت طِفْلاً دَمِيْمَاً قَضُوا عليْهَا .
وكانُوا يَتَعَامَلُونَ مَعَهَا وكَأنَّهَا سِلْعَةً ولِذَلِكَ كانَت تُبَاعُ وتُشْتَرَى وكانَت تُحْرَمُ مِنَ التَعْليمِ وتُزَوَّجُ دُوْنَ رِضَاهَا وكانَت تُمْنَعُ مِنَ المِيراثِ.
ولم يَكُنْ في مَقْدُورِهَا أَنْ تَتَعَاقَدَ على شيءٍ أو تَسْتَدِين أَكْثَرَ مِن مَبْلَغٍ تَافِهٍ أو أَنْ تَرْفَعَ قَضَايَا أمامَ المَحَاكِمِ. ومِن شَرائِعِ صُولون أَنَّ العملَ الذي يقومُ بهِ الإنسانُ تحتَ تَأثيرِ المرأةِ عَمَلٌ باطِلٌ قانونَاً، وإذا ماتَ الرجلُ لَم تَرِثِ المرأةُ شيئَاً مِن مَالِهِ . وكانَ فَلاسِفَتُهُم وكُتَّابُهُم يُعَبِّرُون عَن هذهِ المَهَانَةِ عندَ الكلامِ عَنِ المرأةِ.
يقولُ سُقراط: إنَّ وُجُودَ المرأةِ هُوَ أكبَرُ مَنْشَأٍ ومَصْدَرٍ للأزْمَةِ والانْهيارِ في العَالَمِ، وأنَّ المرأةَ تُشْبِهُ شجرةً مَسْمُومَةً ظَاهِرُهَا جميلٌ ولَكِن عندَمَا تَأكُلُ منها العَصَافيرُ تَموتُ حَالاً . وعَنْهَا يقولُ هِيرودوت: إنَّ مُعْظَمَ الشُرُورِ في العَالَمِ مِن صُنْعِ النِساءِ. وعَنْهَا يقولُ أَرُسطو: إنَّ المرأةَ للرجلِ كَالعَبْدِ للسَيِّدِ والعَامِلِ للعَالِم والبَربَريِّ لليُونَانِي، وأنَّ الرجلَ أَعْلَى دَرجَةً مِنَ المرأةِ ".
أمَّا أندروسكي فَيَصِفُ شَخصيَّةَ المرأةِ قَائِلاً: قد نَتَمَكَّنُ مِن أَنْ نُعَالِجَ حُرْقَةَ النارِ وَلَدْغَةَ الحيَّةِ ولكِن ليسَ للمرأةِ السيِّئَةِ الأخْلاقِ أيُّ عِلاجٍ .
والمَجتَمَعُ الإغْرِيقي كانَ يَعْتَقِدُ أنَّ المرأةَ هِيَ سببُ أَوْجَاعِ وآلامِ العَالَم. وذلِكَ تَحْكِيْهِ أُسطُورةُ (باندورا): تقولُ الأسطُورةُ إنَّ الناسَ كانُوا يَعِيشُونَ في أَفْرَاحٍ ولا يَعْرِفُونَ مَعْنَى الألَمِ ولا الحُزْنِ، ولكنَّ الطبيعةَ أَوْدَعَت أَحَدَ الناسِ صُنْدُوقَاً وأَمَرَتْهُ ألاّ يَفْتَحَهُ؛ ولكنَّ زَوْجَتَهُ (باندورا) أَخَذَت تُلِحُّ عليهِ وتُغْرِيهِ بِفَتْحِ الصندوقِ، ومَا أَنْ فَتَحَهُ حتى انْطَلَقَت منهُ الحَشَراتُ المُفْزِعَةُ، ومُنْذُ تِلكَ اللَحْظَةِ أُصِيْبَ الناسُ بالآلامِ والأحْزَانِ، وحَلَّتِ الكَوارِثُ والآلامُ على البَشريَّةِ .
وفي بلادِ الإغْرِيقِ شَاعَتِ الفَاحِشَةُ وأَصْبَحَ الزِنَا أَمْرَاً مَألُوفَاً، وانتَشَرت دُوْرُ البِغَاءِ واخْتَلَطَ النساءُ بالرجالِ في المُنتدياتِ وفي كُلِّ مَكانٍ، وتَبَوَّأتِ العَاهِراتُ مَكَاناً عَالِياً ومَرْمُوقَاً في المُجْتَمَعِ الإغْرِيقِيِّ، وأَصْبَحَت دُوْرُ البَغَايَا مَرَاكِزَ للسياسةِ والأدَبِ، ثمَّ اعتَرَفَت دِيَانَتُهُم بالعَلاقَةِ الآثِمَةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ، وشَاعَ بينَهُمُ اللُواطُ أيْضَاً وبَدَأُوا يَتَّخِذُونَ التَمَاثِيلَ العَاريَّةَ باسمِ الأدَبِ والفَنِّ، حيثُ أقَامُوا تِمْثَالَ (هرمرديس وأرستوجين) وهُمَا في عَلاقَةٍ شَاذَّةٍ .
َلقد كانَ ديموستين يقولُ: إنَّنَا نَتَّخِذُ العَاهِراتِ للَّذَةِ والخَلِيلاتِ لِصِحَّةِ أَجْسَامِنَا اليوميَّةِ، والأزواجُ لِيَلِدْنَ لَنَا الأبناءَ الشَرعيِّينَ ويَعْنَيْنَ بِبُيوتِنَا عِنَايَةً تَنْطَوي على الأمَانَةِ والإخلاصِ .
وأصبَحَتِ المرأةُ عندَ الإغْرِيقِ رَخِيْصَةً يُخَادِنُهَا مَن يُريدُ وبِدُونِ عَقْدٍ ولا نِكَاحٍ. وأَعْلَنَ أفلاطون شِيُوعيَّةَ النساءِ وإلغَاءَ نِظَامِ الأسْرَةِ على أَنْ تَتَكَفَّلَ الدولةُ بِتَربيَّةِ الأبناءِ .
وانْفَرَطَ عَقْدُ الأسْرَةِ ومَنْزِلُ الزَوجيَّةِ حيثُ أَصْبَحَ بإمكانِ الزَوْجُ أَنْ يَزْنَِيَ في مَنْزِلِ الزَوجيَّةِ ولا تَعْتَرِضُ الزَوجَةُ، ولَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا متى شاءَ وهِيَ بَعْدَ الطلاقِ تَكُونُ مُقَيَّدةً برأيِهِ فَلا تَتَزَوَّجُ إلاَّ مِمَّن يُريدُهُ لَهَا، وإذا أَشْرَفَ هذا الزَوجُ على المَوتِ فإنَّهُ يُحَدِّدُ الزَوْجَ الجديدَ ولا يَعْتَرِضُ أَحَدٌ .
ولقد حَدَثَ هذا التَدَنِّيَ الأخلاقِيَّ بسببِ أُسُطورَةٍ أيضَاً؛ تَقولُ إنَّ (أفروديت) كانَت زوجَةَ إلَهٍ ولكنَّهَا خَادَنَت ثلاثةً آخَرِينَ، ثمَّ خَادَنَت رجلاً مِن عَاَّمةِ النَاسِ فَوَلَدَت (كيوبيد)، ولمَّا كانَ (كيوبيد) هذا هُوَ ثَمَرَةُ ذلِكَ الاتِّصَالِ العَجِيْبِ أَصْبَحَ اليُونانيُّونَ لا يَحْتَرِمُونَ عَقْدَ الزَواجِ ويَنْظُرُونَ إليهِ بِعَيْنٍ حَمْرَاءَ .
هذا ويَحفظُ التاريخُ أنَّ أَهْلَ أسبَرطَة كانُوا قَد أَعْطَوُا نِساءَهُم بعضَ الحُريَّةَ ومَنَحُوهُنَّ بعضَ الحُقوق، إلاَّ أنَّ الفَيلسوفَ أَرِسطو كانَ يَعْتَقِدُ أنَّ سُقُوطَ أَسبرطة كانَ بسببِ مَنْحِ أهْلِهَا الحريَّةَ للنساءِ. والطريفُ أنَّ هذهِ الحريَّةَ التي يَأْسُو عليهَا ـ حكيمُ اليُونانِ ـ كانَت حُريَّةً إلى الدَعَارَةِ أقْرَبُ، فالمرأةُ في أسبرطة كانَت تَتَزَوَّجُ أكثَرَ مِن رجلٍ واحِدٍ في الوقْتِ الذي كان يَحْرُمُ على الرجلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أكثَرَ مِن امرأةٍ إلاَّ في الحَالاتِ الضَروريَّةِ جدَّاً. ولَم تَكُن تِلْكَ الحُريَّةَ اعتِرَافَاً بِفَضْلٍ أو بِأَهْليَّةٍ ولكِنْ كانَ ذلِكَ لِوَضْعِ المَدينَةِ الحَرْبِيِّ، فَالرجالُ كانُوا يَشْتَغِلُونَ بالحُروبِ ويَتْرُكُونَ النساءَ للتَصَرُّفِ أثنَاءَ غِيَابِهِم عَن الدِيار .
وفي أسبرطة أصبحَ القَانُونُ الوَطَنِيُّ يُجْبِرُ المرأةَ على مُقَاسَمَةِ الرجلَ القِتَالَ في الحُروبِ الدَاميَّةِ، وسَلَبَهَا حَنَانَهَا وشَفَقَتَهَا حيثُ يُؤْخَذُ مَوْلُودُهَا ويُطْرَحُ في زاويَةٍ مِن زَوايَا غُرْفَةٍ مُظْلِمَةٍ يَبْكِي ويَتَأَلَّمُ اعتِقَادَاً مِنْهُم أنَّ ذلِكَ يُمَرِّنُهُ على الشَجَاعَةِ وتَحَمُّلِ المَشَقَّةِ .
مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الرومان
مَكانَةُ المرأةِ عندَ الرُومَانِ
كانَ الرُومَانيُّونَ تَمَامَاً كَاليُونانيِّين يَهْتَمُّونَ في بَادِئ الأمْرِ بِعَفَافِ المرأةِ وشَرَفِهَا، وكانَتِ المرأةُ تَتَبَوَّأ مَكانَةَ العِزِّ والكَرامَةِ، وكانُوا يَنْظُرونَ للمُومِسَاتِ نَظْرَةَ ازدِرَاءٍ واحْتِقَارٍ وتَعْيِيرٍ ولكنَّ مَا حَدَثَ في اليُونانِ حَدَثَ في الرُومانِ وتَبَدَّلَ الحَالُ وانْقَلَبَ رَأساً على عَقِبٍ، وأُعْطِيَتِ المرأةُ حريَّةً كَامِلَةً وأَصْبَحَت طَلِيْقَةً لا سُلطانَ عليهَا مِن أبٍ وزَوْجٍ.
وتَرَتَّبَ على ذلِكَ أَنَّ سُلْطَةَ المرأةِ قَوِيَتْ وأَصْبَحَت هِيَ السيِّدُ وأَصْبَحَ الأزوَاجُ يَقتَرِضُونَ مِن زَوْجَاتِهِم فَأصْبَحُوا عَبِيْدَاً لَهُنَّ ، وتَرَتَّبَ على ذلِكَ أيضَاً انْتِشَارُ الفَاحِشَةِ، وأَصْبَحَ الزِنَا أَمْرَاً عادِيَّاً.
هَا هُوَ (كاتو) المَشْهُورُ يُعْلِنُ جَوَازَ اقْتِرَافِ الفَحْشَاءِ في عَصْرِ الشبابِ. ويقولُ إبكتتس لِتَلاميذِهِ: تَجَنَّبُوا مُعَاشَرَةَ النساءِ قَبْلَ الزَواجِ إِنْ استَطَعْتُم، ولكنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ تَلُومُوا أَحَدَاً أو تُؤَنِّبُوهُ إذا لَم يَتَمَكَّنْ مِن كَبْحِ جِمَاحِ شَهْوَاتِهِ .
وتَرَتَّبَ أيضَاً على ذلِكَ أَنْ استَفْحَلَ الأمْرُ وانْتَشَرَت ظَاهِرَةُ استِحْمَامِ الرجالِ والنساءِ في مَكَانٍ واحِدٍ بِمَرْأى ومَشْهَدٍ مِنَ الناسِ، ونَالَتْ مَسرحيَّةُ (فلورا) حُظْوَةً كبيرةً لِكَوْنِهَا تَحْتَوي على سِبَاقِ النساءِ العَارياتِ .
ولَقَد بَلَغَ مِنَ ذلِكَ أنَّ (الدوطة) التي كانَت تَنْتَقِلُ بها المرأةُ من بيتِ أهلِهَا؛ تُعْتَبَرُ مُلْكَاً خَالِصَاً لِزَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ تَحَوُّلِهَا إليهِ. وتَرَتَّبَ على ذلِكَ هَوُانُ عَقْدِ الزَواجِ؛ فَالفتاةُ إذا تَزَوَّجَت أَبْرَمَتْ معَ زوجِهَا عَقْدَاً يُسَمَّى (اتِّفَاقُ السيادَةِ) وذلِكَ بإحدَى طُرُقٍ ثلاثٍ:
• في حَفْلةٍ دِينيَّةٍ على يَدِ الكَاهِنِ.
• بالشِراءِ الرَمْزِيِّ، أي أَنْ يَشْتَرِيَ الزَوجُ زوجَتَهُ.
• بالمُعَاشَرةِ المُمتَدَّةِ بعدَ الزَواجِ إلى سَنَةٍ كامِلَةٍ .
وترتَّبَ على ذلِكَ أيضَاً أَنْ سَهُلَ أَمْرُ الطلاقِ وكَثُرَ لِحَدِّ مُلْفِتٍ، ويَتُمُّ اللُجُوءُ إليهِ ولأَتْفَهِ الأسبابِ، يقولُ (سينكا) في ذلِكَ: لَم يَعُدِ الطلاقُ شيئَاً يُنْدَمُ عليهِ أو يُسْتَحَى منهُ في بلادِ الرُومانِ، وقَد بَلَغَ مِن كَثْرَتِهِ وذُيُوعِ أَمْرِهِ أَنْ جَعَلَتِ النساءُ يَعْدُدْنَ أعمارَهُنَّ بأعدادِ أَزْوَاجِهِنَّ. وذَكَرَ (مارسل) أَنَّ امرأةً تَزَوَّجَت عَشْرَةَ رِجالٍ، وكَتَبَ (جونيل) عَنِ امرأةٍ تَزَوَّجَت ثَمانِيَةَ أزواجٍ في خَمْسِ سَنَوُاتٍ، وذَكَرَ القديس (جروم) أَنَّ امرأةً تَزَوَّجَت في المرَّةِ الأخيرَةِ الثالثَ والعِشرينَ مِن أَزْوَاجِها وكانَت أيضَاً الزَوْجَةَ الحَاديَةَ والعِشرينَ لِبَعْلِهَا .
والمرأةُ عندَ الرُومانِ كانَت دُوْنَ أَهْلِيَّةٍ ماليَّةٍ. يقولُ د.السباعِي في ذلِكَ: أمَّا الأهليَّةُ المَاليَّةُ فَلَم يَكُنْ للبِنْتِ حَقُّ التَمَلُّكِ وإذا اكتَسَبَت مَالاً أُضِيْفَ إلى أَمْوَالِ ربِّ الأسْرَةِ ولا يُؤَثِّرُ في ذلِكَ بُلوغُهَا ولا زَوَاجُهَا .
وكانَتِ المرأةُ مُهَانَةً ومُضَّطهَدَةً، ولِذلِكَ كانَ الشِعَارُ الذي أَطْلَقَهُ مُشَرِّعُ الرُومانِ (كاتو) في ذلِكَ: إنَّ قَيْدَ المرأةِ لا يُنْزَعُ، ونِيْرَهَا لا يُخْلَع .
وكانُوا يَزْدَرُونَهَا ازْدِرَاءً شَديداً فَيَنْظُرونَ إليهَا وكَأنَّهَا كائِنٌ بلا رُوْحٍ، وكانُوا يَحْرِمُونَها مِنَ الضَحِكِ ومِنَ الكَلامِ إلاَّ بِإذْنٍ، وكانَ بَعْضُهُم يَضَعُ في فَمِهَا قِفْلاً مِن حديدٍ يُسَمُّونَهُ (الموسليير)، وكانُوا يَحْرِمُونَهَا مِن أَكْلِ اللُحُومِ، وكانُوا يُعَرِّضُونَهَا لأشَدِّ أنواعِ العُقُوبَاتِ البَدَنِيَّةِ باعتِبَارِهَا أَدَاةً للغِوَايَةِ وأُحْبُولَةً مِنَ أَحَابِيْلِ الشيطانِ.
وعَنْهَا يقولُ د. محمد عبدُ العليمَ مُرسي: وحَسْبَ قانونِ رُوما لَم يَكُنْ للمرأةِ أَنْ تَظْهَرَ في المَحْكَمَةِ حتى ولَو كانَت شَاهِدَةً، وإذا ماتَ زَوْجُهَا لَم يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بأيِّ حَقٍّ لَهَا في مَالِهِ، وكانَت في كُلِّ أَدْوَارِ حياتِهَا تَحْتَ رَقَابَةِ رَجُلٍ هُوَ أَبُوهَا أو أَخُوهَا أو زَوْجُهَا أو حتى ابنُهَا .
وفي عَهْدِ الإمبَراطُوريَّةِ الرُومانِيَّةِ كانَتِ المرأةُ تُوَاجِهُ أَقْسَى العُقَوبَاتِ، فَالرُومانِ كانُوا يَسْكُبُونَ الزيتَ الحَارَّ على أَبْدَانِهِنَّ، ويَرْبِطُونَهُنَّ بِذُيُولِ الخُيولِ التي تَنْطَلِقُ بِأَقْصَى سُرعَةٍ، كَمَا يَربِطُونَهُنَّ أحيَانَاً بالأعْمِدَةِ ويَصُبُّونَ النَارَ على أبدَانِهِنَّ ، وكانَ الزَوجُ أحيانَاً يَحْكُمُ على زوجَتِهِ بالإعْدَامِ في بَعْضِ التُهَمِ .
ويَرَى فَقِيْهُ الرُومانِ (شيسرون) أنَّ المرأةَ ضَعِيْفَةٌ وقَليلَةُ الخِبْرَةِ ونَاقِصَةُ العَقْلِ. ولِهَذَا السببِ عَرَفَ الرُومانُ نِظَامَ الوِصَايَةِ على النساءِ، ولَقَد ظَلَّتِ المرأةُ على هذا الحَالِ حتى جَاءَ الإمبَراطُورُ (أوغسطس) الذي مَنَحَ المرأةَ الحَقَّ في طَلَبَ عَزْلِ وَصِيِّهَا الشَرْعِيِّ واستِبْدَالِهِ بِآَخَرَ، والذي ظَهَرَت في عَهْدِهِ قَوانِيْنَ جُوليَا الشهيرة التي بِمُوجِبِهَا أُنْشِئَ امتِيَازُ الأولادِ، ومُتْقَضَاهُ أَنْ يُمْنَحَ امتِيَازُ الأولادِ للمرأةِ الحُرَّةِ الأصيْلَةِ التي أَنْجَبَت ثلاثةَ أولادٍ، وللمَعْتُوقَةِ التي أَنْجَبَت أربعَةً، وهُوَ يَقْضِي بِتَحْريْرِ أولئكَ الأمَّهاتِ مِنَ الوِصَايَةِ، وقَد أُلْغِىَ نِظَامُ الوِصَايَةِ هذا أَخِيْرَاً بِوَاسِطَةِ الإمبَراطُور (تِيودور) وأُعْطِيَ امتِيَازُ الأولادِ لِجَمِيْعِ نِساءِ الإمبَراطُوريَّةِ .
كانَ الرُومَانيُّونَ تَمَامَاً كَاليُونانيِّين يَهْتَمُّونَ في بَادِئ الأمْرِ بِعَفَافِ المرأةِ وشَرَفِهَا، وكانَتِ المرأةُ تَتَبَوَّأ مَكانَةَ العِزِّ والكَرامَةِ، وكانُوا يَنْظُرونَ للمُومِسَاتِ نَظْرَةَ ازدِرَاءٍ واحْتِقَارٍ وتَعْيِيرٍ ولكنَّ مَا حَدَثَ في اليُونانِ حَدَثَ في الرُومانِ وتَبَدَّلَ الحَالُ وانْقَلَبَ رَأساً على عَقِبٍ، وأُعْطِيَتِ المرأةُ حريَّةً كَامِلَةً وأَصْبَحَت طَلِيْقَةً لا سُلطانَ عليهَا مِن أبٍ وزَوْجٍ.
وتَرَتَّبَ على ذلِكَ أَنَّ سُلْطَةَ المرأةِ قَوِيَتْ وأَصْبَحَت هِيَ السيِّدُ وأَصْبَحَ الأزوَاجُ يَقتَرِضُونَ مِن زَوْجَاتِهِم فَأصْبَحُوا عَبِيْدَاً لَهُنَّ ، وتَرَتَّبَ على ذلِكَ أيضَاً انْتِشَارُ الفَاحِشَةِ، وأَصْبَحَ الزِنَا أَمْرَاً عادِيَّاً.
هَا هُوَ (كاتو) المَشْهُورُ يُعْلِنُ جَوَازَ اقْتِرَافِ الفَحْشَاءِ في عَصْرِ الشبابِ. ويقولُ إبكتتس لِتَلاميذِهِ: تَجَنَّبُوا مُعَاشَرَةَ النساءِ قَبْلَ الزَواجِ إِنْ استَطَعْتُم، ولكنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ تَلُومُوا أَحَدَاً أو تُؤَنِّبُوهُ إذا لَم يَتَمَكَّنْ مِن كَبْحِ جِمَاحِ شَهْوَاتِهِ .
وتَرَتَّبَ أيضَاً على ذلِكَ أَنْ استَفْحَلَ الأمْرُ وانْتَشَرَت ظَاهِرَةُ استِحْمَامِ الرجالِ والنساءِ في مَكَانٍ واحِدٍ بِمَرْأى ومَشْهَدٍ مِنَ الناسِ، ونَالَتْ مَسرحيَّةُ (فلورا) حُظْوَةً كبيرةً لِكَوْنِهَا تَحْتَوي على سِبَاقِ النساءِ العَارياتِ .
ولَقَد بَلَغَ مِنَ ذلِكَ أنَّ (الدوطة) التي كانَت تَنْتَقِلُ بها المرأةُ من بيتِ أهلِهَا؛ تُعْتَبَرُ مُلْكَاً خَالِصَاً لِزَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ تَحَوُّلِهَا إليهِ. وتَرَتَّبَ على ذلِكَ هَوُانُ عَقْدِ الزَواجِ؛ فَالفتاةُ إذا تَزَوَّجَت أَبْرَمَتْ معَ زوجِهَا عَقْدَاً يُسَمَّى (اتِّفَاقُ السيادَةِ) وذلِكَ بإحدَى طُرُقٍ ثلاثٍ:
• في حَفْلةٍ دِينيَّةٍ على يَدِ الكَاهِنِ.
• بالشِراءِ الرَمْزِيِّ، أي أَنْ يَشْتَرِيَ الزَوجُ زوجَتَهُ.
• بالمُعَاشَرةِ المُمتَدَّةِ بعدَ الزَواجِ إلى سَنَةٍ كامِلَةٍ .
وترتَّبَ على ذلِكَ أيضَاً أَنْ سَهُلَ أَمْرُ الطلاقِ وكَثُرَ لِحَدِّ مُلْفِتٍ، ويَتُمُّ اللُجُوءُ إليهِ ولأَتْفَهِ الأسبابِ، يقولُ (سينكا) في ذلِكَ: لَم يَعُدِ الطلاقُ شيئَاً يُنْدَمُ عليهِ أو يُسْتَحَى منهُ في بلادِ الرُومانِ، وقَد بَلَغَ مِن كَثْرَتِهِ وذُيُوعِ أَمْرِهِ أَنْ جَعَلَتِ النساءُ يَعْدُدْنَ أعمارَهُنَّ بأعدادِ أَزْوَاجِهِنَّ. وذَكَرَ (مارسل) أَنَّ امرأةً تَزَوَّجَت عَشْرَةَ رِجالٍ، وكَتَبَ (جونيل) عَنِ امرأةٍ تَزَوَّجَت ثَمانِيَةَ أزواجٍ في خَمْسِ سَنَوُاتٍ، وذَكَرَ القديس (جروم) أَنَّ امرأةً تَزَوَّجَت في المرَّةِ الأخيرَةِ الثالثَ والعِشرينَ مِن أَزْوَاجِها وكانَت أيضَاً الزَوْجَةَ الحَاديَةَ والعِشرينَ لِبَعْلِهَا .
والمرأةُ عندَ الرُومانِ كانَت دُوْنَ أَهْلِيَّةٍ ماليَّةٍ. يقولُ د.السباعِي في ذلِكَ: أمَّا الأهليَّةُ المَاليَّةُ فَلَم يَكُنْ للبِنْتِ حَقُّ التَمَلُّكِ وإذا اكتَسَبَت مَالاً أُضِيْفَ إلى أَمْوَالِ ربِّ الأسْرَةِ ولا يُؤَثِّرُ في ذلِكَ بُلوغُهَا ولا زَوَاجُهَا .
وكانَتِ المرأةُ مُهَانَةً ومُضَّطهَدَةً، ولِذلِكَ كانَ الشِعَارُ الذي أَطْلَقَهُ مُشَرِّعُ الرُومانِ (كاتو) في ذلِكَ: إنَّ قَيْدَ المرأةِ لا يُنْزَعُ، ونِيْرَهَا لا يُخْلَع .
وكانُوا يَزْدَرُونَهَا ازْدِرَاءً شَديداً فَيَنْظُرونَ إليهَا وكَأنَّهَا كائِنٌ بلا رُوْحٍ، وكانُوا يَحْرِمُونَها مِنَ الضَحِكِ ومِنَ الكَلامِ إلاَّ بِإذْنٍ، وكانَ بَعْضُهُم يَضَعُ في فَمِهَا قِفْلاً مِن حديدٍ يُسَمُّونَهُ (الموسليير)، وكانُوا يَحْرِمُونَهَا مِن أَكْلِ اللُحُومِ، وكانُوا يُعَرِّضُونَهَا لأشَدِّ أنواعِ العُقُوبَاتِ البَدَنِيَّةِ باعتِبَارِهَا أَدَاةً للغِوَايَةِ وأُحْبُولَةً مِنَ أَحَابِيْلِ الشيطانِ.
وعَنْهَا يقولُ د. محمد عبدُ العليمَ مُرسي: وحَسْبَ قانونِ رُوما لَم يَكُنْ للمرأةِ أَنْ تَظْهَرَ في المَحْكَمَةِ حتى ولَو كانَت شَاهِدَةً، وإذا ماتَ زَوْجُهَا لَم يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بأيِّ حَقٍّ لَهَا في مَالِهِ، وكانَت في كُلِّ أَدْوَارِ حياتِهَا تَحْتَ رَقَابَةِ رَجُلٍ هُوَ أَبُوهَا أو أَخُوهَا أو زَوْجُهَا أو حتى ابنُهَا .
وفي عَهْدِ الإمبَراطُوريَّةِ الرُومانِيَّةِ كانَتِ المرأةُ تُوَاجِهُ أَقْسَى العُقَوبَاتِ، فَالرُومانِ كانُوا يَسْكُبُونَ الزيتَ الحَارَّ على أَبْدَانِهِنَّ، ويَرْبِطُونَهُنَّ بِذُيُولِ الخُيولِ التي تَنْطَلِقُ بِأَقْصَى سُرعَةٍ، كَمَا يَربِطُونَهُنَّ أحيَانَاً بالأعْمِدَةِ ويَصُبُّونَ النَارَ على أبدَانِهِنَّ ، وكانَ الزَوجُ أحيانَاً يَحْكُمُ على زوجَتِهِ بالإعْدَامِ في بَعْضِ التُهَمِ .
ويَرَى فَقِيْهُ الرُومانِ (شيسرون) أنَّ المرأةَ ضَعِيْفَةٌ وقَليلَةُ الخِبْرَةِ ونَاقِصَةُ العَقْلِ. ولِهَذَا السببِ عَرَفَ الرُومانُ نِظَامَ الوِصَايَةِ على النساءِ، ولَقَد ظَلَّتِ المرأةُ على هذا الحَالِ حتى جَاءَ الإمبَراطُورُ (أوغسطس) الذي مَنَحَ المرأةَ الحَقَّ في طَلَبَ عَزْلِ وَصِيِّهَا الشَرْعِيِّ واستِبْدَالِهِ بِآَخَرَ، والذي ظَهَرَت في عَهْدِهِ قَوانِيْنَ جُوليَا الشهيرة التي بِمُوجِبِهَا أُنْشِئَ امتِيَازُ الأولادِ، ومُتْقَضَاهُ أَنْ يُمْنَحَ امتِيَازُ الأولادِ للمرأةِ الحُرَّةِ الأصيْلَةِ التي أَنْجَبَت ثلاثةَ أولادٍ، وللمَعْتُوقَةِ التي أَنْجَبَت أربعَةً، وهُوَ يَقْضِي بِتَحْريْرِ أولئكَ الأمَّهاتِ مِنَ الوِصَايَةِ، وقَد أُلْغِىَ نِظَامُ الوِصَايَةِ هذا أَخِيْرَاً بِوَاسِطَةِ الإمبَراطُور (تِيودور) وأُعْطِيَ امتِيَازُ الأولادِ لِجَمِيْعِ نِساءِ الإمبَراطُوريَّةِ .
مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الهنود
مكانةُ المرأةُ عندَ الهُنُودِ
في شَرائِعِ الهِنْدُوسِ أنَّهُ:( ليسَ الريحُ والموتُ والجحيمُ والسُمُّ والأفَاعِي والنارُ أسوأَ مِنَ المرأةِ).
ويقولُ الدكتورُ مصطفَى السِبَاعِي رَحِمَهُ اللهُ تَعالى: (ولم يَكُنْ للمرأةِ في شريعَةِ (مَانُو) حَقٌّ في الاستقلالِ عَن أبيْهَا أو زوجِهَا أو وَلَدِهَا، فإذا ماتَ هؤلاءُ جميعَاً وَجَبَ أَنْ تَنْتَمِيَ إلى رجلٍ مِن أقَاربِ زوجِهَا، وهِيَ قَاصِرَةٌ طِيلَةَ حياتِهَا، ولَم يَكُن لَهَا حَقٌّ في الحياةِ بعدَ وَفاةِ زَوجِهَا بل يجبُ أَنْ تموتَ يومَ موتِ زوجِهَا، وأَن تُحْرَقَ معَهُ وهِيَ حيَّةٌ على مَوْقِدٍ واحِدٍ، واستَمَّرَت هذهِ العادَةُ حتى القَرنِ السابِعَ عشرَ حيثُ أُبْطِلَت على كُرْهٍ مِن رِجالِ الدينِ الهُنُودِ، وكانَت تُقَدَّمُ قُرْبَاناً للآلهَةِ لِتَرْضَى، أو تَأْمُرَ بالمطرِ أو الرِزقِ، وفي بعضِ مَنَاطِقِ الهندِ القَديمَةِ شَجرةٌ يجبُ أَنْ يُقدِّمَ لهَا أهلُ المنطقَةِ فتاةً تَأكُلُهَا كُلَّ سنَةٍ؟!
زِد إليهِ كذلِكَ مَا يُحَدِّثُ بهِ بعضُ المُؤرِّخِينَ؛ أَنَّ رجالَ بعضِ الفِرَقِ الدينيَّةِ كانُوا يَعُبدونَ النساءَ العَارياتِ، والنساءُ يَعْبُدُنَ الرجالَ العُرَاةَ، وكانَ كَهَنَةُ المَعَابِدِ مِن كِبارِ الخَوَنَةِ والفُسَّاقِ الذين كَانُوا يَسْلِبُونَ الرَاهِباتِ والزَائِراتِ أَعَزَّ مَا عندَهُنَّ، وقَد أصبحَ كثيرٌ مِنَ المَعَابِدِ أماكُنُ يَتَرَصَّدُ فيهَا الفَاسِقُ لِطُلْبَتِهِ، ويَنالُ فيهَا الفَاجرُ بُغْيَتَهُ، وإذا كانَ هذا شأنُ البيوتِ التي رُفِعَت للعِبَادةِ والدِينِ فَمَا ظَنُّ القَارِئ بِبَلاطِ المُلوكِ وقُصُورِ الأغنياءِ.........؟! فقَد تَنَافَسَ فيهَا رِجَالُهَا في إتْيَانِ كُلِّ مُنْكَرٍ ورُكُوبِ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وكانَ فيهَا مَجَالِسُ مُختَلِطَةٌ مِن سادةٍ وسيداتٍ، فإذا لَعِبَتِ الخَمْرُ برؤوسِهِم خَلَعُوا جِلْبَابَ الحياءِ والشَرَفِ وطَرَحُوا الحِشْمَةَ فَتَوَارَى الأدبُ وتَبَرْقَعَ الحياءُ ......هكَذا أَخَذَتِ البلادُ مَوْجَةً طاغِيَةً مِنَ الشَهَواتِ الجِنْسِيَّةِ والخَلاعَةِ.
وقَد نَزَلَتِ النساءُ في هذا المُجتَمَعِ مَنْزِلَةَ الإمَاءِ، وكانَ الرجلُ قَد يَخْسَرُ امرأتَهُ في القِمَارِ، وكانَ في بعضِ الأحيانِ للمرأةِ عِدَّةُ أزواجٍ فإذا ماتَ زَوجُهَا صَارَت كالموءودةِ لا تَتَزَوَّجُ، وتَكونُ هدفَاً للإهَانَاتِ والتَجْرِيحِ، وكانَتْ أَمَةَ بيتِ زوجِهَا المُتَوَفَّى وخَادِمَ الأَحْماءِ ، وقَد تَحْرِقُ نَفْسَهَا إثْرَ وفاةِ زوجِهَا تَفَادِياً مِن عذابِ الحياةِ وشَقَاءِ الدنيا.
وهَكذا صارَت هذهِ البلادُ الخَصْبَةُ أرضَاً، وهذهِ الأمَّةُ التي وَصَفَهَا بعضُ مُؤرِّخِي العَربِ بِكَوْنِهَا مَعْدِنَ الحِكْمَةِ ويُنْبُوعَ العَدْلِ والسِياسَةِ؛ مَسْرَحَاً للجَهْلِ الفَاضِحِ والوَثَنِيَّةِ الوَضْيِعَّةِ والقَسْوَةِ الهَمَجِيَّةِ والجَوْرِ الاجتِمَاعِيِّ الذي ليسَ لَهُ مَثِيْلٌ في الأمَمِ ولا نَظِيْرَ في التَاريخِ.
في شَرائِعِ الهِنْدُوسِ أنَّهُ:( ليسَ الريحُ والموتُ والجحيمُ والسُمُّ والأفَاعِي والنارُ أسوأَ مِنَ المرأةِ).
ويقولُ الدكتورُ مصطفَى السِبَاعِي رَحِمَهُ اللهُ تَعالى: (ولم يَكُنْ للمرأةِ في شريعَةِ (مَانُو) حَقٌّ في الاستقلالِ عَن أبيْهَا أو زوجِهَا أو وَلَدِهَا، فإذا ماتَ هؤلاءُ جميعَاً وَجَبَ أَنْ تَنْتَمِيَ إلى رجلٍ مِن أقَاربِ زوجِهَا، وهِيَ قَاصِرَةٌ طِيلَةَ حياتِهَا، ولَم يَكُن لَهَا حَقٌّ في الحياةِ بعدَ وَفاةِ زَوجِهَا بل يجبُ أَنْ تموتَ يومَ موتِ زوجِهَا، وأَن تُحْرَقَ معَهُ وهِيَ حيَّةٌ على مَوْقِدٍ واحِدٍ، واستَمَّرَت هذهِ العادَةُ حتى القَرنِ السابِعَ عشرَ حيثُ أُبْطِلَت على كُرْهٍ مِن رِجالِ الدينِ الهُنُودِ، وكانَت تُقَدَّمُ قُرْبَاناً للآلهَةِ لِتَرْضَى، أو تَأْمُرَ بالمطرِ أو الرِزقِ، وفي بعضِ مَنَاطِقِ الهندِ القَديمَةِ شَجرةٌ يجبُ أَنْ يُقدِّمَ لهَا أهلُ المنطقَةِ فتاةً تَأكُلُهَا كُلَّ سنَةٍ؟!
زِد إليهِ كذلِكَ مَا يُحَدِّثُ بهِ بعضُ المُؤرِّخِينَ؛ أَنَّ رجالَ بعضِ الفِرَقِ الدينيَّةِ كانُوا يَعُبدونَ النساءَ العَارياتِ، والنساءُ يَعْبُدُنَ الرجالَ العُرَاةَ، وكانَ كَهَنَةُ المَعَابِدِ مِن كِبارِ الخَوَنَةِ والفُسَّاقِ الذين كَانُوا يَسْلِبُونَ الرَاهِباتِ والزَائِراتِ أَعَزَّ مَا عندَهُنَّ، وقَد أصبحَ كثيرٌ مِنَ المَعَابِدِ أماكُنُ يَتَرَصَّدُ فيهَا الفَاسِقُ لِطُلْبَتِهِ، ويَنالُ فيهَا الفَاجرُ بُغْيَتَهُ، وإذا كانَ هذا شأنُ البيوتِ التي رُفِعَت للعِبَادةِ والدِينِ فَمَا ظَنُّ القَارِئ بِبَلاطِ المُلوكِ وقُصُورِ الأغنياءِ.........؟! فقَد تَنَافَسَ فيهَا رِجَالُهَا في إتْيَانِ كُلِّ مُنْكَرٍ ورُكُوبِ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وكانَ فيهَا مَجَالِسُ مُختَلِطَةٌ مِن سادةٍ وسيداتٍ، فإذا لَعِبَتِ الخَمْرُ برؤوسِهِم خَلَعُوا جِلْبَابَ الحياءِ والشَرَفِ وطَرَحُوا الحِشْمَةَ فَتَوَارَى الأدبُ وتَبَرْقَعَ الحياءُ ......هكَذا أَخَذَتِ البلادُ مَوْجَةً طاغِيَةً مِنَ الشَهَواتِ الجِنْسِيَّةِ والخَلاعَةِ.
وقَد نَزَلَتِ النساءُ في هذا المُجتَمَعِ مَنْزِلَةَ الإمَاءِ، وكانَ الرجلُ قَد يَخْسَرُ امرأتَهُ في القِمَارِ، وكانَ في بعضِ الأحيانِ للمرأةِ عِدَّةُ أزواجٍ فإذا ماتَ زَوجُهَا صَارَت كالموءودةِ لا تَتَزَوَّجُ، وتَكونُ هدفَاً للإهَانَاتِ والتَجْرِيحِ، وكانَتْ أَمَةَ بيتِ زوجِهَا المُتَوَفَّى وخَادِمَ الأَحْماءِ ، وقَد تَحْرِقُ نَفْسَهَا إثْرَ وفاةِ زوجِهَا تَفَادِياً مِن عذابِ الحياةِ وشَقَاءِ الدنيا.
وهَكذا صارَت هذهِ البلادُ الخَصْبَةُ أرضَاً، وهذهِ الأمَّةُ التي وَصَفَهَا بعضُ مُؤرِّخِي العَربِ بِكَوْنِهَا مَعْدِنَ الحِكْمَةِ ويُنْبُوعَ العَدْلِ والسِياسَةِ؛ مَسْرَحَاً للجَهْلِ الفَاضِحِ والوَثَنِيَّةِ الوَضْيِعَّةِ والقَسْوَةِ الهَمَجِيَّةِ والجَوْرِ الاجتِمَاعِيِّ الذي ليسَ لَهُ مَثِيْلٌ في الأمَمِ ولا نَظِيْرَ في التَاريخِ.
مكانة المرأة قبل الإسلام.....في بلاد ما بين النهرين
مَكانَةُ المرأةِ في بلادِ مَا بينَ النَهْرين
الأصلُ اللَفْظِيُ لِبِلادِ مَا بينَ النَهْرَين ـ والتي يُطْلَقُ عليهَا أحيَاناً "بلادُ الرَافِدَين" هُوَ الكَلِمَةُ اللاتِينيَّةُ Mesopota Mia ومَعْنَاهَا "البلادُ التي تَقَعُ بينَ الأنْهَارِ" وهِي وُفْقَاً للتَسْمِيَةِ اليُونَانِيَّةِ القَديمةِ تَرْمُزُ للبلادِ التي تَقَعُ بينَ نَهْرَي دِجْلَةَ والفُرَاتِ، إلاَّ أنَّ الجُغْرافِييِّنَ المُحْدَثِينَ استَخْدَمُوهَا لِتُشَيْرَ للمِنْطَقَةِ بِكَامِلِهَا مِن جبالِ أَرْمِنيا شِمَالاً وحتى الخَليجِ الفَارِسي جَنوبَاً، وتَشْمَلُ حَضَارَةَ سُومَر وحَضَارَةَ بابلَ وحَضَارةَ أَشُور .
إنَّ مكانَ المرأةِ في بلادِ مَا بينَ النَهْرَين كانَ مَكَاناً مُتَرَدِّيَاً للغَايَةِ، فقدَ كانَت كَالسِلْعَةِ تُبَاعُ وتُشْتَرَى، وأحيَانَاً تُعْرَضُ للدَعَارَةِ طَلَبَاً للمَالِ، فَالفَاحِشَةُ كانَت شَائِعَةً في بلادِ مَا بينَ النَهْرَينِ حيثُ كانَ يُسْمَحُ للبَابِلينَ بِقَدْرٍ كَبيرٍ مِنَ العَلاقَاتِ الجِنْسيَّةِ، والسَيِئُّ في الأمرِ أَنَّ المرأةَ لَم يَكُنْ يُسْمَحُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ تُفَضَّ بَكَارَتُهَا مِن رَجلٍ غَيْرِ زوجِهَا المُتَوَقَّعِ، وفي ذلِكَ يقولُ "ول ديورانت" إنَّ هُناكَ قَانُوناً مَفَادُهُ: يَنْبَغِي لِكُلِّ امرأةٍ بابليَّةٍ أَنْ تَجْلِسَ في هَيْكَلِ الزُهْرَةِ مرَّةً في حياتِهَا وأَنْ تُضَاجِعَ رَجُلاً غَريْبَاً...يُلْقِي إليهَا أَحَدُ الغُرَبَاءِ قِطْعَةً مِنَ الفِضَّةِ في حِجْرِهَا ويُضَاجِعُهَا خارِجَ المَعْبَدِ .
ويَروي المُؤَرِّخُ اليُونانِيُّ "هيرودوت" أنَّ على أيِّ امرأةٍ كَلْدَانيَّةٍ في مدينةِ بابلَ أَنْ تَذْهَبَ إلى الزُهْرَة (مليتا) لِيُوَاقِعَهَا أجنَبِيٌّ حتى تَرْضَى عنْهَا (مليتا)، وليسَ لهذِهِ المرأةِ أَنْ تَرُدَّ مَنْ يَطْلُبُهَا كائِنَاً مَن كانَ مَا دامَ قَد رَمَى لَهَا بالمالِ الذي يُعْتَبَرُ مُقَدَّسَاً في ذلِكَ المَكانِ .
ويَحْكِي لنَا التَاريخُ أنَّ مَعْبَدَ "عشتروت" في بابلَ القديمَةِ كانَ يَمْتَلِئُ بالعَاهِراتِ اللائِي يَتَقَدَّمْنَ إلى زَائِري المَعْبَدِ، كَمَا كانَ على كُلِّ امرأةٍ أَنْ تَتَقَدَّمَ مرَّة ًعلى الأقَلِّ إلى مَعْبَدِ "فينوس" لِيُوَاقِعَها أيُّ زائِرٍ في المَعْبَدِ .
أمَّا الزواجُ في بلادِ مَا بينَ النَهْرَين فقد كانَ أَشْبَهَ بالبيعِ في المَزَادِ العَلَنِيِّ، يأتِي رجلٌ ومَعَهُ عددٌ مِنَ الفَتَيَاتِ ثمَّ يبدأُ المَزَادُ، فَيَبْدَأُ بِأَجمَلِهِنَّ ثمَّ التي تَلِيْهَا ثمَّ التي تَلِيْهَا وهَكَذا كَلَّمَا رَسَا المَزَادُ على شَخْصٍ كانَ هُوَ الزَوْجُ !!.
يقولُ لُويس فَرانك: إنَّ البَابِلييِّن كانُوا يُقِيْمُونَ كُلَّ عامٍ في المَدينةِ أو القَرْيَةِ سُوْقَاً فيذهَبُ الفِتْيَانُ إليهَا ويَشْتَرُون نِساءً بالمُزَاودةِ في ثَمَنِهِنَّ لإدِاَرةِ البيتِ والقيامِ بِمَا تَتَطلَّبُهُ الحياةُ الزوجيَّةُ .
وكانُوا يَعْتَقِدُونَ أنَّ التي تَتَزَوَّجُ ولا تَحْمِلُ تَكونُ مُصَابَةً بِلَعْنَةِ الآلِهَةِ أو أَنَّ بِهَا مَسَّاً مِنَ الشيطانِ ولذلِكَ فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ للرُقَى والطَلاسِمِ، فإذا ظَلَّت عَاقِراً بَعْدَ ذلِكَ فَلا بُدَّ مِن مَوْتِهَا للتَخَلُّصِ مِن لَعْنَتِهَا . كَمَا أنَّ عَقْدَ الزَواجِ الذي لا يُسْفِرُ عَن مَوْلُودٍ خلالَ عَشْرِ سنينَ يُعْتَبَرُ مَفْسُوخَاً !!.
أمَّا الطَلاقُ فَأَمْرُهُ أَعْجَبُ، فَمِن حَقِّ الرجلِ أَنْ يُطَلِّقَ زوجَتَهُ متى أَرَاد، أمَّا المرأةُ فإنَّها إِنْ أَبْدَت رَغْبَةً في الطَلاقِ مِنْ زَوجِهَا فإنَّها تُطْرَحُ في النَهْرِ لِتَغْرَقَ، أو تُطْرَدُ في الشوَارعِ نِصْفَ عَاريَةٍ لِتَتَعَرَّضَ للمَهَانَةِ والفُجُورِ .
الأصلُ اللَفْظِيُ لِبِلادِ مَا بينَ النَهْرَين ـ والتي يُطْلَقُ عليهَا أحيَاناً "بلادُ الرَافِدَين" هُوَ الكَلِمَةُ اللاتِينيَّةُ Mesopota Mia ومَعْنَاهَا "البلادُ التي تَقَعُ بينَ الأنْهَارِ" وهِي وُفْقَاً للتَسْمِيَةِ اليُونَانِيَّةِ القَديمةِ تَرْمُزُ للبلادِ التي تَقَعُ بينَ نَهْرَي دِجْلَةَ والفُرَاتِ، إلاَّ أنَّ الجُغْرافِييِّنَ المُحْدَثِينَ استَخْدَمُوهَا لِتُشَيْرَ للمِنْطَقَةِ بِكَامِلِهَا مِن جبالِ أَرْمِنيا شِمَالاً وحتى الخَليجِ الفَارِسي جَنوبَاً، وتَشْمَلُ حَضَارَةَ سُومَر وحَضَارَةَ بابلَ وحَضَارةَ أَشُور .
إنَّ مكانَ المرأةِ في بلادِ مَا بينَ النَهْرَين كانَ مَكَاناً مُتَرَدِّيَاً للغَايَةِ، فقدَ كانَت كَالسِلْعَةِ تُبَاعُ وتُشْتَرَى، وأحيَانَاً تُعْرَضُ للدَعَارَةِ طَلَبَاً للمَالِ، فَالفَاحِشَةُ كانَت شَائِعَةً في بلادِ مَا بينَ النَهْرَينِ حيثُ كانَ يُسْمَحُ للبَابِلينَ بِقَدْرٍ كَبيرٍ مِنَ العَلاقَاتِ الجِنْسيَّةِ، والسَيِئُّ في الأمرِ أَنَّ المرأةَ لَم يَكُنْ يُسْمَحُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ تُفَضَّ بَكَارَتُهَا مِن رَجلٍ غَيْرِ زوجِهَا المُتَوَقَّعِ، وفي ذلِكَ يقولُ "ول ديورانت" إنَّ هُناكَ قَانُوناً مَفَادُهُ: يَنْبَغِي لِكُلِّ امرأةٍ بابليَّةٍ أَنْ تَجْلِسَ في هَيْكَلِ الزُهْرَةِ مرَّةً في حياتِهَا وأَنْ تُضَاجِعَ رَجُلاً غَريْبَاً...يُلْقِي إليهَا أَحَدُ الغُرَبَاءِ قِطْعَةً مِنَ الفِضَّةِ في حِجْرِهَا ويُضَاجِعُهَا خارِجَ المَعْبَدِ .
ويَروي المُؤَرِّخُ اليُونانِيُّ "هيرودوت" أنَّ على أيِّ امرأةٍ كَلْدَانيَّةٍ في مدينةِ بابلَ أَنْ تَذْهَبَ إلى الزُهْرَة (مليتا) لِيُوَاقِعَهَا أجنَبِيٌّ حتى تَرْضَى عنْهَا (مليتا)، وليسَ لهذِهِ المرأةِ أَنْ تَرُدَّ مَنْ يَطْلُبُهَا كائِنَاً مَن كانَ مَا دامَ قَد رَمَى لَهَا بالمالِ الذي يُعْتَبَرُ مُقَدَّسَاً في ذلِكَ المَكانِ .
ويَحْكِي لنَا التَاريخُ أنَّ مَعْبَدَ "عشتروت" في بابلَ القديمَةِ كانَ يَمْتَلِئُ بالعَاهِراتِ اللائِي يَتَقَدَّمْنَ إلى زَائِري المَعْبَدِ، كَمَا كانَ على كُلِّ امرأةٍ أَنْ تَتَقَدَّمَ مرَّة ًعلى الأقَلِّ إلى مَعْبَدِ "فينوس" لِيُوَاقِعَها أيُّ زائِرٍ في المَعْبَدِ .
أمَّا الزواجُ في بلادِ مَا بينَ النَهْرَين فقد كانَ أَشْبَهَ بالبيعِ في المَزَادِ العَلَنِيِّ، يأتِي رجلٌ ومَعَهُ عددٌ مِنَ الفَتَيَاتِ ثمَّ يبدأُ المَزَادُ، فَيَبْدَأُ بِأَجمَلِهِنَّ ثمَّ التي تَلِيْهَا ثمَّ التي تَلِيْهَا وهَكَذا كَلَّمَا رَسَا المَزَادُ على شَخْصٍ كانَ هُوَ الزَوْجُ !!.
يقولُ لُويس فَرانك: إنَّ البَابِلييِّن كانُوا يُقِيْمُونَ كُلَّ عامٍ في المَدينةِ أو القَرْيَةِ سُوْقَاً فيذهَبُ الفِتْيَانُ إليهَا ويَشْتَرُون نِساءً بالمُزَاودةِ في ثَمَنِهِنَّ لإدِاَرةِ البيتِ والقيامِ بِمَا تَتَطلَّبُهُ الحياةُ الزوجيَّةُ .
وكانُوا يَعْتَقِدُونَ أنَّ التي تَتَزَوَّجُ ولا تَحْمِلُ تَكونُ مُصَابَةً بِلَعْنَةِ الآلِهَةِ أو أَنَّ بِهَا مَسَّاً مِنَ الشيطانِ ولذلِكَ فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ للرُقَى والطَلاسِمِ، فإذا ظَلَّت عَاقِراً بَعْدَ ذلِكَ فَلا بُدَّ مِن مَوْتِهَا للتَخَلُّصِ مِن لَعْنَتِهَا . كَمَا أنَّ عَقْدَ الزَواجِ الذي لا يُسْفِرُ عَن مَوْلُودٍ خلالَ عَشْرِ سنينَ يُعْتَبَرُ مَفْسُوخَاً !!.
أمَّا الطَلاقُ فَأَمْرُهُ أَعْجَبُ، فَمِن حَقِّ الرجلِ أَنْ يُطَلِّقَ زوجَتَهُ متى أَرَاد، أمَّا المرأةُ فإنَّها إِنْ أَبْدَت رَغْبَةً في الطَلاقِ مِنْ زَوجِهَا فإنَّها تُطْرَحُ في النَهْرِ لِتَغْرَقَ، أو تُطْرَدُ في الشوَارعِ نِصْفَ عَاريَةٍ لِتَتَعَرَّضَ للمَهَانَةِ والفُجُورِ .
مكانة المرأة قبل الإسلام.....عند الصينين القدماء
مكانةُ المرأةُ عندَ الصِينيِّين القُدماءِ
شُبِّهَت المرأةُ عندَهُم بالمياهِ المُؤْلِمَةِ التي تَغْتَالُ السعادةَ والمالَ، وللصينِيِّ الحقُّ في أَنْ يبيعَ زوجتَهُ كالجَاريَةِ، وإذا تَرَمَّلَتِ المرأةُ الصينيَّةُ أَصْبَحَ لأهلِ الزوجِ الحقُّ فيهَا كَثَرْوَةٍ، وتُوَرَّثُ، وللصِينِيِّ الحَقُّ أَنْ يدفِنَ زوجَتَهُ حيَّةً.
شُبِّهَت المرأةُ عندَهُم بالمياهِ المُؤْلِمَةِ التي تَغْتَالُ السعادةَ والمالَ، وللصينِيِّ الحقُّ في أَنْ يبيعَ زوجتَهُ كالجَاريَةِ، وإذا تَرَمَّلَتِ المرأةُ الصينيَّةُ أَصْبَحَ لأهلِ الزوجِ الحقُّ فيهَا كَثَرْوَةٍ، وتُوَرَّثُ، وللصِينِيِّ الحَقُّ أَنْ يدفِنَ زوجَتَهُ حيَّةً.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)